الانتفاضة // إلهام أوكادير
في خضم التحديات المتزايدة و المرتبطة بندرة الموارد المائية، و التي تعمقت بسبب توالي سنوات الجفاف ببلادنا، تواصل جهة الشرق تعزيز موقعها كفاعل رئيسي في تنزيل البرنامج الوطني للإقتصاد في مياه السقي، من خلال مشاريع إستراتيجية، تترجم التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى واقع ملموس.
هذه المشاريع تنخرط في إطار الإستراتيجية الوطنية “الجيل الأخضر 2020-2030″، التي تسعى إلى ترسيخ نموذج فلاحي حديث، و مستدام، وقادر على التكيف مع المتغيرات المناخية من جهة، و تعزيز النجاعة في إستخدام الماء والطاقة من جهة أخرى.
ومن أبرز معالم هذا التحول، مشروع تأمين مياه السقي بسهل ملوية، إنطلاقًا من محطة لتحلية مياه البحر بمدينة الناظور، فهذا الورش الضخم لا يكتفي فقط بتوفير المياه للري، بل يضمن كذلك تزويد السكان بالماء الصالح للشرب، بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 300 مليون متر مكعب، يخصص منها 160 مليون للفلاحة، و140 مليون أخرى للاستهلاك المنزلي.
ومن المنتظر أن يساهم هذا المشروع في سقي ما يقرب من 30 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية ذات القيمة العالية بإقليمي الناظور وبركان، مما يعزز إستدامة الأنشطة الفلاحية، ويرفع من مردودية الضيعات، رغم التحديات المناخية التي تميز المنطقة.
و في السياق ذاته، يشهد سهل “الكارت” بدوره نقلة نوعية، من خلال مشروع لعصرنة أنظمة الري، تنفذه مصالح المكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي لملوية، بتكلفة تفوق 900 مليون درهم، دون إحتساب كلفة تجهيز الضيعات، التي سيتكفل بها صندوق التنمية الفلاحية.
كما سيستفيد من هذا المشروع أكثر من 3300 فلاح موزعين على جماعات “تيزطوطين”، بني وكيل “أولاد امحند”، وحاسي بركان، بحيث سيغطي المشروع مساحة تناهز 13.500 هكتار، مع التركيز على إعتماد تقنية الري الموضعي بالتنقيط، كخيار أكثر نجاعة وإقتصادًا في إستعمال الماء.
فهذه المقاربة الحديثة، من شأنها أن ترفع من فعالية شبكة الري من 70 إلى 85 في المائة، وتُقلص من إستهلاك المياه بنحو 15 مليون متر مكعب سنويًا، فضلًا عن الرفع من قيمة تثمين مياه السقي من 3.7 إلى 5.4 دراهم للمتر المكعب.
ويتضمن المشروع إنشاء قنوات رئيسية على إمتداد 2.6 كيلومتر، و كذا بناء أربع محطات ضخٍّ، وثلاث محطات تصفية جماعية، إضافة إلى خزانين للموازنة، بسعة إجمالية تصل إلى 240 ألف متر مكعب، فضلًا عن تزويد الضيعات بأزيد من 4000 مأخذ فردي للري بالتنقيط.
وفي خطوة استباقية تروم تأمين الموارد المائية مستقبلاً، أطلق المكتب الجهوي دراسة جديدة لتحديث شبكة الري على مساحة إضافية تتجاوز 35 ألف هكتار، في أفق ربطها هي الأخرى بمحطة التحلية.
وفي تصريح له، أكد المدير الجهوي للمكتب، “محمد اليعقوبي”، أن هذه الأوراش المندمجة التي تشمل أيضًا مشاريع كبرى مثل تحلية مياه البحر، وتشييد سدود جديدة، وتوسعة سد محمد الخامس لبلوغ طاقة إستيعابية تقدر بمليار متر مكعب، تشكل صمّام أمان حيوي، لضمان التزود بالماء على المدى البعيد، في ظل ما يشهده المناخ من تحولات متسارعة.
التعليقات مغلقة.