مراكش تحتفي بدقتها التراثية في دورتها الثانية

الانتفاضة // إلهام أوكادير // صحفية متدربة

في أمسية تنبض بسحر الإيقاع وروح الأصالة، عاشت المدينة الحمراء ليلة فنية إستثنائية، مساء يوم الخميس، بمناسبة تنظيم الدورة الثانية من مهرجان الدقة المراكشية، الذي احتضنته ساحة قصر البلدية، ليعيد إلى الذاكرة الجماعية، وهج أحد أعرق الفنون الشعبية التي ترمز لهوية مراكش الثقافية.

ويأتي هذا المهرجان، الذي ينظمه المجلس الجماعي للمدينة، مزامناً لاحتفالات عاشوراء، في إطار برنامج التنشيط الثقافي، الهادف إلى تثمين التراث اللامادي المحلي، وترسيخ فن الدقة كأحد المكونات البارزة لذاكرة المدينة، والمصنف ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للعالم الإسلامي من قبل منظمة “اليونيسكو”.

وعرفت هذه الدورة مشاركة نخبة من الفرق التراثية الأصيلة، التي أطربت الجمهور بإيقاعاتها الرصينة وأزيائها الموحدة، حيث صدحت أهازيج التعريجة والبندير والقراقب في فضاء مفتوح، عجّ بمحبي هذا الفن من سكان المدينة وزوارها، إلى جانب فاعلين جمعويين ومهتمين بالشأن الثقافي.

وتميزت فقرات المهرجان بدمج فني متناغم بين الدقة المراكشية وفنون كناوة والمديح والسماع، في توليفة موسيقية رسمت لوحة جماعية غنية بالمعاني والدلالات، وأعادت التأكيد على أن الفنون الشعبية، لا تزال قادرة على توحيد الأحاسيس وتكريس الإنتماء.

وفي تصريح له بهذه المناسبة،لأحد الوكالات الإعلامية الرسمية، أكد “محمد الإدريسي”، النائب الأول لرئيسة المجلس الجماعي لمراكش، أن تنظيم هذا المهرجان يروم، تسليط الضوء على فن الدقة كأحد أعمدة التراث الثقافي المغربي، داعياً إلى صونه وتعزيزه، وفتح المجال أمام الأجيال الصاعدة للإنخراط في مسار إستمراريته.

بدوره، أشاد “عبد الصمد لكسيس”، رئيس جمعية أهل المغنى للفنون، بهذه المبادرة، مبرزاً أن الدقة المراكشية، وإن ارتبطت وجدانياً بالمدينة الحمراء، فإن جذورها الثقافية تتفرع لتشمل مدناً أخرى كالصويرة وتارودانت ودمنات، ما يجعل من دعمها رهاناً وطنياً لحماية موروث فني أصيل.

أخيرا، و بهذا الإحتفاء الذي جمع بين الأصالة والمتعة، أثبتت مراكش مرة أخرى، أنها ليست فقط مدينة للبهجة، بل قلعة فنية، تحتضن تراثها بروح جماعية، وتغني الذاكرة المغربية بألوان من الفخر والإيقاع، في انتظار أن يستمر هذا النهج الثقافي في تثبيت جذور التراث وتقريبه من أجيال المستقبل.

التعليقات مغلقة.