مر ما يفوق عشر سنوات على حادثة سفينة مرمرة أو سفينة الحرية أو أسطول الحرية لفك الحصار على قطاع غزة المحتلة، و هي مباردة من طرف نشطاء إنسانيين اجتمعوا بميناء توركيا قادمين من ست و ثلاثين دولة حول العالم، و لكن للأسف لم تكتمل رحلتهم و ضاع حلمهم بأعماق البحار بعد محاصرة القوات الإسرائيلية لهم و اعتقال بعضهم و قتل عشر أتراك من بينهم، و كان ضمن هؤلاء الحالمون سيدة سورية مناضلة تدعى شذى بركات، و التي أصبحت اليوم رمزا للنضال و التفاني و التضحية، جريدة الانتفاضة كان لها شرف محاورتها و إليكم ما جاء في الحوار:
س…أستاذة شذى بركات مرحبا بك معنا عبر قناة الانتفاضة، و شرف كبير لنا ان تكوني معنا اليوم.
ج…شكرا جزيلا لكم، و نسال الله تعالى ان يتقبل منا صالح الأعمال، و احي عن طريقكم كل أشقائنا بالمغرب.
س…أيمكننا القول، ان شخصية شذى بركات اليوم هي نتاج تربية مناضل كبير رحمه الله و جعله من أهل الجنة، تشبعت بالدفاع عن حقوق المظلومين كيفما كانت دياناتهم و أعراقهم، فهل شخصية شذى رأت النور عن طريق أبيها رحمه الله؟
ج…بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله، فيا أختي الكريمة فالبين هو ذاك المنبت الذي ينبت به الزرع، فما ن يكون هذا المنبت صالحا، يكون الزرع بدون اعوجاج، كبرنا بهذا الشكل، فالوالد كان يحب وطنه و عمله، و الوالدة تشتغل بالمجال كذالك، و هذا كان له الأثر الكبير علينا، خصوصا و انه كان يعمل بالسياسة و سجن لعدة مرات، و هذا الوضع الذي نحن عليه الآن، هو نتاج ما مر بنا و ما مر به و ما كان عليه من ثقافة جعلنا نستشرف المستقبل و الحمد لله.
س…مر ما يفوق عشر سنوات على حادثة سفينة مرمرة، لماذا لم تأخذي المبادرة و تعيدي التجربة خصوصا في ظل الحرب الهوجاء التي يعرفها قطاع غزة الآن؟
ج…و الله في ظل التجربة المريرة التي ممرنا بها، لا يمكن ان تعيدي المبادرة مرة أخرى و ليس معك قوة و تضامن و غيرها، فسيكون أمر بلا معنى و لن يجدي نفعا، فكما يلاحظ الجميع للأسف المعبر لا يريدونه ان يفتح، و ما نراه الآن هو ناتج عن الحصار منذ سنوات، و سيكون خطأ منا ان كررنا التجربة دون قوة تحمينا.
س…أستاذة شذى ان عدنا بك للوراء، كيف عشت ظروف التوقيف، و السجن بسجن” ايلا “بدير السبع؟
ج…حوصرنا بالمياه الإقليمية، و هاجمنا عشرة آلاف جندي إسرائيلي، بالإضافة إلى ثلاث طائرات هيلكوبتر كانت تتناوب على حراسة السفينة، و عطلوا مباشرة محركات السفن، و بالسفينة التي كنا عيه و كان عليها العدد الأكبر من الناشطين، أطلق علينا الرصاص، و قنابل مسيلة للدموع، و قنابل صوتية، و قتل منها عشرة نشطاء و جرح من خمسين إلى ستين ناشط، ثم اعتقلونا جميعا، و كان معهم كلاب بوليسية فتشت بأغراضنا، و تم كسر كل الكاميرات التي معنا بأعناق البنادر، و لم يكن يسمح لنا بمعالجة الجرحى و لا حتى بالدخول إلى الحمام، بعد ذالك أنزلونا من السفينة بطريقة همجية و بالشتائم و كل الطرف المنافية للإنسانية، و اقتادونا لسجن ايلا بدير السبع.
س…كم ليلة سوداء كانت وراء القضبان؟
ج…الحمد لله أنها كانت مجرد يومين، و يوم بالسفينة، و لكن كانوا يعرفون جيدا مدى الخطورة بالفعل الإجرامي الذي قاموا به، لذالك كانوا دائما متوترين، و الحمد لله بفعل مجموعة من التدخلات السياسية، و بحكم اختلاف الجنسيات التي كانت على ظهر السفينة، أطلق سراحنا.
س…هل وقع منكم احد على التزام، الذي فرضته إسرائيل للإفراج عنكم، و مفاده عدم العودة لفلسطين؟
ج…لا يا سيدتي لم نوقع، و لكنهم اخبرونا أنهم اخذوا صورا لنا جميعا، و لديهم معلوماتنا جميعا، و هددونا ان عدنا فسيتم اعتقالنا لعشر سنوات بالسجون الإسرائيلية.
س…هل استشهاد ابنك عمر، كان دافعا لك لإنشاء مدرسة لتعليم جيل سوري ضاع مقعده بحجرات الدراسة بعد النكسة السورية؟
ج…نحن كما ربينا، حاولنا ان نربي أبنائنا على المنطق و الدين و الوعي، عندما أخرجنا من ديارنا لمعارضتنا للأسف الشديد، أخذت أبنائي لتوركيا، و للأسف آنذاك لم تتقبل المدارس التركية بأنبائنا، حتى و ان تم ذالك فهي تفرض شروطا يمكن ان تقولي مستحيلة، فكنت أخشى عن أبنائنا خصوصا من القتل من دون أي سبب، فقرننا رفقة مجموعة نشطاء ان نفتتح مدرسة لتعليم أبناءنا لان أول عدو لنا هو الجهل.
س…فتحت مأوى لكل من لا مأوى له، و كنت تطبخين و تقدمين الطعام للجرحى و تعالجينهم، كيف عشتي هاته التجربة؟
ج…و الله كانت تجارب أعيشها ضمن تجربة في ان واحد، و هاته المصائب اعتبرها نعم و الحمد لله و هي تقويني، و كانت مجالستهم تقويني حقا، فمنهم من فقط أطرافه، و منهم من فقد أهله، حتى التفكير بمستقبلهم ضاع وسط كل هاته المحن و الحمد لله، و لكن كنا نقوي بعضنا، و الحمد لله جعل الكثيرين من من كانوا حولي من أهل و أحباب يساعدونني بهذا الأمر و إدخال الفرحة على قلوبهم.
س…رسالتك للأمة العربية أستاذة شذى؟
ج…نحن نعاني يا أهلنا بالمحرر، فما عانيناه من النظام الطائفي هو شبيه بما يعانيه أهلنا في غزة، و لكننا معهم قلبا و قالبا، و ان لم نتشبث لعروة الوثقى و نكون سويا، فلن ننال كرامتنا و أراضينا، فقوتنا ان نتشبث بديننا، نسال الله تعالى ان نعود الى رشدنا و ان نكون واعيين مما يحاك لنا من مؤامرات، و ان نكون حقا من عباده المخلصين.
التعليقات مغلقة.