غزة أمام ضمير العالم

الانتفاضة// إلهام أوكادير // صحفية متدربة

في ظل إستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تعود الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى واجهة المشهد الدولي، حيث أجرت يوم أمس، ال12 من يونيو 2025، تصويتًا حاسمًا على مشروع قرار، يدعو إلى وقفٍ دائمٍ وغير مشروط لإطلاق النار.

يأتي هذا التصويت، بعد أسبوع من تعطيل الولايات المتحدة، مشروعًا مماثلًا في مجلس الأمن، باستخدامها لحق النقض “الفيتو”، وهو ما زاد من زخمِ الضغوطِ الدولية، داخل أروقة الأمم المتحدة.

ورغم أن قرارات الجمعية العامة لا تحمل صبغة الإلزام، إلا أن التصويت المتوقع بأن يحظى بتأييد واسع من الدول الأعضاء الـ193، بالإضافة لعدم إمتلاك أي دولة حق الإعتراض كما هو الحال بالنسبة لمجلس الأمن، سيعكس موقفًا دوليًا قويًا تجاه ما يجري في غزة.

فهذه المبادرة، وإن كانت رمزية من الناحية القانونية، إلا أنها تمثل نبض العالم في وجه الحرب المستعرة، التي أودت بحياة أكثر من 180 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، فضلًا عن آلاف المفقودين منذ السابع من أكتوبر 2023 .

هذا التحرك الأممي، أثار حفيظة إسرائيل، التي وصفت الخطوة، في تعبير إستهزائي، بأنها “إستعراض سياسي فارغ”، داعية الدول إلى مقاطعة التصويت.

وفي رسالة وجهها مندوبها الدائم إلى الأمم المتحدة، “داني دانون”، وصف مشروع القرار بـ”المجحف” و”المعيب”، معتبراً أنه يتجاهل ما سماها بـ”انتهاكات حماس”، ويُضعف المفاوضات الجارية بشأن ملف الرهائن.

لكن رغم الإعتراضات، فالمعطيات الدبلوماسية الملموسة تشير، إلى أن الموقف العالمي آخذ في التشدد.

فقد سبق للجمعية العامة أن طالبت بهدنة إنسانية في أكتوبر 2023 بأغلبية 120 صوتًا، ثم صوّتت 153 دولة في ديسمبر من العام نفسه، لصالح وقف إطلاق النار، ليرتفع العدد إلى 158 دولة بحلول ديسمبر 2024، في تأكيدٍ على تنامي الدعم الدولي لوقف الحرب.

ويتزامن التصويت الجديد مع إستعدادات الأمم المتحدة، لعقد مؤتمر دولي مرتقب الأسبوع المقبل، بالإضافة لدفع جهود السلام وتحقيق حل الدولتين.

في المقابل، تستمر واشنطن في لعب دور الرافض، حيث حثت حلفاءها على عدم دعم القرار الأممي الأخير، في موقف يُنظر إليه على أنه يزيد من عزلة السياسة الأميركية تجاه النزاع في غزة.

وفي مجلس الأمن، كانت جميع الدول الأعضاء -بإستثناء الولايات المتحدة- قد صوّتت لصالح مشروع قرار، يدعو إلى وقف إطلاق النار وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ما يعكس توافقًا شبه كامل على إنهاء المأساة، بإستثناء الفيتو الأميركي، الذي يعرقل حتى الآن، أي تحركٍ عملي من قبل المجلس.

وفي وقت يُنتظر فيه أن تعبر الجمعية العامة عن ضمير العالم، يبقى السؤال المطروح: هل يكفي الصوت الجماعي لعزل منطق الحرب، أم أن صمت البنادق مازال مرهونًا بحسابات القوى الكبرى؟

التعليقات مغلقة.