إعادة انتخاب رئيس مقاطعة سيدي يوسف بن علي: بين احترام المساطر القانونية و الإرادة السياسية

الانتفاضة /مداخلة مولاي حفيظ القداوي العباسي/ عضو داخل مجلس مقاطعة سيدي يوسف بن علي بمراكش

عرفت مقاطعة سيدي يوسف بن علي اليوم محطة سياسية دقيقة تمثلت في إعادة انتخاب رئيس جديد للمجلس عقب استقالة سلفه، في أجواء كشفت عن تباين حاد بين النص القانوني والتدبير الواقعي.

وبينما بدا ظاهر الأمور منتظمًا، فإن ما جرى فعليًا يطرح تساؤلات عميقة حول مدى احترام المساطر القانونية، وحول التوازن بين السلطة التقريرية المنتخبة والسلطة المحلية المواكبة.
فمن خلال متابعة مجريات الجلسة، يتبيّن بأن مريم باحسو تقدمت ، كمرشحة واحدة، بدون تقديم استقالتها من النيابة، وهذا دليل على أن المكتب تم حله ، لكن السؤال المطروح هو لماذا لم تقدم لائحة المكتب ؟
أما بالنسبة للرئيسة الجديدة قد انتخبت بالإجماع و هذا دليل على الثقة و الاحترام و القبول التي تحظى به داخل المجلس ولا أحد كان رافضًا في الأصل للرئيسة المنتخبة كشخص، بقدر ما عبّرنا عن رفضنا للطريقة التي دُبّرت بها هذه العملية، والتي تجاهلت القاعدة القانونية الصريحة التي تنظم حالة استقالة الرئيس.
بمناسبة ذكر استقالة الرئيس السابق هناك سؤال جوهري يفرض نفسه في سياق هذه الواقعة، ويتعلق بمدى احترام المسطرة القانونية الخاصة بالاستقالة: هل قام الرئيس السابق بتقديم استقالته إلى السلطة المختصة قبل دخوله السجن، أم أن ذلك تم بعده؟.

ذلك أن المادة 21 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات تنص صراحة على أن شغور منصب رئيس المجلس، سواء بسبب الاستقالة أو غيرها من الأسباب، يجب أن يُبلّغ من طرف السلطة المختصة داخل أجل أقصاه خمسة عشر (15) يومًا، وتُدعى إثر ذلك، وجوبًا، جلسة انتخاب رئيس جديد داخل أجل لا يتعدى خمسة عشر (15) يومًا من تاريخ التبليغ.
وبالتالي، فإن تاريخ تقديم الاستقالة، وتاريخ التوصل بها من طرف السلطات المختصة ، يعدّان عنصرين حاسمين لتحديد مدى قانونية الإجراءات التي تلت ذلك، بما فيها انعقاد الجلسة الخاصة بانتخاب رئيس جديد.
و ذلك طبقا للقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، الذي لا يكتفي بمجرد انتخاب رئيس جديد بعد الاستقالة أو العزل، بل ينص في المادة 21 على أن انتخاب رئيس جديد يستتبع بالضرورة بانتخاب مكتب جديد، نظرًا لكون العزل يُسقط الثقة عن الهيكلة بكاملها، لا عن شخص الرئيس فقط. إذ أن رئيس المجلس لا يشتغل في فراغ، بل ضمن مكتب يتقاسم معه المسؤولية، ويُفترض أن يعاد تشكيله بنفس منطق المساءلة والشرعية.
أبرز ما في هذه العملية، هو كون الرئيسة المنتخبة كانت تشغل منصب نائب الرئيس السابق ، ما يعني شغور منصبها كنائبة بقوة القانون.

إلا أن المجلس لم يُفعّل ما تنص عليه المادة 22 من القانون التنظيمي رقم 113.14، والتي تُلزم بتعويض المناصب الشاغرة داخل المكتب.

الأدهى من ذلك، أنه بعد أن نبهنا إلى هذا الخلل وطالبنا بتطبيق القانون عبر حل المكتب برمته وإعادة تشكيله.

غير أن هذا الطلب قوبل بموقف مستغرب من الباشا، باعتباره ممثل السلطة المحلية، حيث أجابنا “اذهب واطعن في القرار”، وحين أصرينا على رأينا و عوض أن يحيلنا الباشا على ممثل الجماعات المحلية طبقا للقوانين التنظيمية أحالنا على مسير الجلسة الذي يعتبر دوره دورا شكليا فقط ، وبهذا يكون الباشا و بشكل صريح رافضًا التفاعل الجاد مع الملاحظة القانونية.
هذا السلوك، الذي وُثّق وشهدت عليه أطوار الجلسة، يُعد من حيث الجوهر خرقًا لمقتضيات المادة 19 من القانون التنظيمي، والتي تلزم ممثل السلطة بالحضور لضمان السير العادي للجلسات دون التدخل في محتواها، وبالخصوص دون إهانة أي عضو من أعضاء المجلس أو التقليل من وجاهة تدخله القانوني.
كما أن ما وقع يُمثل إهانة صريحة للمؤسسة المنتخبة، ولمكانة المستشار كفاعل ديمقراطي يتمتع بالشرعية الشعبية.

فأن يُردّ على تدخل قانوني بمثل تلك العبارات، فذلك يُفرغ العمل المؤسساتي من معناه، ويحول رجل السلطة من طرف مواكب إلى طرف ضاغط، وهذا انتهاك صريح لمبدأ الحياد.
إن التراخي في احترام المساطر القانونية، والتجاوز في التعامل مع الممثلين المنتخبين، يُفقد العملية الديمقراطية قيمتها، ويُكرّس منطق الهيمنة بدل التشاركية.

وإن استعادة الثقة في المؤسسات، تبدأ أولًا بترسيخ الإحترام المتبادل بين المنتخبين ورجال السلطة، داخل الإطار الذي رسمه القانون والدستور.

التعليقات مغلقة.