الانتفاضة
في تدوينة لافتة لأحد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بمنطقة الشياضمة، التابعة لإقليم الصويرة، جاء فيها: “الصويرة… لي بغا يقرا كيمشي لأكادير، ولي بغا يتعالج كيمشي لمراكش، ولي بغا يخدم كيطلع للدار البيضاء، ولي بغا يسكن… هادي ما عندها حل، للأسف”. كلمات تختزل حالة من الإحباط يشاطرها عدد كبير من أبناء الإقليم، لا سيما فئة الشباب، التي تجد نفسها أمام خيار شبه وحيد: مغادرة المدينة بحثًا عن آفاق أرحب في الدراسة أو الشغل أو العلاج. ورغم حدة التعبير، إلا أن التدوينة تعكس واقعًا ملموسًا لدى فئات واسعة من المواطنين، يتمثل في المفارقة بين ما تزخر به الصويرة من مؤهلات طبيعية وسياحية وأمنية وتاريخية، وبين محدودية البنية التحتية في مجالات حيوية، وعلى رأسها التعليم العالي، والصحة، وسوق الشغل. الصويرة، المدينة المصنفة تراثًا عالميًا من طرف اليونسكو، والتي تستقطب آلاف الزوار سنويًا من داخل المغرب وخارجه، ما تزال، وفق العديد من المتتبعين، خارج دائرة الاهتمام التنموي المتوازن. فباستثناء بعض المعاهد والمراكز، تغيب المؤسسات الجامعية القادرة على احتضان الطلبة محليًا، كما أن المستشفى الإقليمي محمد بن عبد الله، رغم التحسينات الأخيرة، لا يزال في حاجة إلى مزيد من التجهيزات، وتوسيع التخصصات، وتعزيز الكفاءات الطبية، لمواكبة حاجيات الساكنة المتزايدة. أما على مستوى السكن، فيُعد ارتفاع الأسعار وندرة الوعاء العقاري من أبرز العراقيل التي تواجه استقرار الشباب والعائلات، فضلاً عن محدودية فرص الشغل، التي تدفع بالعديد إلى الهجرة نحو المدن الكبرى. 
يشكّل تشغيل الشباب بالصويرة قضية مؤرقة، في ظل غياب مشاريع صناعية قادرة على امتصاص البطالة. الحيّ الصناعي يُشبه أطلال ما بعد زلزال، ببنايات مهترئة تُحاكي العصور الوسطى، بينما لا يزال دوّار العرب والمدينة الحديثة الغزوة في مراحل تنموية جنينية، وسط تجاهل واضح من المسؤولين لتنمية صناعية حقيقية. ورغم كل هذه الإكراهات، يُجمع عدد من الفاعلين المحليين على أن الصويرة ليست مدينة متروكة على هامش التنمية، بل هي فضاء غني بالفرص، يتوفر على مؤهلات طبيعية وبيئية وتاريخية تجعل منها مرشحة للعب أدوار اقتصادية واجتماعية أكبر. ويرون أن بلورة رؤية تنموية شاملة، تُعطي الأولوية للاستثمار المنتج، وتعزيز البنية الاجتماعية والاقتصادية، يمكن أن يفتح آفاقًا واعدة لأبناء المدينة، ويعيد إليهم الثقة في حاضرها ومستقبلها. أمام هذا الواقع، يظل السؤال معلقًا: هل تتغير النظرة إلى الصويرة من كونها وجهة سياحية مؤقتة، إلى مدينة متكاملة توفر شروط العيش الكريم، والعمل، والعلم؟ أم أنها ستبقى محطة عبور تُؤثثها الذكريات ويُفرغها الشباب من أحلامهم؟
التعليقات مغلقة.