ما علاقة “الشيخة الطراكس” بالفن؟

0

الانتفاضة

لا زال المجال الفني في المغرب يسيل بمزيد من المدلهمات التي لا تنتهي  وخاصة في زماننا هذا، وعليه ففي قاعة سينمائية، وعلى منصة العرض، صعدت “الشيخة طراكس”، لتُشارك في العرض الأول لفيلم جديد ظهرت فيه.

لكنها لم تصعد لتقدّم فكرة، ولا لتناقش دورها في الفيلم، بل لتقدّم كما التقطت ذلك الكاميرات عرضا حيا لمؤخرتها.

وفي لحظة كان فيها الحاضرون متسمّرين بين الفضول والذهول، كان الممثل رفيق بوبكر إلى جانبها في الخشبة، وبدل أن يصفّق لها، همّ بها!.

نعم، همّ بها، كما لو كنا في مشهد مرتجل من فيلم فاشل، لولا تدخّل زميله مراد العشابي الذي أنقذ الموقف، وجنَّب الحاضرين، موقفا كارثيا.

ما وقع في تلك القاعة ليس حادثا معزولا، بل هو انعكاس صارخ لواقع فقد البوصلة.

وهكذا فروتيني اليومي،لم يعد حكرا على اليوتيوب والمطابخ، بل صار يُعرض رسميا، ويُسوّق له إعلاميا، ويُصفّق له!!

الطراكس على الخشبة، رفيق بوبكر يهمّ بها، والجمهور يضحك أو يصوّر، ليُصبح السؤال، ما ذا كان سيحدث لو أكمل طريقه..!!

أليس هذا هو الانحدار؟.

أليست هذه “الفرجوية” السخيفة هي الامتداد الطبيعي لزمن تفاهة تلبس قفطان الفن؟.

“روتيني اليومي” لم يعد مجرد سلسلة من فيديوهات بلهاء..إنه اليوم علامة فارقة في انحدار الذوق العام، وتحول الإبداع إلى لعبة استعراض ساذج باسم الحرية والجرأة والمشاهدات.

أصبحنا نعيش زمنا تُقاس فيه قيمة العمل بكمية “اللحم المكشوف” و”القافية الزنقاوية”، لا بالفكرة والإبداع.

رابور لا يعرف من القوافي إلا السُباب، مع خلطها ببعض لفافات الحشيش والأظافر المتسخة حد القرف..

ممثلة لا تعرف من التمثيل إلا فن الجسد، مؤثرة لا تؤثر إلا في الضباع!!.

ما يحدث ليس صدفة.

إنه انسحاب ناعم للعقل من المشهد، وتركه للفوضى.

ففي هذا البلد، بات من السهل أن تُنعت بالفنان، فقط لأنك تستعرض جسدك.

وبات من الصعب أن تُؤخذ بجدية إن كنت تكتب، تُفكّر، أو تحاول أن تنتج شيئًا له معنى، لأن المعنى ضاع في زحام الضجيج والسفاهة والبذاءة.

ومثلما أنقذ العشابي زميله وزميلته من موقف حرج، نحن بحاجة إلى من ينقذ الذوق العام، لأن المؤخرة، حين تُصبح هي بطلة العرض، فاعلم أن الفن مات واقفا.

بقي أن نشير إلى أن الفن المغربي لم يستطع لحد الساعة أن يرتقي لأداء الرسالة المطلوبة منه، وخاصة في زماننا هذا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.