أسباب ارتفاع درجات الحرارة في المغرب: كيف نتعامل مع الحر الشديد في الصيف؟

الإنتفاضة // إلهام أوكادير // صحفية متدربة

على شاكلة العديد من دول العالم، و التي لطالما  شهدت مناخاً بارداً و ثلجياً، يعرف المغرب في السنوات الأخيرة، ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة على مستوى عدة مدن، مما يجعل الطقس الصيفي، أكثر قوة وتأثيرًا على الحياة اليومية للأفراد صغارا و كبارا.

و سعيا منا لتحديد أسباب هذه التغيرات، وجدنا أن هذا الارتفاع في درجات الحرارة يعود إلى عدة عوامل أولها و بشكل رئيسي، التغير المناخي على مستوى العالم، و ثانيها، التيارات الهوائية الحارة القادمة من المناطق الجنوبية و الشرقية في غالب الأمر.

فمن خلال هذا المقال، سنتعرف سوياًّ، على جلّ الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في المغرب، وكيف يمكن للمواطنين التعامل مع هذه الموجات الحارة، لتجنب ضربات الشمس والمشاكل الصحية المرتبطة بالحرارة .

أولا : التغير المناخي العالمي

حيث يعتبر اليوم من أهم الأسباب وراء ارتفاع درجات الحرارة في المغرب والعالم بشكل عام؛ و يُعزى هذا التغير، إلى تراكم الغازات السامة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي؛ هذه الغازات، التي تنتُج بشكل رئيسي عن مختلف الأنشطة الصناعية وحرق الوقود، والتي تعمل على حبس الحرارة داخل الغلاف الجوي.

و جدير بالذكر أنه في عام 2023، سجل المغرب أعلى متوسط درجات حرارة في تاريخ المملكة، بزيادة بلغت 1.77 درجة مئوية مقارنة بالمعدل الطبيعي، وفقًا للتقرير المناخي الصادر عن المديرية العامة للأرصاد الجوية

ثانيا : الزيادة في تكرار موجات الحرارة

فقد أصبح من المعتاد في السنوات الأخيرة، أن تشهد بعض المناطق المغربية، موجات حارة تتجاوز درجات حرارتها 45 درجة مئوية؛ فعلى سبيل المثال، في صيف 2023، ارتفعت درجات الحرارة في مراكش والداخلة إلى مستويات غير معتادة؛ فهذه الموجات الحارة، بدأت تظهر بشكل متكرر وأصبحت تمتد إلى شهري يونيو وأغسطس، مما يزيد الضغط على الموارد المائية، ويؤثر سلبًا على صحة المواطنين.

ثالثا : التيارات الهوائية الحارة القادمة من الصحراء الكبرى

في فصل الصيف، تهب الرياح الساخنة من الصحراء الكبرى باتجاه المغرب، مما يزيد من درجات الحرارة بشكل ملحوظ، حيث ان بعض المناطق الجنوبية والشرقية، مثل طاطا وزاكورة، تشهد في بعض الأحيان درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية، مما يجعلها من أكثر المناطق سخونة في البلاد. هذه الرياح الحارة تؤدي إلى ارتفاع حاد في درجات الحرارة وتزيد من خطر الإصابة بضربات الشمس

رابعا : المدن الكبرى وتوسعها

فمع تزايد النمو العمراني في مدن مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش، ظهرت مشكلة تُعرف بـ “الجزيرة الحرارية الحضرية”، هذه الظاهرة تعني أن المدن الكبرى، تميل إلى أن تكون أكثر حرارة من المناطق الريفية المحيطة بها، بسبب الأسطح الإسمنتية والمباني التي تمتص الحرارة وتخزنها؛ ففي الدار البيضاء، على سبيل المثال، تكون درجة الحرارة في وسط المدينة أعلى بمقدار 3 إلى 4 درجات مئوية مقارنة بالمناطق المجاورة و المحيطة بها.

خامسا : تغيرات في النمط المناخي

و هذا يعني انه أصبح من الصعب التنبؤ بتوقيت تساقط الأمطار في بعض المناطق، لا سيما في الجنوب والشرق، فوفقًا للتقرير المناخي لعام 2023، كان هناك نقص كبير في الأمطار بنسبة وصلت إلى %30 مقارنة بالسنوات الماضية، مما عزّز من ظاهرة الجفاف وجعل درجات الحرارة تبدو أكثر قسوة.

سادسا : فترات طويلة من قلة الأمطار

مشكلة الجفاف أصبحت أكثر وضوحًا في المغرب في السنوات الأخيرة، حيث تأثر القطاع الزراعي بشكل كبير بسبب قلة الأمطار؛ ففي موسم 2020-2021، على سبيل المثال، شهد المغرب أدنى معدلات للأمطار خلال العشرين سنة الماضية، ما أثر سلبًا على الإنتاج الزراعي، و عمّق من شدة الحرارة بمختلف مناطق البلاد .

بناءً على كل هذه الاسباب، يتضح لنا و بشكل جليّ، ان ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة، أصبحت نمطاً مناخياً مستمرا، لا يسعنا امامه سوى البحث عن سبل التعايش  معه، و اعتماد مختلف التوصيات، و الخطوات الوقائية، التي من شانها ان تحد من وطاة الحر، و الاستمرار في ممارسة انشطة الحياة اليومية بشكل سلس، خاصة بالنسبة للصغار و كبار السن، في المدن التي تعرف ارتفاعا قوياً لدرجة الحرارة، و تكييف نمط العيش و العمل بشكل عام، مع الظروف الصيفية قدر المستطاع .

و تحقيقا لهذه الغاية، فاننا ندرج لكم اليوم خطوات عملية و وقائية سيساعد الإلتزام بها في تجنج أضراردرجة  الحرارة المرتفعة و تكمن في  :

الابتعاد عن الشمس في ساعات الذروة

من الأفضل البقاء في الأماكن المغلقة بين الساعة 12 ظهرًا و3 عصرًا، حيث تكون درجات الحرارة في ذروتها.

شرب الكثير من المياه

يساعد الماء في ترطيب الجسم، فحاول شرب ما لا يقل عن 2 لتر من الماء يوميًا، حتى وإن لم تشعر بالعطش.

ارتداء ملابس قطنية خفيفة

اختر الملابس القطنية الفاتحة التي تسمح بتهوية الجسم وتقلل من امتصاص الحرارة

استخدام واقي الشمس

إذا اضطررت للخروج، تأكد من استخدام واقي الشمس، بعامل حماية عالٍ، لحماية بشرتك من الحروق من الدرجة الاولى .

الراحة في أماكن باردة

إذا كنت تعمل أو تقضي وقتك في الخارج، حاول البقاء في أماكن مكيفة أو في الظل قدر الإمكان

بالإضافة إلى أن تتأكد دائما من أن جسمك في حالة ترطيب جيدة، وتجنب النشاطات البدنية الشاقة في الأوقات الحارة.

لعلها تبدو للبعض مجرد توصيات بسيطة، لا تحدّ من تاثير درجات الحرارة المرتفعة، لكن الالتزام بها طوال فترة الحر، يبقيك بعيدا عن مختلف الاضرار الاخرى، التي يمكن ان تصاب بها بعيدا عن الحر، فهو مجهود شخصي، يجب أن نلتزم به بشكل فردي .

أما على المستوى الجماعي، فإنّ هناك العديد من الإشكاليات التي تطرح نفسها على الطاولة للنقاش، و لعلّ أبرزها :

كيف يمكن للبلديات في المغرب، تحسين البنية التحتية، لمواجهة تأثيرات الحرارة المرتفعة؟

وما هي المبادرات المجتمعية، التي يمكن أن تقوم بها مختلف المؤسسات للتوعية حول هذا التغير المناخي الصعب ؟

التعليقات مغلقة.