- الإنتفاضة // إلهام أوكادير // صحفية متدربة
إن من أبرز مظاهر حفظِ كرامة الافراد داخل أيّ مجتمعٍ كان, هو تحقُّق العيش الكريم, و يُراد به، مستويات العيش الأدنى, التي تغنيه عن السؤال و الحاجة و العوز, و التي من شأنها أن تضمن الحاجياتِ الاساسية من أكلٍ و شربٍ و لِبس و استشفاءٍ و تعليمٍ و تنقُّل, ناهيك عن السكن.
فإذا ما وجّهنا مجهرنا اليوم صَوب مجتمعنا، قصدَ الملاحظةِ و الفهم, لوجدنا تناقضا مٌحيِّراً, بين ما تعيشه أغلب الأسرِ من أوضاعَ ماديةً صعبة, و ما تقوم به الدولة بمختلف أجهزتها, خاصة الإقتصادية و التنموية منها؛ تناقض يكاد يشُلُّ العقل المنطقي.
ففي الوقت الذي تشتغل فيه الدولة على تطبيق و تفعيل جُملةٍ من المشاريعِ و المبادرات, و البرامجِ التنمويةِ و الإجتماعية, و الورشاتِ الكبرى، على مختلف الميادين, نجد أن الحالَ الماديَ للأفرادِ مازال كما هو, فمعدل البطالة في ارتفاعٍ مستمرٍّ, صعوبةٌ في الحصول على عملٍ قارّ, أجر زهيدٌ مقابل ساعات طويلة من العمل, تقاعسٌ في أداء الأجورِ يشتكي منه كثيرون, خرّيجونَ في طوابيرَ طويلةَ، يتنافسون على فرصٍ قليلة, صعوبةُ بل استحالةُ حصولِ الفقير على سكنٍ ساترٍ، حتى و إن كان تحت مسمّى السكنِ الإقتصادي, هذا الأخير الذي يستوجبُ دفعَ ما لايقل عن271 ألف درهم بالتمام و الكمال, نساءٌ يتخبّطن في أعمالِ التنظيف المرهقةِ لساعات عدة، قصد إعالة أُسرهن العاطلة, شبابٌ يحملون العبئَ المُقلقَ لصعوبةِ تاسيسِ مستقبلٍ مادّي مريح, أُجراءٌ كبار السن يعانون الامرّينِ مع حرف تقليدية متعبةٍ، لا يجدون عنها حِوَلا …..
دون أن نغفل ما تعيشه الأسرُ من ضغوطاتٍ داخلية و نفسية متواصلة، غالبا ما تُترجمُ إلى مظاهر أخرى إجتماعية_سلبية, تجعلُ من فكرةِ تأسيس أُسرةٍ، كابوساً مخيفاً لدى العديد من الشباب, في ظل ما ذكرناه من أوضاع .
فإذا كان هذا حال الأسرِ في المدن الكبرى، التي من المفترض أن توفّرَ شركاتها و إداراتها الحكومية منها و الخاصة، ما يكفي من فرصِ العمل, كيف هو حالهم في المدن الصغيرة التي تعرف ركودا و تهميشاً تنموياً، و ما اكثرها ؟.
لماذا لا نلمسُ إستفادةً حقيقيةً لهذه الفئة، من كل البرامج التي تستهدف النهوض بالأوضاع الإجتماعية؟ وما الفائدة من كثرة الشروط المعقدة، التي تُقصِي حتى من يمتلك هاتفاً نقّالاً من الإستفادةِ من دعمٍ بسيطٍ يكاد لا يكفي حتى لسدّ جوعه ؟
إنّ ما جعل اليومَ قلمي يخُطُّ دون توقّف, هو سؤالٌ مباشرٌ خانق، لا أجد له جواباً شافياً، رغم كلِّ ما أدركه من أبعادَ مختلفةٍ لهذه المشكلة, لماذا يبقى الفقير فقيرا رغم كل ما يقوم به من جهود؟ هل هي مشكلة فردية ام مُجتمعية، أم أنّها مسؤوليةُ الدولةِ الكاملةِ كما يقول كثيرون؟ أين يكمن الخلل؟ و ما الحلّ ؟
التعليقات مغلقة.