ألف مبروك لكل المغاربة، ولا عزاء لكل من يحاول تبخيس هذا الإنجاز

0

الانتفاضة // مصطفى الحسناوي

اليوم كان من بين الأيام المعدودة، التي شعرت فيها بالفخر.
في السابق كان من الممكن أن لا آبه نهائيا بهذا الحدث، وربما حتى كنت سأبخسه، لأن الاهتمام بقضايا الوطن، كان علامة إما على التملق للنظام، أو الخوف منه، أو علامة على عدم الاهتمام بقضايا الأمة، التي ينبغي أن تكون وحدها صاحبة الاهتمام، وأي قضية وطنية تزاحمها تعتبر خيانة للأمة.
كان الحديث عن قضية الصحراء، مخجلا ومحرجا، لأنه يصنفك تلقائيا في طبقة العياشة، داخل الوسط الذي كنت أنتمي إليه.
معاكسة قضايا الوطن، هي الطريقة المناسبة والرجولية، للتعبير عن المعارضة، ومناكفة النظام الحاكم، (والتقليز له من تحت الجلابة، وقليان السم له، ووضع العصا له في العجلة). هكذا كنت أفهم النضال والمعارضة والبطولة… في وسط كان كله ينظر للأمر بهذا المنظار.
لكنني بعد زمن طويل، لاحظت أن من يفعل (هاد الخصايل) مع دولته ونظام بلاده، لايجد أي حرج في التملق، (ومسح الكاپا) لدول وأنظمة أخرى.
فأي نضال ورجولة وبطولة هذه؟؟
أن تهاجم النظام المغربي، وتدافع عن النظام الجزائري، أو تسكت عن تجاوزاته.
تهاجم دولتك، وتدافع عن قطر، أو إيران…
تهاجم السياسة الخارجية لبلدك، وتدافع عن السياسة الخارجية لتركيا.
تهاجم اهتمام نظام بلدك، بمصالح الوطن، وتدافع عن اهتمام النظام السوري مثلا بمصالح سوريا، وتبرر له في سبيل ذلك كل الخطوات التي يقوم بها، وتعتبر ذلك حنكة ودهاء.
إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لاترى حنكة ودهاء دولتك، وديبلوماسيتها وسياستها الخارجية الناجحة؟
لماذا لاتنظر لما تحققه وحققته، والكوارث التي منعت حدوثها، لو أن المغرب تعرض للتقسيم، وذهبت نصف مساحته.
لقد أخذت منا قضية الصحراء نصف قرن بالتمام والكمال، مقسومة بالتساوي على الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس، كل ملك قضى ربع قرن يحاول أن يستل هذه الشعرة من العجين الذي عجنته دول المعسكر الشرقي.
اليوم نجني ثمار كل تلك المحاولات، التي شابتها الأخطاء، لكن الأمر عادي جدا، ليست هناك أية ضمانات، أننا لو سلكنا مسارات أخرى، أننا كنا لن نصادف عقبات وأخطاء وأخطار.
لقد أحسن المغرب اختيار معسكره، واختيار حلفائه، وعرف كيف يدير معاركه، تصرف بذكاء ودهاء، وواكب التغيرات والتحولات الجيوستراتيجية، وكان في مستوى الحدث، وعرف من أين تؤكل الكتف. ولم يبق حبيس تصورات ماضوية، وشعارات زائفة، كما هو حال الجارة الجزائر ومن يدور في فلكها، وهذا إنجاز على كل مغربي حر أن يفخر به.
اليوم تجني الديبلوماسية المغربية ومعها المغاربة قاطبة، ثمار السياسة التي اختارتها المملكة، خاصة في السنوات الأخيرة.
اليوم يقول المغربي كما يقول كل من يبرر للدول الأخرى، نعم من حقنا أن نفعل مانشاء، لأننا نحمي بلدنا من التقسيم، ونحافظ على وحدته، ونسعى لتحريره، فلاشأن لأي كان، في سياستنا الخارجية وعلاقاتنا واتصالاتنا.
الصحراء قضيتنا المقدسة، التي سال لعاب ذئاب وكلاب كثيرة عليها، ونهشتنا ضباع كثيرة أيضا بسببها.
والمغرب أثبت للعالم أنه لايتنازل عن حقه، فصبر وثبت واستعمل كل الوسائل، من حرب وسلم وتفاوض وديبلوماسية…. وأثبت أنه أهل لاسترجاع صحرائه
اليوم آن للمغاربة أن يفخروا بدولتهم، وبديبلوماسيتها وبسياستها الخارجية…
أن يفخروا برؤية ومقترح ومشروع ومقاربة بلدهم، التي أصبحت مرجعا، يرجع إليه الجميع، وواقعا ينصاع له الجميع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.