الانتفاضة / محمد المتوكل
هو علم لم يكن يدرس في السابق بسبب عدم احتياج الناس اليه في ذلك الزمن الذي كانت فيه الاشياء سلسة وطبيعية ومرنة وعادية جدا، و تنهل من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمتح من تراث الوالدين والاقرباء والجيران والمخلصين والربانيين من الامة، وهو علم قائم بذاته لكنه لم تؤلف في الكتب ولم تقرض فيه الابيات الشعرية، ولم تقام فيه المحاضرات والندوات واللقاءات والتجمعات، بل كا علما قائما بذاته لكنه كان شفهيا تنزيليا وتطبيقيا واجرائيا وسهلا سلسا ولم يكن احد يكلف نفسه ولا يجهدها من اجل التعبير عن سلوك معين او تنزيل اجراء معين او اي شيء من هذا القبيل.
حتى ظهر لنا جيل لا له في العير ولا له في النفير جيل متحرر من كل شيء حتى من قيم الدين وتعاليم الاسلام ومقررات المعلوم من الدين بالضرورة، جيل لا يحمل رسالة ولا يدين بمبادئ، ولا يستقيم على فكرة ولا يتواضع لتحليل، ولايتفق مع نفسه حتى لا نقول انه لا يتفق مع الاخرين، جيل خرج عن طواعية نفسه ومجتمعه وبلده فلزم اعادة تشكيمه وتلجيمه بلجام الايتكيت حتى لا يتسع الرقع وتكبر الهوة وتتنامى الفجوة ونصبح (لا ديدي لا حب الملوك) كما هو حاصل الان مع هذه الاجيال التي (رات الربيع ولم تر الحافة)، فداست الربيع وسقطت في الحافة فكان لزاما ان نذكر انفسنا وغيرنا ممن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد بفن الايتيكيت الذي طبعا كما اسلفنا لا يخرج عن ما سطره القران الكريم واقرته السنة النبوية الطاهرة وما دونه علماؤنا الاجلاء وفقهاؤنا الاعزاء من قواعد وقوانين واعراف ومناهج ومقررات تروم في الاول والاخير الدفع بالتي هي احسن نحو تحصيل نوع من الاستقامة لهذا الجيل الاعوج الذي غابت عنه الاولويات وسقط في اتون الرفاهيات والبحث عن الكماليات التي لن تدخله جنة ولن تبعده عن النار، لان الهدف في النهاية هو ان يجد الانسان مهما علا شانه ومهما كانت مكانته ومهما تقوت في المجتمع مكانته هو ان يجد له مكانا في الجنة التي اعدها الله لعباده من كان تقيا، والتي اخبر عنها الرسول الاكرم بان فيها ما عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
ولذلك كان حريا بنا كامة محمد عليه الصلاة والسلام ان ننخرط جميعا في تعلم هذا الفن الذي كان في البداية كما اشرنا كان صبغة صبغها الله تعالى كل عباده، وكان فطرة فطر الناس عليها، وجبلة جبل المسلون عليها، لكن مع المسخ الهوياتي ومع التطور المزعوم ومع الرقي المكذوب ومع السمو المفترى عليه، غابت هذه الفنون واضمحلت وانمحت وذابت وسط التغيرات السوسيوثقافية والمجتمعية والاقتصادية والسياسية وغيرها من المجالات التي سقط فيها فن الاتيكيت صريعا محتضرا لا يقوى على الحركة للاسف الشديد.
وعليه وجب علينا ان نعود الى محاضن هذا الفن، وان نستلهم قواعده، ونتوطن مبادئه ونتشرب مفاهيمه ونستلهم ميكانيزماته حتى تتضح لنا الرؤية ويتوضح لنا المسير في دروب هذه الحياة التي اصبح فيها البعض وكانه عالة على نفسه قبل ا ن يكون عالة على مجتمعه، واصبح يضرب الاخماس في ااسداس بدون روية ولا هدف ولا غاية ولا هم يحزنون، واليكم بعض القواعد حتى لا اطيل لاني اعلم ان جيل التفاهة والتفاهة والتفاهة لن يقوى على قراءة جملة في سطر فبالاحرى ان يقرا مقالا طويلا عريضا.
1 لاتتدخل فيما لا يعنيك…
2 لا تتكلم الا اذا اعطيت لك الاشارة…
3 استمع اكثر مما تتكلم لانه لك فم واحد واذنين.
4 استقم في الحديث الى الناس.
5 لا ترفع صوتك اكثر من اللازم…
5 اذا كانت لك حاجة عند احد فاذهب اليه ولا تنتظر منه ان ياتيك.
6 استعمالك لاغراض غيرك بدون اذنه هو تطفل وليست رجولة.
7 ملء المكان بالضجيج ليس دليلا على انك الوحيد.
8 عدم مراقبتك لله تعالى مدخل لعدم مراقبتك للاخر.
9 القاء السلام والتحية دليل على معدنك الاصيل.
10 تركك للمكان نظيفا دليل على نظافة عقلك.
11 ملبسك الانيق ليس مبررا على اناقة افكارك.
12 افكارك ملك لك فلا تلزم بها احدا.
13 وجودك في فضاء عام يفترض عليك تقديم بعض التنازلات.
14 اختلافك مع الاخر ليس مطية لبناء المواقف الجاهزة.
15 سعيك نحو استخدام الاخر دليل على ضعف في شخصك.
16 اشتغالك على نفسك اكبر تحدي يمكنك ان تواجهه.
17 ان لم يكن لك برنامج مع نفسك ومع الله فابك على نفسك.
18 ترك الفضول دليل على انك منشغل بعيوب نفسك.
19 حاسب نفسك ان تحاسب وزنها قبل ان توزن عليك.
20 احترامك لهذه القواعد هو احترام لنفسك قبل غيرك.
هي قواعد بسيطة جدا من الفنون والقواعد الايتيكيتية التي نحتاجها في معيشنا اليومي، وهي مستقاة من كتاب ربنا وسنة نبينا ولم نزد عليها شيئا، قد تبدو بسيطة جدا لمنها غاية في السمو والرقي والعلو، ولو احترمناها وطبقناها وانزلناها في حياتنا اليومية، وفي معيشنا الحياتي بالدقة المطلوبة والجودة الممكنة لعشنا اسيادا اقوياء اصفياء انقياء اتقياء اولياء، ولكانت حياتنا يسودها النظام والانتظام والسلاسة واللباقة والكياسة والرحمة والمودة والغفران، ولقطعنا الوتين مع هذه الفوضى والعشوائية والغوغائية واللامبالاة واللاجدوائية واللاغائية واللاهداف التي تؤطر حياتنا حتى صرنا وكاننا نعيش في الغابة ولا يبقى لنا الا ان نغير من اسمائنا باسماء الحيوانات، ومن منازلنا لتصبح عبارة عن اشجار للاسف الشديد.
التعليقات مغلقة.