الانتفاضة // إلهام أوكادير // صحفية متدربة
مراكش، المدينة السياحية التي تستقطب سنويا ملايين الزوار، بعدد ساكنةٍ يفوق المليون نسمة؛ عرفت توسعاً عمرانياًّ كبيراً خلال العقدين الأخيرين، إلّا أنها وعلى غرار أغلب المدن الكبرى، تعاني و بشكل ملفث، من أزمة النقل الحضري، الذي أصبح يؤرّق
المواطنين وبشكل يومي.
و لأن البنيات التحتية تعدّ عنصراً حاسما في نجاعة السياسة التدبيرية لأي مدينة، وخاصة النقل الحضري، فإننا اليوم نضعه تحت مجهرنا، لكي نستعرض و بعجالة، مختلف العناصر الأساسية، المسببة لهذه المشكلة، خاصة مع تزايد الوافدين على هذه المدينة ، من مختلف المدن و البلدان الأخرى، سواء من أجل الدراسة، الإستشفاء، السياحة، وحتى الإستثمار؛ مما يضعُ سكانها في معاناة صامتة، من خلال مشاهد يومية تعكس فوضى النقل الحضري بمراكش .
ولعلّ أبرز هذه المشاهد، بعض سيارات الأجرة الكبرى، وعلى سبيل المثال تلك المتوجهة ل” دوار العسكر” و _ ما يجاوره من أحياء _ لا تتوفر على نقاط توقف رسمية و محددة داخل المحطة الطرقية ل ” باب دكالة “، _ باعتبارها المنطلق الحيوي، الذي تنطلق منه سيارات الأجرة بمختلفها، إلى جميع الإتجاهات السكنية _، مما يدفع سائقي سيارات الأجرة، لممارسة ما يشبه الكرّ و الفرّ ، يتنقلون بسرعة بين الأرصفة لتجميع الركاب، ليفرّوا بعد ذلك خوفاً من ملاحقة شرطي المرور، ناهيك عن معاناة الركاب مع الإزدحام و التدافع في النقاط القريبة من المحطة، و سعيهم المتواصل جرياً لملاحقة سيارات الأجرة، آملين توقفها وسط التدافغ وغياب احترام الدور بينهم وكساد الفوضى العارمة و غياب التنظيم المُحكم .
كما أنّ وضع حافلات النقل لا يختلف في شيء، نظراً لما تشهدهُ من قلّةِ خطوط، و ازدحام كبيرٍ، خاصةً في الأوقات الحيوية للصباح و المساء، في رحلة خانقة و مؤرّقةٍ، ممّا يضطرّ السّائق أحياناً للمرور دون توقفٍ ، في العديد من المحطات، لتزداد بذلك أزمة الإنتظار ولفترات طويلة.
أمّا سيارات الأجرة الصغرى، فتظلّ هي الأخرى محلّ أرق كبير، فعددها غير كاف لسدّ الإحتياج؛ لنجد منهم من يفضّل نقل السيّاح الأجانب على حساب المواطنين، نظراً لارتفاع التسعيرة مقارنة بهؤلاء، ومن يمرّ مرور الكرام، غير آبهين بمن يؤشر بيده تحت الشمس الحارقة، و هناك من يكتفي براكب واحد ” كورسا ” تجنّباً للتوقف مراتٍ عدة، بالإضافة للذين ينتقون وجهة محددة حسب اختيارهم قائلين : ” لا أنا غادي لكليز” ، عكس ما يُلزمه به قانون السائق المهني، الذي يحث على نقل الراكب لأيّ وجهة يريدها.
و أخيراً، ولكي نُلمّ بمختلف عناصر الأزمة، فإنه وجب القول بأنّ أزمة النقل في مراكش، لا تقتصر فقط على نقص وسائل النقل، بل إنها نتيجةٌ للإكتضاض الكبيرفي المدينة، بسبب كثرة الوافدين عليها، من مختلف المناطق الداخلية والخارجية ، و لعلّ ذلك راجع لتمركز مختلف الإدارات الجهوية، و التظاهرات الإقتصادية والثقافية، و كذا المشاريع الإستثمارية والعقارية و المهرجانات و الأنشطة المختلفة في هذه المدينة بالذات، عكس المدن الأُخرى، التي تعرف ركوداً سياحيا و اقتصاديا و حتى استشفائياً؛ فلعلّ الحلّ، يكون في توجيه ولو جزء من الإستثمارات الكبرى، إلى هذه المدن التي تحتمل توجّه و توافد السكان و السيّاح إليها قصد تنشيطها، عوض تركيز الجهود في مدن محدّدة تعاني الإكتضاض و غلاء الأسعار من جهة أخرى .
مقالك لامس واقع نعيشه يوميا ، واسلوبك كان واضحا ومؤثرا .استمري 🫶🏻