الرقية بغلاف شرعي تتجاوز اختصاصات الطب الحديث بمدينة الصويرة

اسبوعية الانتفاضة

من رخص لدور الرقية الشرعية بمدينة الصويرة؟

ومن يضمن انها لن تسير في منحى راقي بركان!؟

بقلم : ّ  ذ  محمد السعيد مازغ

كثيرة هي الحرف او المهن التي طفت على السطح في مدينة الصويرة ، خارج الصناعة التقليدية وما يجود به البحر، حرف ومهن وأنشطة تجارية تلقى اقبالا وزبائن من طينة معينة، تذر على اصحابها أموالا طائلة، ولا   يخضع معظمها لأية مراقبة، بعضها يغلق أبوابه في وجه العموم ، ويحرص على ان تتم المعاملات  في سرية تامة، وحذر شديد.

نذكر على سبيل المثال لا الحصر : ـ العلب الليلية night club، دور الضيافة  maison d’hôte، حمامات التدليك SPA ، ومراكز الرقية ” الشرعية “وغيرها من المحلات التي يطرح حولها أكثر من سؤال  لما يكتنفها من غموض، وما يحيط بها من علامات استفهام سواء على مستوى الجانب الاخلاقي والصحي و القانوني، أو على مستوى المصداقية، والكفاءة، المردودية، والحصيلة..

 في هذا العمود سنرصد مراكز الرقية الشرعية بمدينة الصويرة ، في انتظار العودة الى الباقي المؤسسات المذكورة بالتحليل والتدقيق عسى أن تجد تحذيراتنا آذانا صاغية، وإرادة فعلية لتدارك الخلل واصلاح ما يمكن إصلاحه تحصينا للمدينة من المفاسد والطفيليات التي تكرس التخلف وتعمق الخرافة، وتأكل أموال الناس بالباطل.

 

هي  مراكز ـ ” الطب الشعبي” ـ كما يحلو للبعض تسميتها، لكونها تدعي قدرتها على حل مشاكل المواطنين، وتعالج الامراض التي استعصى على الطب الحديث علاجها من صرع، ومس، وزيادة وزن ونحافة، ومساعدة على الانجاب….وقد تعالج حتى مرض السرطان الخبيث، مهنة لا تتطلب شهادات علمية عليا، أو إجازات مهنية، يكفي فقط التوفر على مقر للعمل يتم تجهيزه،  بمكبر صوت، وجهاز تشغيل اشرطة قرانية وأدعية موثورة، وكاميرا لتصوير معاناة المرضى النفسانيين، أو من يتقمص دور المريض، واتخاذها وسيلة جذب للزبناء، واستغلال قنوات التواصل الاجتماعي للدعاية والاشهار،ولبس القميص، مع إطالة اللحية ووضع الطاقية على الرأس، وإن أمكن حك الجبهة بالبلاط الى غاية طبع الدينار الأسود عليها..

وللمزيد من التأثير، يمكن تشغيل اشرطة في قاعة الانتظار، تسمع فيها صيحات تهز المكان، وحوارات مع الجن تقشعر لها الأبدان، وصراع ينتهي بهزيمة الجن وخروجه من الاطراف العليا او السفلى  للمريض أو من وكل له لعب هذا الدور.

مهنة اختلط فيها النابل بالطالح، لم تعد تلك الرقية التي يقوم بها امام المسجد لوجه الله، او بما جاد عليه المحسنون بعيدا عن تحديد المبلغ المادي والمواعيد، واعتماد الخلوة بالنساء، فأصبحت لغة المال هي السائدة، ومراكمتها تتوقف على القدرة على اللعب على العقول الضعيفة، والنفوس المريضة التي تؤمن بالخرافة  وتقدس البشر، وتعتقد في أن الشافي من المرض والمخلص من العذاب هي الطلاسيم، و التعازيم والحديث مع الجن، وتسخيره لإخراج السحر من المقابر ومن ارجل الطيور، وفم الثعبان وغيرها من عجائب الأقوال، وغرائب الحكايات.

قديما كان الدجالون يجرون هذه الطقوس داخل بعض الأضرحة، كما يختار بعضهم  القرى النائية والبعيدة عن المجال الحضري مستغلين الجهل والامية والشعوذة المسيطرة على العقول، ولكننا اليوم نستغرب للهجوم على هذه المدينة الهادئة، وفتح بيوت ومكاتب وشقق لمزاولة الشعوذة بكل حرية وطلاقة، باسم الرقية الشرعية، والعلاج الروحي وغيرها من المصطلحات والجمل الرنانة التي تقع في أذن الهدف المنشود كالطعم في فم السمكة. وقد ساهم الاقبال على هذه محلات  في تناسلها ، واذا استمر الحال على ما هو عليه، فستصبح لكل تجزئة رقاتها، وعلى رأس كل زنقة لائحة أشهارية تعلن عن انواع التخصصات والعلاجات التي فشل الطب الحديث عن علاجها، وأدركها الرقاة بفعل تملكهم الخوارق وانفرادهم بمعرفتهم الواسعة بآيات الشفاء، وقدرتهم على حرق الجن وتعذيبه، أو طرده وتسخيره لاغراضهم الشخصية، أو نفيه من البلد وقتله..

وقد يتساءل البعض: لماذا مدينة الصويرة بالذات ؟ هل وراء هذه الظاهرة شياطين الانس و الجن الذين ارتأوا شغل الفراغ الثقافي والرياضي والاقتصادي والاجتماعي..الذي تعيشه المدينة وتصريف أذهانهم الى العالم الغيبي حيث تتنزل بركات اولياء الله الصالحين على من يتعلق قلبه بسيدي عيسى بوخابية، وسيدي مولاي بوزرقطون، وسيدي مكدول واللائحة طويلة ..؟  أم هم سكان الجزيرة القابعة وسط البحر الممنوع الوصول اليها بدعوى حماية بعض الطيور واماكن توالدها ؟ أم الذين يرخصون بفتح هذه البيوت وتكريس التخلف والشعوذة؟

أم نلقي اللوم على وزارة الاوقاف والشؤون الدينية التي أخذت موقف المتفرج وكأن ما يجري باسم الدين لا يدخل في نطاق اختصاصاتها،  و منها الى وزارة الصحة العاجزة بدورها عن تسهيل العلاج  بالمصحات النفسية وتاهيل أطباء أختصاصيين في الميدان، ؟ أم وزارة الداخلية التي ترخص بمزاولة مهنة بدون مؤهلات علمية، أو شهادات جامعية ؟

قد يعتبرها البعض تشكيكا في آيات الله ، وطعنا في حاملي كتابه، وتلك مبررات غالبا ما يتخفى وراءها من تضايقهم الكتابات وتتناول قضاياهم وسائل الاعلام بكل اصنافها، علما أن الدافع وراء تحذير المواطنين من الوقوع في فخ ممتهني النصب والاحتيال،هي الأحداث المؤسفة التي تقع هنا وهناك، وتكون ضحاياها في الغالب فتيات مقبلات على الزواج، أو نساء متزوجات أو مطلقات، أو مريضات يزداد مرضهن سوءا واستفحالا ، بسبب مضاعفات الصدمة النفسية التي يتعرضن لها على يد بعض هؤلاء الرقاة الذين من الصعوبة بمكان، الفرز بين الصالح والطالح، وبين الحافظ لكتاب الله والمتظاهر بالتقوى والفلاح….

الجميع يدعي تملّكه القوة الخارقة للصرع وازالة الثقاف…، والكل يدعي الطهارة، والالتزام بمبادئ واخلاق الدين الاسلامي، و منهم من يفضح الله سلوكاته، ويكشف امره، وتتعدى فضائحه المجال المداري الذي يشتغل به، إلى فضيحة اخلاقية يصل صداها الى خارج المملكة، وتتدخل فيها العديد من الأطراف كقصة راقي بركان الذي زاد ضحاياه من النساء عن الألف، إضافة الى مجموعة من الصور المخلة بالحياء،

الدجال حسب المعلومات الواردة كان يقدم لضحاياه الماء على اساس انه يعالج الممسوس، أو يقدم لهن عصيرا منوما  يفقدهن الوعي، ويدفعهن للاستسلام له ليمارس عليهن شدوذه، مع تصويرهن وابتزازهن جنسيا .وقادت العملية الى مآسي عائلية، ومعاناة لا حصر لها، خاصة بعد التعرف على حوالي 1500 امرأة معظمهن من وجدة وبركان والمناطق المحيطة بهما.

والجميل ان بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، قاموا بحملة تهدف إلى تحذير المواطنين من التعامل مع ممتهني الرقية الشرعية، أطلقوا عليها ”لا ترسلوا نساءكم إلى ممتهني الرقية الشرعية”. لما يتعرضن له من تحرش واغتصاب ونصب واحتيال على يد من تقمصوا دور الرقاة، وما هم برقاة ولكن المسؤول الحقيقي هو من وفر لهم الغطاء القانوني لممارسات تبذو في ظاهرها آمنة، وفي عمقها

التعليقات مغلقة.