عبيابة: التقارير المتحيزة قد تكون سببا في فشل مجلس الأمن في حل موضوع الصحراء المغربية

الانتفاضة

يبدو أن النظام الدولي الذي ترسخ بعد الحرب العالمية الثانية، وتجسد في مؤسسات الأمم المتحدة، بما فيها مجلس الأمن لم يعد مناسبا اليوم في حل العديد من القضايا الدولية والإقليمية، وذلك بسبب غياب الحياد والموضوعية، وهذا ما جعل العديد من القضايا الدولية والإقليمية عالقة بدون حل لمدة عقود، والمناسبة في هذا الحديث هو صدور تقرير عن مجلس الأمن الدولي حول الصحراء المغربية اعتمد فيه صيغة “الطرفين” في الفقرة المتعلقة بالصحراء المغربية في إشارة إلى المغرب وجبهة البوليساريو، والتي تعتبر خروجا عن السياق الدولي لموضوع الصحراء المغربية وبعيدا كل البعث الحياد والموضوعية، ولايمكن لمجلس الأمن كمؤسسة أممية مختصة لبث النزاع في القضايا الدولية أن تقع في خطأ مثل هذا، لأنه أصلا يخالف مبادئ وميثاق الأمم المتحدة.

فكيف يمكن لطرف إنفصالي قريب من تصنيفه منظمة إرهابية وفق قناعات العديد من الدول، وليس له أي إعتراف دولي رسمي أن يصبح طرفا لوحده واستبعاد الطرف الداعم والحاضن والممول ماليا وعسكريا، مع العلم أن كل التقارير السابقة كانت تنص على أن العملية السياسية في الصحراء المغربية تشمل أربعة أطراف، وليس “طرفين” فقط، وهذا ما ينطبق في النزاعات الدولية فمثلا روسيا لاتتهم أوكرانيا فقط كطرف، وإنما تعتبر الحلف الأطلنتي كله طرفا رئيسيا في الحرب والسلم، كما أن الصين في نزاعها مع جارتها تايوان تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية طرفا رئيسيا، لأنها تدافع عن هذه الآخيرة، والنزاع في الشرق الأوسط، تعتبر فيه الأمم المتحدة كل دول المنطقة المعنية أطراف (فتركيا طرف ودول الخليج طرف ومصر طرف وسوريا طرف ولبنان طرف وإسرائيل طرف )، وتتفاوض مع الجميع، وهي حالات مشابهة تماما مع موضوع الصحراء المغربية، فأين المنطق الأممي من قضية الصحراء المغربية.

نحن نعلم بأن هذا ( تقرير وليس قرار )، ولكن التصور الأممي المفضي للحل منحرف تماما، ولذلك عارضته عدة دول إفريقية وأوروبية، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وسيراليون، بسبب ما وصف بأنه “تحريف سياسي” لموقف الأمم المتحدة تجاه النزاع الإقليمي، لأن كلمة الطرفين ( جملة سياسية من أطراف داخل مجلس الأمن وليس جملة قانونية أممية ) ونحن مع الرفض التام لمثل هذه التقارير المشبوهة، الذي عبر سفير المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة السيد عمر هلال، والذي أكد فيه أن التقرير أغفل المواقف المعلنة لغالبية أعضاء المجلس واعتمد على وجهة نظر أحادية، تخدم أطرافا معلومة ومشبوهة، في إشارة ضمنية إلى الجزائر والبوليساريو، إذا كان البعض يعتقد بأن وجود في تقرير عابر وغير ملزم قد يثني المغرب في مساره الدبلوماسي القوي وفي الحصول على المزيد من المكتسبات لصالح الوحدة الترابية فهو مخطئ، فقرار مغربية الصحراء قرار سيادي للمغاربة لارجعة فيه.

الحسن عبيابة وزير سابق و رئيس مركز إبن بطوطة للدراسات العلمية والإستراتيجية

التعليقات مغلقة.