لم نعد قادرين على تحمل الضوضاء و الضجيج المحيط بنا في كل مكان، دخان هنا و صراخ هناك، عتاب هنا و تنمر هناك، نميمة و بغضاء و حقد و حسد على ابسط ما تملك، و ما بالك ان كانت ابتسامة تستقبل بها نهارك المشرق، أعداء بصيغة الأصدقاء، و أصدقاء تنكروا لقيمة الإخلاص و العرفان و التشبث بروح الصداقة الحقيقة، يتغيرون بتغير الوضع المادي و الاجتماعي و غيره، فلو يسر الله له و رزقه من وسع، اصحب يرى نفسه ارتقى طبقة و ترك طبقة الفقراء، و ما ان يسر له الله تعالى أمر الزواج، لبس زي الصالح و تنكر لأشخاص كانوا بالزمن القريب ينصحونه و يوجهونه لطريق الفلاح.
حديثي ليس فقط عن الإنسان المغربي بل عن الإنسان أينما تواجد فوق سطح هذا الكوكب، باختلاف ديانته، عرقه، لونه، و اعتقاداته، و لعل الحل المثالي هو العزلة و الانفراد بعيدا عن السلبية الطاغية على هذا العالم، يمكن ان يراها البعض هروبا و عدم مواجهة و مجابهة كل ما يواجهنا في الحياة، و لكنني أراها راحة لا يمكن ان يحسها إلا العقلاء، نعم أحارب و أجابه للدفاع عن فكرة و معتقد و نتيجة منطقية، و لكن لا أحارب من اجل راحة بالي و سعادة كياني، و التي أجدها شخصيا في الجلوس مع نفسي بعيدة عن كل الجحود و النقاشات الفارغة.
فالعزلة يشخصها بعض الأطباء على أنها بداية الاكتئاب، و لكنني أجدها علاج من الاكتئاب و أكيد لا أتحدث عن العزلة الدائمة لان الإنسان بطبيعته اجتماعي، و لكنني أتحدث عن عطلة يجب منحها لنفسنا لإراحتها من كل الضغوطات المحيطة بنا، حتى لو كنا أباءا و أمهات، اجل لا أتحدث عن عالم أفلاطون، و لكن حديثي عن عالمنا و واقعنا، أعي جيدا مسؤولية الآباء و التي منها يتم نسيان كل ما يطمحون إليه، و على رأس هاته الأمور راحتهم و الاستمتاع بوقتهم و لو لساعة.
ليس بالضرورة ان تملئ جيبك بالكثير من الدراهم لتعيش السعادة، فالسعادة تملكها و لا تقدرها، فأنت حي ترزق، تمشي، ترى، تسمع إلا غيرها من النعم و الحمد الله، حتى و ان كانت لديك إعاقة فهي نعمة و الحمد لله، الكثيرون سيعتقدون أنني اكتب هاته السطور لأملئها و امضي، ولكن لا صدقوني القول، أنني عشت تجارب جعلتني أرى ان العالم لا يسوى فلسا أمام الصحة و التمتع برضى الوالدين، و عدم الاتكال على احد سوى الله تعالى.
انتظروا، لحظة: أريد فقط ان أوضح لكم أنني لا أحرضكم على العزلة و عدم الإكثار من الأصدقاء، و لكن تجارب من سبقونا لهاته الحياة تأكد كل حرف كتبته، و كما نقول: ” لي فاتك بليلة فاتك بحيلة” و الابتعاد و الصمت هو فرصة لإعادة تربيت الأوراق التائهة بدوامة الدنيا، و تجنب كسر الخواطر، فكثير ما ننكسر و نتجنب كسر الآخرين، ليس نقصا أو ضعفا لشحصيتنا، كما يحلو للبعض تسميته، بل لسمو أخلاقنا و كرم تربية والدينا لنا، فالسب و الشتم طريقهما سهل، حتى الكلام الطيب و لابتسامة و التجاوز و التغاضي سهل، يجب فقط ان نتحلى بشيء من الصبر رغم انه صعب بوقتنا الراهن، و الله أحس و كأنني سأضحك لأنني أتخيل الآن الارتسامات و التعليقات التي يقوم بها الكثير منكم، و لكن صديقوني هناك الكثير من المعتقدات الخاطئة التي وجب تصحيحها بمجتمعنا و التي للأسف كبرنا على سماعها و القيام بها.
دعونا من حال الآخرين لأنه لا يهمنا في شيء، دعونا ننشغل بإسعاد أنفسنا، لبس نفسك أحسن الثياب، تزين و تعطر، و اخرج بنفسك و اجلس بأجمل المقاهي، تمتع بزينة الحياة، و الهواء، أنسى ما يدور حولك و لو لدقائق معدودات، فالحياة جميلة و تستحق ان تعاش على الوجه الذي تستحقه.
التعليقات مغلقة.