الإنتفاضة // حسن الخباز
عاد “رامي مخلوف” إلى واجهة الأحداث، بعد التحقيق الإستقصائي الذي أعدّته عنه جريدة “فاينانشال تايمز”، والذي عنونته “رامي مخلوف”، من القمّة إلى الهاوية”، حيث رصدت سُبل مراكمته للمليارات، ليُصبح في سنوات قليلة، أحد أغنى أغنياء العالم.
فبمجرد تقلّد بشار زمام السلطة عام 2000، وبسبب ضعف خبرته السياسية والإقتصادية، أصبح المجال خصبًا أمام خاله محمد مخلوف، كمستشار فعلي ومؤثّر خلف الكواليس، إستفاد من ثقة الأسد، الإبن الذي أُعجب بطريقة إدارته ومهاراته الإقتصادية، ليضع خطة إستراتيجية مُحكمة هدفها الأساس، السيطرة على مفاصل الإقتصاد السوري، وعلى رأسها النفط، والإتصالات، والقطاع المصرفي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ عائلتي مخلوف والأسد بين عامي 2000-2007، سيطرتا على أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي السوري، والمقدّر حينها بنحو 60 مليار دولار، في الوقت الذي بلغت الثروة الإجمالية للعائلتين أكثر من 10 مليارات دولار، في مؤشّر واضح على حجم التغلغل الذي حققته هذه الشبكة العائلية، خلال سنوات حكم بشار الأسد الأولى.
تدرّب رامي على يد والده على تسيير العمليات التجارية، والتي شاركه أغلبها، كونه بدأ نشاطه مبكرًا، مستغلا فترة الحظر الإقتصادي، لتهريب المواد الغذائية والكهربائية من لبنان وتركيا، مستفيدًا من حصانة عائلته، حيث عزّز شبكة علاقاته الإجتماعية والسياسية، بمصاهرته محافظ درعا وليد عثمان.
وقد قُدِّرت ثروته الشخصية عام 2008 بنحو 6 مليارات دولار أمريكي، حيث كان مالكًا لشركة “سيريتل”، وإستثمارات واسعة بقطاعات العقارات، والمصارف، والأسواق الحرة، والمناطق التجارية على الحدود اللبنانية.
وقد حرص رامي مخلوف على الحصول على الوكالة الحصرية لشركة “مرسيدس” بسوريا، بعدما ضغط بقوّة لتمرير قانون يمنع الشركة الألمانية من تصدير قطع الغيار إلى السوق السورية، ما لم تمنحه حق الامتياز الحصري.
جدير بالذكر أنّ نشاط رامي مخلوف الخارجي، قد إنطلق مباشرة بعد مقتل الحريري، حيث حوّل أموالًا لبعض البلدان قصد إستثمارها.
وقد حرص رامي على الإبتعاد عن الأضواء، أثناء إدارته للإمبراطورية الإقتصادية لعائلتي مخلوف والأسد، حيث إعتبر المحللون، أنّ هذه الإمبراطورية الإقتصادية والصناعية والإعلامية الكبيرة، غطاءً يعمل ليل نهار، لغسل أموال أمور غير مشروعة، وصفقات فساد تُعدّ بالمليارات.
هذا، وقد أصدرت وزارة الخزانة الأميركية عام 2008، تقريرًا اتّهمت من خلاله رامي مخلوف، بالاستفادة من الفساد المستشري في سوريا، واحتكاره سلعًا مربحة، وإستغلال نفوذه للضغط على القضاء، وإستخدام المخابرات لترهيب منافسيه.
نهاية إمبراطورية مخلوف انطلقت شهر مايو 2011، بعدما فرض الإتحاد الأوروبي عقوبات مباشرة عليه، لإتهامه بتمويل النظام السوري ودعمه لوجستيكيًا، وقمع الإحتجاجات الشعبية التي عرفتها الثورة السورية.
إنحنى رامي للعاصفة بعد ثورة 2011، وإنسحب من عالم الأعمال في سوريا، محاولةً منه لإمتصاص غضب الشارع السوري.
وفي السياق نفسه، اتّخذ نظام بشار الأسد حينها، عقوبات في حق رامي مخلوف، عبر إصدار قرار مؤقت يمنعه من السفر، كما حجز على ممتلكاته، وصادر “جمعية البستان”، كغطاء إنساني لنشاطاته الإقتصادية، وفكّك المجموعات المسلحة التابعة له، ومنعه من إبرام أي عقود مع الحكومة، معيناً حارسًا قضائيًا على شركة “سيريتل” التي كان يديرها.
وقد وصل الأمر عام 2020، إلى وضع بشار الأسد لابن خاله رامي مخلوف تحت الإقامة الجبرية، بعد تصاعد الغضب الشعبي ضد إستعراض عائلته مظاهر الثراء الفاحش، ليخرج بعدها رامي مخلوف عن صمته، عبر مقاطع مصوّرة من منزله، متحدثًا إلى بشار الأسد، عن “ظلم” يتعرّض له نتيجة مصادرة أمواله، مشيرًا لمؤامرة داخل الدائرة الضيّقة للرئيس، تهدف إقصائه من الساحة الإقتصادية والسياسية.
التعليقات مغلقة.