الانتفاضة الصويرة
بقلم : محمد أمين وشن
في الوقت الذي تستعد فيه مدينة مراكش لخطوة نوعية في مجال النقل العمومي عبر صفقة ضخمة لتحديث أسطولها بـ306 حافلة جديدة بتكلفة تتجاوز 703 مليون درهم ، تواصل مدينة الصويرة على بعد أقل من 200 كلم الانزلاق في نفق مظلم من الرداءة والعشوائية في قطاع النقل الحضري تحت إشراف شركة ” ليما بيس” التي تحولت إلى رمز للفشل وسوء التدبير. ما يميز مشروع “مراكش موبيليتي” ليس فقط حجم الاستثمار، بل وضوح الرؤية حيث حافلات حضرية وشبه حضرية موزعة حسب الحاجة آليات تمويل دقيقة وصفقات شفافة تمهيداً لتفويت التدبير لشركة خاصة وفق دفتر تحملات ، مقابل ذلك تعاني الصويرة من غياب أي مشروع متكامل أو استشراف مستقبلي حيث تكتفي ” ليما بيس” بتشغيل أسطول متقادم غير مناسب جغرافياً ولا ديموغرافياً لاحتياجات المدينة. الصفقة المراكشية التي ستُفتح أظرفتها المالية يوم 6 ماي 2025، تتمتع بقدر عالٍ من الشفافية والمؤسساتية، بينما لم تُعرض أي تفاصيل مالية أو تقنية بخصوص عقد ” ليما بيس” بالصويرة ولا يعرف الرأي العام كيف تم تفويت التدبير ولا ما هي الالتزامات المفروضة على الشركة والأسوأ أن خدمات النقل تزداد تدهوراً وسط غياب أي محاسبة أو تقييم حقيقي . في مراكش، الحديث عن حافلات بطول 18 و15 متراً، بتكييف وجودة ، في حين تتجول في شوارع الصويرة حافلات مستعملة ، متآكلة ، تفتقر لأبسط شروط السلامة والراحة أغلبها لا تحترم توقيتاً منتظماً، ولا تتوفر على أنظمة إلكترونية للولوج، ما يعمق معاناة المواطنين، خصوصاً النساء والطلبة وذوي الاحتياجات الخاصة.
وراء نجاح “مراكش موبيليتي” تقف مجموعة جماعات ترابية قوية قادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية وتنفيذها، بينما تفتقر الصويرة إلى نفس الدينامية إذ تظل العلاقة بين مجموعة جماعات الصويرة للنقل وشركة ” ليما بيس” غامضة ، غير خاضعة لمراقبة حقيقية ، ولا تتجاوب مع شكايات المواطنين أو تقارير الفعاليات المدنية .
الفرق بين مراكش والصويرة في ملف النقل العمومي ليس فقط فرق ميزانيات ، بل فرق في الرؤية والإرادة السياسية والحكامة وإذا كانت مدينة مراكش تسعى لأن تجعل من النقل رافعة لجاذبيتها وتنافسيتها ، فإن الصويرة للأسف، تواصل سياسة الهروب إلى الأمام ، تاركة ساكنتها رهينة لشركة عاجزة عن مواكبة الحد الأدنى من تطلعات المواطنين و مواكبة تطور المدن
أليس آن الأوان لإعادة النظر في تجربة ” ليما بيس”، والمطالبة بتدبير حديث وشفاف لهذا القطاع الحيوي بالصويرة ؟
التعليقات مغلقة.