هيئة الأمم المتحدة تؤكد أن الصحراء في مغربها وأن المغرب في صحرائه.. والمغاربة يطلقون العنان للإحتفال بعد مسار طويل وشاق وخطاب ملكي مسؤول

0

الانتفاضة // إبراهيم السروت

(31 أكتوبر 2025 )، يوم تاريخي مشرق في تاريخ المملكة المغربية، وفي تاريخ المغرب والمغاربة، حيث خرجوا إلى الشوارع ابتهاجا بقرار التصويت على المقترح الأمريكي المتعلق بالقرار رقم 2797 و المتعلق بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

هذا النضال والجهاد جاء نتيجة الجهود المبذولة في الملف الذي حاولت بعض الأطراف أن تجعل منها فرصة لتقويض أركان المملة الشريفة.

لكن يأبى الشعب المغربي إلا أن يكون في مقدمة من حافظ وسيحافظ على المشروعية المغربية للصحراء المغربية.

50 سنة من المفاوضات والأخذ والرد لتتوج بالتصويت على المقترح المغربي في هيئة الأمم المتحدة ب 11 عضوا وامتناع روسيا وباكستان وانسحاب الجزائر.

50 سنة من النضال في ملف طال انتظاره من المغرب والمغاربة في الوقت الذي حصل فيه المغرب على الاستقلال في 40 سنة بالكمال والتمام.

شاءت الأقدار أن يكون هذا القرار أخر رصاصة رحمة تطلق على جبهة البوليزاريو وصنيعتها موريتانيا وليبيا والجزائر فيما بعد، ويستعيد المغرب جزءا من أراضيه التي لا يمكن التنازل عليها بأي شكل من الأشكال.

وفي هذا الصدد، تعتبر الصحراء المغربية واحدة من أكثر المناطق جدلا في التاريخ الحديث، حيث تعكس الصراعات السياسية والتاريخية التي شهدتها المنطقة.

و تتداخل القضايا الثقافية والتاريخية مع القضايا السياسية، مما يجعل فهم المسار التاريخي للصحراء المغربية أمراً ضرورياً لفهم الوضع الحالي.

في هذا المقال، سنستعرض المسار التاريخي للصحراء المغربية، احتفالات المغاربة بقرار الأمم المتحدة، ودعوات استرجاع باقي الأراضي المغربية.

المسار التاريخي للصحراء المغربية

العصور القديمة

تاريخ الصحراء المغربية يعود إلى العصور القديمة، حيث كانت تُعرف بمساحتها الشاسعة والثروات الطبيعية التي تتضمنها.

و سكنها الأمازيغ والعرب، وكان لها دور حيوي في التجارة بين شمال إفريقيا وجنوبها. على مر العصور، شهدت المنطقة تغييرات سياسية وثقافية، حيث انتقلت من حكم الممالك الأمازيغية إلى الفتوحات الإسلامية.

الاستعمار الأوروبي

في القرن التاسع عشر، بدأت القوى الاستعمارية الأوروبية في التوسع نحو إفريقيا، مما أثر على الصحراء المغربية.

ففي عام 1912، وقع المغرب معاهدة الحماية مع فرنسا، مما أدى إلى تقسيم البلاد.

ورغم أن الصحراء المغربية كانت تحت السيطرة الإسبانية، إلا أن الاستعمار أثر على الهوية الثقافية والسياسية للمنطقة.

الاستقلال والنزاع

بعد استقلال المغرب في عام 1956، بدأت القضايا المتعلقة بالصحراء المغربية في الظهور.

ففي عام 1975، نظم المغرب “المسيرة الخضراء” لاسترجاع الصحراء، وهو الحدث الذي كان له تأثير كبير على الهوية الوطنية المغربية.

ومع ذلك، أدى النزاع مع جبهة البوليساريو، التي تطالب باستقلال الصحراء، إلى تأجيج التوترات.

قرار الأمم المتحدة واحتفالات المغاربة

قرار الأمم المتحدة

في السنوات الأخيرة، اتخذت الأمم المتحدة العديد من القرارات المتعلقة بالصحراء المغربية، حيث دعت إلى إجراء استفتاء لتحديد مصير المنطقة.

ومع ذلك، فإن القرارات لم تنفذ كما كان متوقعا، مما أدى إلى استمرار التوترات، بسبب التعنت الجزائري ودخولها في حسابات سياسية مع المغرب الذي يفوتها بسنوات ضوئية في كل شيئ.

فالمغرب في صحرائه والصحراء في مغربها وذلك نتيجة العمل الجبار الذي قام به المغرب والمغاربة من أجل الاظهار للعالم أن المملكة الشريفة بقيادة جلالة الملك محمد السادس قادرة على صنع المستحيلات وأن المستحيل ليس مغربيا.

رسائل الخطاب الملكي السامي

وفي أعقاب مصادقة مجلس الأمن الدولي على القرار رقم 2797 المتعلق بالصحراء المغربية، وجّه جلالة الملك محمد السادس نصره الله خطابًا ساميًا إلى الشعب المغربي، حمل خمس رسائل استراتيجية عكست ثقة المملكة في عدالة قضيتها ورصانة سياستها الخارجية.

و يمكن تلخيص أبرز دلالات الخطاب الملكي في خمس نقاط جوهرية تكشف عن ملامح المرحلة المقبلة.

🔹 1. مرحلة فاصلة في تاريخ المغرب

أكّد جلالة الملك محمد السادس أن المغرب يعيش اليوم مرحلة فاصلة في تاريخه المعاصر، وهي عبارة تختصر حجم التحول في ملف الصحراء. فبعد سنوات من العمل الدبلوماسي الهادئ، انتقل المغرب من الدفاع عن قضيته إلى تثبيت شرعيتها دوليًا، في ظل إجماع متزايد على عدالة الموقف المغربي. حيث قال جلاته “إننا نعيش مرحلة فاصلة، ومنعطفا حاسما، في تاريخ المغرب الحديث. فهناك ما قبل 31 أكتوبر 2025، وهناك ما بعده، لقد حان وقت المغرب الموحد، من طنجة إلى لكويرة، الذي لن يتطاول أحد على حقوقه، وعلى حدوده التاريخية”.

🔹 2. قرار مجلس الأمن.. تتويج لمسار دبلوماسي متين

أشاد الملك الملك محمد السادس بقرار مجلس الأمن الأخير، واعتبره تأكيدًا رسميًا على مغربية الصحراء، ونتيجة طبيعية لمسار دبلوماسي مغربي تميز بالحكمة والاستمرارية. القرار يعكس دعم المجتمع الدولي للمبادرة المغربية، ويُكرّس الطرح الوطني كحل وحيد قائم على الواقعية والعقلانية.

وفي هذا قال جلالته “اليوم ندخل، والحمد لله، مرحلة الحسم على المستوى الأممي، حيث حدد قرار مجلس الأمن المبادئ والمرتكزات، الكفيلة بإيجاد حل سياسي نهائي لهذا النزاع، في إطار حقوق المغرب المشروعة”.

🔹 3. مقترح الحكم الذاتي.. رؤية مغربية واقعية

جدّد الملك محمد السادس التأكيد على أن خطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل الوحيد القابل للتطبيق، موضحًا أن المغرب لا يناقش وحدته الترابية، بل يركز على تنمية الأقاليم الجنوبية وبناء مستقبل مشترك مع شركائه الدوليين.

وقال جلالته في هذه النقطة: “لقد قلت في خطاب سابق، أننا انتقلنا في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير. فالدينامية التي أطلقناها، في السنوات الأخيرة، بدأت تعطي ثمارها على جميع الأصعدة. ذلك أن ثلثي الدول بالأمم المتحدة، أصبحت تعتبر مبادرة الحكم الذاتي، هي الإطار الوحيد لحل هذا النزاع.

كما أن الاعتراف بالسيادة الاقتصادية للمملكة، على الأقاليم الجنوبية عرف تزايدا كبيرا، بعد قرارات القوى الاقتصادية الكبرى، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، وروسيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، بتشجيع الاستثمارات والمبادلات التجارية مع هذه الأقاليم. وهو ما يؤهلها لتصبح قطبا للتنمية والاستقرار، ومحورا اقتصاديا بمحيطها الجهوي، بما في ذلك منطقة الساحل والصحراء”.

🔹 4. شكر ترامب.. دلالة سياسية لافتة من الملك محمد السادس

في بادرة محمّلة بالمعاني، وجّه جلالة الملك محمد السادس شكرًا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تقديرًا لقراره سنة 2020 بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه. هذه الإشارة تؤكد وفاء المغرب لمن يسانده في قضاياه المصيرية، وتعكس متانة التحالف المغربي-الأمريكي الذي يتجاوز الحكومات ويستند إلى رؤية استراتيجية طويلة الأمد.

كما وجه شكره لعدد من الدول الصديقة وقال: ولا يفوتنا هنا، أن نتقدم بعبارات الشكر والتقدير لجميع الدول، التي ساهمت في هذا التغيير، بمواقفها البناءة، ومساعيها الدؤوبة، في سبيل نصرة الحق والشرعية. وأخص بالذكر الولايات المتحدة الأمريكية، بقيادة صديقنا فخامة الرئيس دونالد ترامب، الذي مكنت جهوده من فتح الطريق للوصول إلى حل نهائي لهذا النزاع. كما نشكر أصدقاءنا في بريطانيا وإسبانيا، وخاصة فرنسا، على جهودهم من أجل نجاح هذا المسار السلمي. ونتوجه أيضا بجزيل الشكر لكل الدول العربية والإفريقية الشقيقة، التي ما فتئت تعبر عن دعمها، الدائم واللامشروط، لمغربية الصحراء، وكذا مختلف الدول عبر العالم، التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي.

🔹 5. دعوة صادقة للحوار مع الجزائر

واختتم الملك محمد السادس خطابه بدعوة الرئيس الجزائري إلى حوار أخوي صادق لتجاوز الخلافات، في مبادرة تجسد روح المسؤولية والنية الصافية للمغرب في بناء مغرب عربي متكامل، حيث قال” أدعو أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، لحوار أخوي صادق، بين المغرب والجزائر، من أجل تجاوز الخلافات، وبناء علاقات جديدة، تقوم على الثقة، وروابط الأخوة وحسن الجوار. كما نجدد التزامنا بمواصلة العمل، من أجل إحياء الاتحاد المغاربي، على أساس الاحترام المتبادل، والتعاون والتكامل، بين دوله الخمس.

هذا النداء المتجدد يضع الجزائر أمام خيار تاريخي: الانخراط في منطق التعاون بدل العداء، خدمةً لمستقبل الشعوب المغاربية.

إن الخطاب الملكي جمع بين الهدوء والثقة؛ فهو يعلن أن مغربية الصحراء أصبحت حقيقة دولية ثابتة، ويدعو في الوقت ذاته إلى المصالحة والعمل المشترك. إنها مرحلة ما بعد الاعتراف، حيث يتحول التركيز من الدفاع السياسي إلى البناء التنموي وترسيخ الاستقرار الإقليمي.

بهذا الخطاب، يؤكد الملك محمد السادس أن زمن المساومة انتهى، وأن مغرب الغد يدخل مرحلة الثقة والبناء المشترك.

احتفالات المغاربة

عندما تم الإعلان عن أي قرار لصالح المغرب، مثل تأكيد سيادته على الصحراء، يحتفل المغاربة بشكل كبير.

وفي هذا الصدد أقيمت  المهرجانات والاحتفالات الشعبية في المدن الكبرى، حيث شارك الناس في الرقص والموسيقى والأهازيج الوطنية،حيث تعتبر هذه الاحتفالات تعبيرًا عن الفخر الوطني والهوية المغربية.

وأن المغرب حققر نصرا مبينا في موضوع يعتبر من الاولويات لدى المغاربة وهو المتعلق بالوحدة الوطنية.

دعوات استرجاع باقي الأراضي المغربية

الجزر المحتلة

ففي السنوات الأخيرة، برزت دعوات لاسترجاع الأراضي المغربية الأخرى، مثل الجزر المحتلة من قبل إسبانيا.

حيث عبر المغاربة عن رغبتهم في استرجاع هذه الأراضي، ويعتبرونها جزءا لا يتجزأ من هويتهم الوطنية.

كما عقدوا لأجل ذلك الندوات والمناقشات حول أهمية توحيد البلاد واسترجاع كل شبر من أراضيها.

وهي رسالة موجهة إلى الأحزاب السياسية والنقابات والجمعييات المدنية والإعلام والحقوقيين إلى جعل ملف الصحراء المغربية ملفا للترافع على وحدة الوطن والدفع بالمسلسل التنموي في كل بقاع المغرب ليكون أولوية الأولويات.

فبعد هذا الإنجاز التاريخي الذي حققه المغرب والمغاربة فهل سيفكر المسؤولون في ما تبقى من أراضي المملكة الشريفة المحتلة ظلما وعدوانا وهي الصحراء الشرقية وسبتة ومليلية والجزر المجاورة لها.

وذلك من أجل القطع مع كل مظاهر الاحتلال الذي لم يجني منه المغرب والمغاربة إلا الوبال المبين.

الوعي الوطني

هذا و تعمل الحكومة المغربية على تعزيز الوعي الوطني بأهمية الصحراء وباقي الأراضي المحتلة،كما يتم تنظيم حملات توعية وندوات تعليمية لتعريف الشباب بتاريخ بلادهم وأهمية الوحدة الوطنية أيضًا، من أجل تعزيز الثقافة المغربية من خلال الفنون والموسيقى التي تعكس التراث الوطني.

الخاتمة

إن المسار التاريخي للصحراء المغربية يعكس الصراعات والتحديات التي واجهتها البلاد على مر العصور.

كما أن احتفالات المغاربة بقرارات الأمم المتحدة ودعوات استرجاع باقي الأراضي المغربية تعكس الفخر الوطني والهوية القوية، حيث تظل الصحراء المغربية جزءا لا يتجزأ من الثقافة والتاريخ المغربي، وسيستمر المغاربة في النضال من أجل استرجاع حقوقهم وسيادتهم على أراضيهم.

للإشارة فإن المغرب حقق نصرا مبينا وذلك بتظافر جهو الملك والشعب واتحاد الجميع من أجل قول لا لكل من يساهم في تفرقة المغاربة وزرع أساب الشقاق، فضلا عن تجند جلالة الملك محمد السادس والحكومة والشعب من أجل الدفاع عن كل شبر من أراضي المملكة الشريفة بالغالي والنفيس والتي لا تقبل التجزيئ ولا التقسيم.

إنه يوم تاريخي (31 أكتوبر 2025) وجب على الحكومة المغربية أن تفكر لجعله يوم عطلة ليذكر المغرب والمغاربة بهذا النصر المبين المحقق بجدارة واستحقاق وذلك بفضل الرؤية الملكية والحنكة الديبلوماسية والإرادة الشعبية لشعب لا يعرف المستحيل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.