عبر حسن الكتاني، أحد أبرز قيادي التيار السلفي بالمغرب، عن استغرابه الشديد من رد “بيت الحكمة” عليه على خلفية ماكتبه في صفحته الإجتماعية بخصوص ما استخلصه من دروس حول أحداث مصر الأخيرة.
وكتب الكتاني على نفس الصفحة: فوجئت برد (بيت الحكمة) على ما كتبته امس من فوائد مستنتجة من احداث مصر، و هذه المؤسسة بدل ان تقف مع المظلوم ضد الظالم و يشتد نكيرها ضد الانقلاب العسكري في مصر ضد الحكومة الشرعية التي اتت بطريقة ديمقراطية معترف بها عالميا لاول مرة في العالم العربي، انقضت علي انا و حملت كلامي مالا يحتمله بحال من الاحوال، و كانها تصرف عداء لها مع الاسلام في صورتي انا”.
وتساءل الكتاني عن خلفيات هجوم “بيت الحكمة عليه” قائلا: لماذا هذا الهجوم علي و انا ابديت رأيا لي على هامش أحداث كبيرة؟؟ هل تستجيزون العنف اللفظي اذا رأيتم مبادئكم تنتهك و تستكثرون علينا مجرد ابداء الرأي؟
مضيفا تساءلا آخر: لماذا ابحتم لانفسكم العنف اللفظي فلا نستبعد عليكم العنف الجسدي ضد مخالفيكم ، وهو عين ما استنكرته فيما يحدث في مصر؟
وأوضح الكتاني بأن القسمة “ليست ثنائية اما ديمقراطية و اما استبداد”، مشيرا إلى وجود نظام “آخر هو النظام الاسلامي الذي فيه الهدى و النور، و امر الله فيه بالشورى (و امرهم شورى بينهم)، (و شاورهم في الامر)، موضحا بأن “العلماء نصوا على ان الحاكم اذا لم يستشر ذوي الرأي و استبد بالامر فانه يعزل”.
كما أوضح الكتاني، بأن “الديمقراطية نظام حكم ولد في اوروبا بعد الحرب بين الكنيسة و المثقفين، و هذا الامر لم يكن عند المسلمين بحال، و مع ذلك ف(الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو احق بها)، فلا بأس من الاستفادة من اي نظام فيما لا يخالف الشريعة الاسلامية، و انما المستنكر هو استنساخ تجارب و افكار امم اخرى بدون ضوابط، لاننا امة بحمد الله قد ارسل الله لها كتابا هاديا (ما فرطنا في الكتاب من شيئ)، و ختم لنا بخير رسول ارسل للناس، صلوات ربي و سلامه عليه، جاءنا بشريعة (بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك). يضيف الكتاني.
وأشار الكتاني إلى أن كلامه كان “واضحا في ان الحاكم يجب ان يطبق القانون الشرعي و لا يتساهل مع من يخرقه، و لا يسمح بالتطاول عليه بالكذب و السفاهة، و هذا امر بديهي” بحسبه، نافيا أن يكون بكلامه قد سوغ لـ”لاستبداد و الطغيان” ثم أضاف متسائل: “كيف و أئمتنا عبر التاريخ اكتووا بنيران الطغاة، و رسولنا صلى الله عليه و آله و سلم يقول: “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”، و قال عليه الصلاة و السلام: “سيد الشهداء حمزة، و رجل قام الى امام جائر فامره و نهاه فقتله”.
ونفى الكتاني أن يكون ادعى يوما بأن قام بمراجعات فكرية، وتساءل مع “بيت الحكمة” فعن اي طابع حربائي تتحدثون ؟”، قبل أن يختم كتابته بنصيحة قال فيها :و اخيرا انصح اصدقائي في (بيت الحكمة)، ان يقرأوا كتب الاسلام من مصادرها الاصلية بدل الاخذ من كتب أعدائنا فسيجدون فيها الخير و الهدى و النور، و إني لكم ناصح أمين و الحمد لله و صلى الله على رسول الله و آله.”
وكان “بيت الحكمة” وهو مؤسسة غير حكومية قد اصدر بيانا شديد اللهجة اتجاه الكتاني على خلفية مواقف كتبها الكتاني على صفحته الإجتماع بحيث لم تتأخر جمعية “بيت الحكمة”، التي تترأسها خديجة الرويسي النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، في الرد على ما نُسب إلى الشيخ حسن الكتاني أحد رموز التيار السلفي بالمغرب، معتبرا تصريحاته الأخيرة بكونها “تعادي الإنسان والتاريخ، وتكرس طبائع الاستبداد لدى الحاكمين“.
واعتبر بيت الحكمة ، بأن الكتاني برؤيته تلك للديمقراطية “لا يعادي القيم الكونية للإنسانية فقط، بل وضع نفسه ضد حركية التاريخ مع ما راكمته البشرية من تطورات، وتقدم مذهل في شتى المجالات على مر العصور”، مشيرا إلى أنه تصريح “يترجم العداء الدفين لقيم التعددية والاختلاف“.
ولم يتوقف بلاغ الجمعية عند هذا الحد، بل اعتبر “خرجة” الكتاني تلك مؤشرا على ما سمته “الطابع الحربائي للفكر السلفي الذي يعلن القيام بـ”مراجعات” فكرية دون تحقيق ذلك عمليا”، مردفة بأنها تصريحات تعكس “الإيديولوجية التحكمية التي ينبني عليها هذا الفكر الذي يشرعن الاستبداد والترهيب والطغيان باسم الدين، إلى درجة إباحة التقتيل والعنف، وتبرير هيمنة الحاكم المستبد باسم ما يسميه الكتاني “هيبة الدولة“.
وذهبت الجمعية إلى أن “المرجعية التي تستند عليها تصريحات الكتاني تعادي أسس الدولة المدنية القائمة على التداول الديمقراطي والسلمي على السلطة، كما تختبئ وراء الدين لتبرير الهيمنة السياسية والحكم الشمولي، وتريد إرجاع البشرية قرونا إلى الوراء” بحسب تعبير “بيت الحكمة“.
وحذر المصدر ذاته من “خطورة هذا النوع من التفكير الذي يتنكر للتاريخ، ويعادي مكتسبات المجتمع العصري، ويذكي فتيل الفتنة والتطرف ضدا على القيم الإنسانية النبيلة القائمة على الحوار والانفتاح ونبذ العنف والاستبداد، أيا كان نوعه ومنطلقاته، يقول بلاغ جمعية الرويسي.
b
التعليقات مغلقة.