الانتفاضة الصويرة
بقلم محمد السعيد مازغ. تصاعدت في الآونة الأخيرة أصوات الغضب في مدينة الصويرة، احتجاجًا على قرار إزالة سوق “السقالة” الأسبوعي، الذي بات جزءًا من طقوس الأحد لدى سكان المدينة وزوارها، بمن فيهم الأجانب الذين لا يخلو السوق من توافدهم اللافت. وسط مساحة ترابية مفتوحة، تصطف الطاولات والعربات والفرّاشة، وتُعرض كل أنواع البضائع، من الجديد إلى المستعمل، ومن العصري إلى التقليدي. هنا، في هذا الفضاء الشعبي الذي ينبض بالحياة، تتوافد النساء والرجال باكرًا، في سباق غير معلن للفوز بأفضل السلع قبل أن يكتظ المكان وتشتد المنافسة. لكن خلف هذا المشهد النابض بالحركة، تطل مفارقة صارخة: سوق يلبّي حاجات شريحة واسعة من المواطنين بأسعار مناسبة، ويشكّل مصدر دخل لعدد كبير من الباعة البسطاء، وفي الوقت نفسه، يُتهم بتشويه صورة مدينة سياحية عالمية، يُفترض أن تسوّق لهدوئها، ونظافتها، وتنظيمها الحضري المتقن. يقع السوق على أطراف منطقة صناعية مهجورة، حيث المصانع القديمة التي أغلقت أبوابها، وخلّفت وراءها عمالًا مشردين ورمالًا زاحفة وروث خيول ونفايات متراكمة. المشهد، بكل تفاصيله، يقدّم صورة قاتمة عن التناقض الذي تعيشه الصويرة: مدينة تُراهن على السياحة الدولية، وتستقبل الزوار من كل أصقاع العالم، لكنها تعجز عن تنظيم فضاء حيوي يخدم سكانها ويدعم اقتصادها المحلي.
إزالة السوق، وإن كانت مبرّرة من حيث الشكل والمشهد الحضري، إلا أنها لم تأخذ في الاعتبار واقع العائلات التي تعتمد عليه، سواء في كسب قوت يومها أو في اقتناء حاجياتها بأسعار أقل من تلك المعروضة في المحلات المنظمة. فالحل، بحسب العديد من الفاعلين المحليين، لا يكمن في الطرد والمنع، بل في التنظيم والتأطير وتوفير بدائل تحفظ كرامة الباعة وتراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
اليوم، يتساءل المواطن الصويري عن الجدوى من قرار الإزالة دون خطة بديلة. هل يُعقل أن يُعاقَب الفقير لأنه يعاني؟ وهل تكون التنمية مرادفًا للإقصاء بدل الإدماج؟ السوق قد يكون فوضويًا في صورته، لكن الحاجة إليه منظمة في نفوس الناس. الساكنة تطالب بحلول واقعية توازن بين متطلبات الجمال الحضري والحاجة الاجتماعية، فالتنمية لا تكتمل إلا حين تشمل الجميع، دون استثناء أو تهميش. محمد السعيد مازغ
التعليقات مغلقة.