الانتفاضة
في إطار النقاشات الهادفة إلى تسليط الضوء على القضايا المجتمعية المختلفة، نظم الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، صباح اليوم الثلاثاء 21 يناير، يوماً دراسياً تحت عنوان: “حماية التراث والنهوض به بين الإكراهات والتطلعات”.
وقد افتتح اللقاء، الذي يواكب مناقشة مشروع القانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث، وشهد حضور مسؤولين حكوميين ونخبة من الخبراء والباحثين والمهتمين بمجال التراث، رئيس الفريق الاشتراك المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، عبد الرحيم شهيد، والذي شدد على أهمية تعزيز السياسات العمومية الرامية إلى حماية التراث باعتباره جزءا أساسيا من الهوية الوطنية.
وأكد شهيد على أن تنظيم هذا اللقاء يأتي في إطار السعي لتعزيز مشروع القانون المذكور، عبر اقتراح تعديلات تسد الثغرات التي قد تعتريه، موضحا أن النقاش العام والتفصيلي للمشروع داخل مجلس النواب يهدف إلى الخروج بتشريعات عملية وقابلة للتطبيق لحماية التراث من السطو أو الإهمال، مشيرا إلى أهمية دور المجتمع المدني في التحسيس بالقضايا المرتبطة بالتراث، بالإضافة إلى الدور المحوري الذي تلعبه الثقافة في التنمية.
كما دعا رئيس الفريق الاشتراكي، إلى استثمار الإمكانيات الثقافية والتاريخية التي تزخر بها المملكة المغربية، من أجل تعزيز السياحة الثقافية وتنميتها، منبها إلى ضرورة تسجيل التراث الوطني لدى المنظمات الدولية مثل اليونيسكو والإيسيسكو كآلية للحماية من السطو والاتجار غير المشروع.
من جانبه، قدم مدير التراث الثقافي بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، مصطفى جلوق، عرضا حول الاستراتيجية الشاملة التي تعتمدها الوزارة في مجال حماية التراث، موضحا أن هذه الاستراتيجية تقوم على الاستباقية والحماية والنهوض بالتراث، مع التركيز على تحويل الموروث الثقافي إلى رافعة للتنمية الاقتصادية، قبل أن يؤكد على أهمية تحديث الإطار القانوني الحالي، الذي يعود إلى سنة 1980، ليصبح أكثر شمولا وتماشيا مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، كما تطرق للتحديات المرتبطة بظاهرة السطو على التراث الوطني، سواء المادي منه أو اللامادي، داعيا إلى سن قوانين صارمة تتضمن غرامات وعقوبات مشددة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالآثار.
وشهدت الجلسة الأولى من اليوم الدراسي، التي حملت عنوان “أية سياسات عمومية لحماية التراث؟، مداخلات متنوعة، من طرف مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، عبد الجليل بوزوكار، ، الذي دعا إلى تبني مقاربة تشاركية لحماية التراث الوطني بدلا من السياسات المجزأة، فيما سلط المدير الوطني لبرنامج تثمين القصور والقصبات،عبد الله هاشمي، الضوء على التحديات التي تواجه صيانة التراث المعماري، مستشهدا بنموذج القصور والقصبات، ومن جهته، ناقش الباحث منتصر الوكيلي موضوع “حكامة حماية مواقع الفن الصخري بالمغرب”، مستعرضاً أهمية تحسين إدارة هذه المواقع.
أما الجلسة الثانية فتمحورت حول “المبادرات المدنية لحماية التراث”، وشملت مداخلات ركزت على دور المجتمع المدني في حماية التراث وتثمينه، حيث تطرقت لموضوعات متعددة، من بينها إشكالية حماية التراث الأركيولوجي، وأهمية التراث الجيولوجي للمغرب، وأدوار توثيق تراث درعة الثقافي في تعزيز الوعي وتحقيق التنمية، إضافة إلى استعراض مبادرات مدنية ناجحة لتثمين التراث.
بينما ناقشت الجلسة الثالثة، التي جاءت تحت عنوان “حماية التراث وإكراهات المجال”، مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بحماية التراث في مجالات مختلفة، حيث تناولت المداخلات موضوع التدخل في التراث المعماري داخل المجالات شبه الصحراوية، والتراث ما قبل التاريخ لجهة الشرق على ضوء الاكتشافات الأثرية الحديثة، وكذلك التحديات المرتبطة بالمواقع الأثرية والتاريخية بمنطقة الغرب، وركزت الجلسة أيضا على التراث الصخري بالمغرب، مشيرة إلى المخاطر التي تهدده وضرورة تعزيز جهود الحماية والتثمين.
تجدر الإشارة إلى أن اليوم الدراسي شكل مناسبة للنقاش المثمر حول واقع وآفاق حماية التراث الثقافي بالمغرب، وخلص إلى أهمية تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية لصياغة قوانين فعالة تضمن حماية التراث وتحقيق التنمية المستدامة.
التعليقات مغلقة.