طفا إلى السطح السياسي التونسي مجددا قانون العزل السياسي، الذي يمنع أعضاء سابقين في حزب التجمع الدستوري المنحل، وترشحوا عنه في انتخابات تشريعية وبلدية وشغلوا مناصب هامة في النظام السابق، من المشاركة في الانتخابات القادمة وتقلد مناصب عليا في الدولة لمدة 10 سنوات. وطالبت العديد من الأصوات بتضمين العزل في القانون الانتخابي الذي بدأ المجلس التأسيسي في التصويت عليه مادة مادة.
وقد أثار هذا المطلب لغطا كثيرا داخل أرجاء المجلس وخارجه، فذهب البعض إلى ضرورة إدراج العزل السياسي في القانون الانتخابي الجديد على اعتبار أنه يتماشى مع مطالب الثورة التي تطمح إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة من منطلق ثوري يعمل على القطع مع النموذج القديم ويحيل على أن التونسيين قد أنجزوا فعلا ثورة.
في حين يرى آخرون أن ترسيخ العزل قانونيا من شأنه أن يجر البلاد إلى فتنة هي في غنى عنها نظرا للعديد من المشاكل التي تعرفها في هذه المرحلة التي تتطلب جهود كل أبنائها.
ونعرض هنا موقفين متباينين من المسألة، الأول لعماد دائمي أمين عام “حزب المؤتمر من أجل الجمهورية” الذي يذهب إلى أن أغلبية التونسيين تدعم قانون العزل السياسي والثاني للباجي قائد السبسي، رئيس “حركة نداء تونس” الذي وصف قانون العزل السياسي بأنه فتنة ولن ينجح.
من أجل تحصين الديمقراطية
ذهب عماد الدائمي إلى أن أغلبية التونسيين تدعم قانون العزل السياسي الذي تقدم به حزب المؤتمر من أجل الجمهورية منذ أبريل 2012 وحاول مرارا تمريره. واعتقد الدائمي أن القانون تآمر عليه الحلفاء قبل الخصوم وما زالوا يتآمرون ويناورون من أجل إسقاطه أو إفراغه من محتواه.
ورأى الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أن قمة المفارقة هو أن نجد اليوم قيادات من “الترويكا” تعرقل هذا القانون وتتعهد بإفشاله في نفس الوقت الذي غيّرت فيه موقفها منه أحزاب وشخصيات تحالفت مع المنظومة السابقة وتشابكت مصالحها معها وما زال بعضها مرتبطا ارتباطا عضويا بها، دون شك من منطق الحسابات والشُعبوية، وصارت تنادي علنا بتحصين الثورة من “التجمعيين الخطيرين على الديمقراطية”.
واستغرب الدائمي من أن يواصل البعض مصادمة إرادة الأغلبية من أجل إرضاء الأقلية التي قامت ضدها الثورة الشعبية.وشدّد على أن نواب الحزب حريصون على ألا يتركوا مجالا لأية مناورة لمنع تمرير القانون وسيدافعون عنه دفاعا شرسا.واعتبر الدائمي أن عدم تمرير القانون هو ترك الفرصة أمام رموز النظام البائد وفسح المجال لهم لحكم البلاد ثانية.ورأى أنه من حق نواب الشعب أن يناقشوا نص القانون ويدخلوا عليه بعض التنقيحات، ولكن لن ندخل عليه الآن أية تعديلات لأننا قدمناه منذ أكثر من عام وتم تطويره ووافقنا على ذلك.
وقال عماد الدائمي، نحن لا نتحدث عن مئات الآلاف الذين كانوا يحملون بطاقات انخراط في حزب التجمع إما خوفا أو حماية للنفس والمصالح أو طمعا، ولكننا نتحدث عن بضع مئات كانت لهم مسؤولية مباشرة عن الانتهاكات في العقود السابقة.وأضاف، من واجبنا التصدي لهؤلاء ومنعهم من الوصول إلى الحكم لحماية الديمقراطية.
وأشار الدائمي إلى أن الثورة عندما قامت رفعت جملة من الشعارات من بينها إسقاط التجمع وخروجه من الحياة السياسية، لأنه ساهم في الكثير من المعاناة للتونسيين في ظل دولة الاستبداد.واعتقد الدائمي أن أغلبية ساحقة من التونسيين ترفض عودة رموز النظام السابق إلى الحكم لأنه تم في السابق تجريبهم ومعرفتهم.
وأضاف أن العديد من الأطراف الآن تمارس ضغطا سياسيا من أجل إسقاط تمرير قانون العزل والإيهام بأن تمريره سيخلق أزمة سياسية وأمنية واستعمال كل الأساليب من تخويف التونسيين بالدماء ب الأهلية.وذهب إلى أنه ليس هناك من يرغب في عودة التجمع، فالتونسيون قاموا بثورة ضد نظام كان يحكمه التجمع ولا مجال لعودة رموزه السابقين والمسؤولين عن 23 سنة من الاستبداد. وأقر الدائمي أن في كل البلدان التي صارت فيها ثورات، فإن الطرف الذي قامت ضده ثورة يخرج آليا من الحكم، والبلدان التي لا تحصن ثورتها مهددة برجوع المستبدين كما حصل في رومانيا التي لم تقم بتحصين ثورتها، فعاد النظام القديم أكثر استبدادا. وأكد عماد أن قانون العزل السياسي، تحصين للديمقراطية وأن إبعاد رموز النظام السابق، هو أيضا تحصين للديمقراطية.
التعليقات مغلقة.