المغاربة بعد شهر رمضان الفضيل

الانتفاضة // كوتر الداوودي // صحفية متدربة

قبل أيام ودعنا شهر رمضان أو “سيدنا رمضان” كما نحب أن نسميه نحن المغاربة، شهر الصيام و القرآن، و الأجواء الروحانية الخاصة التي تجعله منه شهرا استثنائيا في كل شيء؛ في المعاملات بين الناس، و في مظاهر العبادات و الاقبال الكبير على بيوت الله، و أيضا و لكي لا ننسى في الاقبال الكثيف على التسوق و  تحضير ما تجود به الموائد المغربية من أطباق خاصة، لكن الثلاثين يوما من الصيام انقضت و عادت الحياة إلى طبيعتها، فكيف يعيش المغاربة أجواء ما بعد رمضان؟

مباشرة بعد العيد، تبدأ الحياة تعود إلى إيقاعها المتعارف الذي كان قبل رمضان، و هو أمر ملاحظ و ملموس واقعيا، إن إحساس الصيام و أجوائه تختفي بشكل مفاجئ. إن نظرنا إلى السمة البارزة للشهر الفضيل ألا و هي امتلاء المساجد و امتداد صفوف المصلين ّإلى الشوارع، و هو ما يختفي بعض رمضان، فالمغاربة و على الرغم من أنهم يصنفون كأكثر الشعوب المتدينة في العالم، إلا أن بعد رمضان يكون هناك تراجع كبير في عدد المصلين.

يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي ككل عام صور المساجد بعد رمضان، و التي تكون في الغالب لا تتجاوز صفين من المصلين، و يقارنونها مع ما كانت عليه في رمضان، هذا التغيير لدى المغاربة يكون موضوع جدال كبير بين الناس، فمنهم من يربطه بتراجع المحفزات الدينية و الغيبية من فضائل العبادات و الطاعات بعد رمضان، و الكثير يرون أن الاقبال الكبير على بيوت الله في رمضان راجع إلى كون الأمر مجرد “عادة” يحرص عليها المغاربة.

من الأشياء التي تصنع الفارق في رمضان و بعده هو الوقت، ففي رمضان يتم الرجوع للساعة القانونية، و ذلك بتأخير الساعة بستين دقيقة، و هو ما يخلق نوع من الرضا لدى الناس، لكن مباشرة بعد رمضان يعود توقيت غرينيتش أو ما يعرف بالساعة الاضافية لتخلق نقاشا مستمرا منذ سنوات، و إجراء يثير سخط المغاربة كونه يفسد الساعة البيولوجية للفرد، المغاربة بعد رمضان يحاولون بشق الأنفس التأقلم مع هذا الوقت الصيفي الذي يعتبرونه تهديدا لصحتهم النفسية  و الجسدية.

من جهة أخرى، الشهر الفضيل يخلق رواجا اقتصاديا و تجاريا سرعان ما يختفي بعده، إن اقبال المغاربة على عملية البيع و الشراء بكثافة خلال أيام الصيام يعطي له انطباعا بالحيوية و النشاط، فمن مراكز التسوق الكبرى إلى الاسواق التي تظهر في الاحياء الشعبية، يقبل المغاربة على ابتياع شتى المنتوجات و الاكلات المرتبطة بهذه المناسبة، كما تخلق أنشطة مرتبطة برمضان كبيع بعض الاكلات و الملابس المغربية التقليدية، انقضاء رمضان يعني غياب كل هذه التفاصيل التي تضفي على رمضان لمسة خاصة.

في النهاية، نقول إن رمضان و بعيدا عن كونه إحدى أركان الاسلام، فهو يشكل محطة مميزة لما يرافقه من طقوس خاصة  تغير ثقافة و أسلوب حياة الناس و المجتمعات.

 

 

التعليقات مغلقة.