الانتفاضة
أسدلت الغرفة الجنحية العادية بالمحكمة الابتدائية بمراكش، صباح الخميس 29 ماي الجاري، الستار على إحدى أكثر القضايا إثارة للجدل، وذلك بإصدار حكم، يقضي ببراءة البرلماني عن حزب الاستقلال، والرئيس السابق لجماعة السويهلة، “عبد الرزاق أحلوش”، من تُهمٍ ترتبط بإعداد وثائق تتعلق بتفويت عقارات سلالية وتسليمها لأشخاص لا يملكون الحق فيها قانونًا، إلى جانب تبرئة متهمين آخرين في الملف ذاته.
فالقضية التي كانت قد حظيت باهتمام كبير في الأوساط السياسية والإعلامية، فُتِحت على خلفية شكاية تقدم بها وزير الداخلية، بصفته مطالبًا بالحق المدني، إتهم فيها “أحلوش”، بالتلاعب بأكثر من 400 عقد عرفي، يخص تفويت أراضٍ مملوكة للجماعة السلالية، غير أن المحكمة، في شقها المدني، قضت بعدم الاختصاص للبث في المطالب المدنية، المقدمة ضده من طرف الوزير.
وفي سياق متصل، يُشار إلى أن المحكمة الإدارية بمراكش، كانت قد أصدرت في فبراير 2023، حكمًا يقضي بعزل “أحلوش” من رئاسة وعضوية مجلس جماعة السويهلة، بالإضافة إلى عزل ثلاثة من نوابه، مع ما رافق الحكم من تنفيذٍ عاجل، وتحميلِ المدعى عليهم مصاريف القضية، وهو الحكم الذي أيدته لاحقًا محكمة الاستئناف.
هذا القرار الإداري، جاء عقب تقريرٍ صادرٍ عن المفتشية العامة للإدارة الترابية، والذي تضمّن رصدًا لمجموعة من الاختلالات والتجاوزات التي نسبت إلى الرئيس ونوابه، خلال فترة تدبيرهم لشؤون الجماعة، وهو التقرير نفسه الذي استندت إليه وزارة الداخلية، لتقديم الشكاية ضد البرلماني الاستقلالي.
ومما هو جلي، فإن الحكم القضائي ببراءة “أحلوش”، يُعيد إلى الواجهة الجدل القديم الجديد، حول الهوة القائمة بين تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية، باعتبارها هيئة رقابية إدارية، وبين توجّهات القضاء الذي يستند إلى معايير الإثبات القانونية والمعطيات الملموسة داخل جلسات المحاكمة.
وليست هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها “عبد الرزاق أحلوش”، من الخروج منتصرًا أمام خصومه السياسيين، فقد سبق له خلال الولاية السابقة، أن واجه قرارات مماثلة صادرة عن وزارة الداخلية، وخرج منها معزّزًا بقرارات قضائية لصالحه.
ويبقى السؤال المطروح في الساحة السياسية: هل يشكل “عبد الرزاق أحلوش” فعلاً، تحديًا حقيقيًا لوزارة الداخلية، أم أن سلسلة الانتصارات القضائية المتكررة ما هي إلا محض صدفة؟ الجواب سيتضح ربما في قادم المحطات السياسية والقضائية.
التعليقات مغلقة.