الانتفاضة/ ابراهيم أكرام
لقد قام حزب الاتحاد الدستوري في عهد الرعيل الاول وجيل المؤسسين بأدوار طلائعية في المشهد الحزبي والسياسي المغربي، وقارب مختلف المواضيع والنقاشات والتي تتطلب جرأة وطنية وحسا مغربيا ورؤية مستقبلية وخطة مدروسة وأفكار تقدمية ومتميزة تستطيع أن تقابل الرأي بالرأي والحجة بالحجة والدليل بالدليل، وهو ما كان يتوفر عليه المرحوم عبد اللطيف السملالي ، والثلة السياسية من المؤسسين الأوائل والذين سطع معهم نجم الحزب إلى الأعالي، وكان يضرب به المثل في القوة والديمقراطية الحقيقية والتداول السلمي للمناصب.
يعتبر هذا الرجل من أرقى الشخصيات المثالية في عالم صناع القرار بدواليب الحياة السياسية في المغرب.
وقد كان الكبير والصغير يتحدث عنه ويثني على مزاياه كرجل شعبي في قمة الوفاء لرفاقه ولمبادئه. وفي تجربته في الاتحاد الدستوري، كان السملالي يرغب في أن يكون الرجل الثاني بعد المعطي بوعبيد، وكان مهتما أكثر بالجانب التنظيمي، خصوصا في اتجاه تأسيس منظمات موازية في الشباب والمرأة. وقد عرفت عنه صرامته في اتخاذ القرارات، إذ كان على عكس الرئيس بوعبيد يميل إلى الحسم بسرعة، مهما تكن النتيجة، وكان يعتبر نفسه المحاور الأساسي للسلطة، إذ استمر في إدارة شؤون الحزب وقطاع الشبيبة والرياضة، على حد سواء، بعد مجيء الوزير الأول محمد كريم العمراني.
الذين عايشوا عبد اللطيف السملالي في تجربته الحزبية والسياسية يؤكدون أنه كان ذا توجه توافقي، وكان السملالي يتدخل للإبقاء على جسور الحوار في القضايا التي تكون محل خلاف، ولو أنها لم تتجاوز إشكاليات في تأمين حضور الاتحاد الدستوري في الترتيبات الحكومية اللاحقة. كذلك حين كانت تنقطع حبال الود بين بوعبيد والبصري، كان يسارع إلى الدخول بـ«خيط أبيض» لحل المشاكل العالقة، فقد كان أكثر واقعية، ويقيس الأشياء بخلفياتها ومبرراتها السياسية.
وحين اندلعت يوما عاصفة ضد المعطي بوعبيد، لم يجد السملالي أي حرج في أن يقسم لرفيقه، على كتاب الله، أنه سيظل مخلصا ووفيا لقيادته. غير أنه بعد غياب بوعبيد، سارع الاتحاد الدستوري إلى اختيار مبدإ القيادة الجماعية، التي آلت في نهاية المطاف إلى المحامي السملالي فكانت هي الخطوة الكبرى له نحو الوزارة، ورغم وصوله إلى منصب وزير ورئيس لحزب الاتحاد الدستوري بعد رحيل مؤسسه وزعيمه المعطي بوعبيد، فقد حافظ المرحوم السملالي على تواضعه الجم وتواصله مع البسطاء وميله للفقراء. وخلال استوزاره، كانت أبواب كل مكاتبه، سواء كمحامٍ ضليع في القوانين، أو كزعيم لحزب كبير، أو كوزير للشبيبة والرياضة، فقد كانت أبوابه مفتوحة في وجه المحرومين وطالبي المساعدات، وكان في كل صباح يأمر أعوانه بعدم رد أي ملف أو منع أي طالب حاجة من ملاقاته، فكان يستقبل الناس بابتسامة متواضعة وصدر رحب.
للتذكير فالمرحوم عبد اللطيف السملالي من مواليد 17 ديسمير 1938، كان أمينًا عامًا لحزب الاتحاد الدستوري من عام 1998 حتى وفاته يوم 19 يناير 2001 عن سن ناهز 62 سنة.
وخلال فترة الستينيات، كان عبد اللطيف سملالي عضواً في الأمانة الوطنية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية وبالموازاة مع العمل السياسي والنضالي، اشتغل ككاتب عام بفريق الرجاء الرياضي البيضاوي في الانتخابات البرلمانية لعام 1984، تم انتخابه لعضوية مجلس النواب.
بين عامي 1981 و 1983، تم تعيينه وزير الدولة للشباب والرياضة في الحكومة المغربية 1981 بين عامي 1983 و 1992، أصبح وزيراً للشباب والرياضة في حكومتي العمراني الثالثة والرابعة. كما كان نائب رئيس مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب.
في أوائل التسعينيات، تم تعيينه مديراً عاماً مسؤولاً عن ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم 1994 ضد الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل، و كأس العالم 1998 ضد فرنسا وسويسرا.
في يونيو 1997، أصبح رئيسًا للمجلس البلدي، لأزمور المدينة التي ينحدر منها، بالإضافة إلى رئيس للمجلس الإقليمي لجهة دكالة عبدة.
في مايو 1998، أصبح أمينًا عامًا للاتحاد الدستوري، الذي ظل بدون خليفة منذ وفاة المعطي بوعبيد في 3 نوفمبر 1996.
تقلد عبد اللطيف السملالي منصب رئيس لنادي الرجاء الرياضي في السبعينيات، والمدير العام للنسخة التاسعة من ألعاب البحر الابيض المتوسط 1983،ودورة الألعاب العربية 1985، والألعاب الفرانكفونية لعام 1989 .
وكان أيضًا رئيسًا لاتحاد شمال افريقيا لكرة القدم، ونائب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والاتحاد العربي لكرة القدم.
حصل عبد اللطيف السملالي بعد وفاته، في 17 أبريل 2004، على وسام الاستحقاق من الاتحاد الاىفيقي لكرة القدم.
التعليقات مغلقة.