لا توجد في غزة زاوية ولا شيخ

الانتفاضة // ادريس الكنبوري

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحابه من المفاوضات حول غز-ة، وأعطى بذلك لإسرائيل الضوء الأخضر لمزيد من القتل للفلسطينيين.
ولكن بعيدا عن المجازر، فإن موقف الرئيس الأمريكي الحالي تعبير واضح عن الهزيمة أمام رجال العزيمة. لأول مرة منذ دخلت أمريكا الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية تنهزم فيه، فقد فشلت في إملاء شروطها على غير العادة، وفشلت في تركيع الفلسطينيين على غير العادة، وفشلت في توظيف سماسرتها العرب للضغط على الفلسطينيين على غير العادة.
ترامب الذي انتصر على الجميع انهزم أمام بضعة رجال.

ترامب الذي سخر من الجميع في العالم وهدد الجميع وأخاف الجميع عجز أمام رجال من طينة الرجال الذين أعجزوا أباطرة الفرس والروم. صحيح أن انسحابه ضوء أخضر لاسرائيل، ولكنه دليل على الهزيمة، إذ لو استطاع أن يقدم لها شيئا دون قتال لفعل.
لذلك أكرر ما سبق أن قلته مرات، وهو أن هذه المعركة بدأت لكي لا تنتهي. هيكلة لن تنتهي لأن من شروط أمريكا واسرائيل القضاء على المقاااومة، والمقاوومة باقية وتتمدد، ومن شروطها وضع المقاوومة للسلاح، وهي لن تضع السلاح لأن في سلاحها كرامة الشعب الفلسطيني، وطالما أنها لن تختفي ولن تضع السلاح فإن إسرائيل مستمرة في الحرب، وباستمرارها في الحرب تتقدم نحو الفوضى التي تؤدي إلى اختفائها وإلقاء السلاح.
العقيدة التي هزمت الفرس والروم لن تهزمها أمريكا ولا صنم حجري إسمه إسرائيل.

العقيدة التي تقترح على أصحابها الجنة مقابل الموت يصعب الانتصار عليها.
لما أخذ أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة عشية وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أرسل جيشا لقتال الروم وآخر لقتال الفرس في وقت وأحد.

لم يقل بأن قتال إمبراطوريتين في وقت واحد مستحيل، بل قال إن هزيمة إمبراطوريتين للعقيدة مستحيل، ولم يقل إن عدد جيوش المسلمين قليل مقارنة بجيوش الفرس والروم، بل قال إن ثقة جيوش الفرس والروم في الله ضعيفة مقارنة بثقة جيش المسلمين في الله، لأنه كان يقرأ بأن الفئة القليلة تغلب الفئة الكبيرة بإذن الله، ولكن هذه الأمة اليوم أصبحت تأخذ الإذن من شيخ الزاوية فانهزمت، لذلك لا توجد في غزة زاوية ولا شيخ.

التعليقات مغلقة.