بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الجمعية المغربية لحقوق المشاهد تصدر بلاغا بالمناسبة

يعرف العالم تغيرات وتحولات عميقة في وسائل الإعلام تنعكس بدورها على حركية المجتمع السياسية، الفكرية، الاجتماعية، المادية و القيمية، يعززها الانفجار المعرفي المتسارع من المعارف والثورة التقنية المتجددة، وما أحدثته من وسائل وعلاقات جديدة وطرق في العمل غير مسبوقة لم تعرفها البشرية من قبل.

كما أن ما فرضته ثورة الاتصالات من سرعة بالغة، وترابطها ونقلها بسرعة فائقة من أشكال ونماذج متعددة من الأفكار والثقافات من مجتمع إلى أخر،  كلها أدت إلى أشكال مختلفة من التغيرات في الحياة الفكرية ومظاهر العادات والقيم الاجتماعية والتي تتمثل فى صراع الأجيال وتزاوج الأفكار والثقافات وفى عمليات الغزو والتبعية الثقافية.

وفى ظل هذه التحولات يلعب الإعلام في المغرب دورا رئيسيا فى الصورة النمطية التى تقدم عن المرأة والرجل في بلادنا نظرا للقدرة الهائلة التي تمتلكها في التأثير بعد أن أصبحت فى متناول الجميع ، ورغم أننا في زمن العولمة وفى ظل ما نشهده من ثورة التكنولوجيا والمعلومات ووجود الأقمار الصناعية وانفتاح الفضاء العالمي ، فما زالت وسائل الإعلام والسياسة الإعلامية تجاه القضايا الخاصة بالمرأة إلى الآن حال كما هو لم يحدث تغير إلا على مستوى الشكل والطريقة التي يتم بها تقديم الموضوع في بعض الأحيان ، ولا تختلف صورة المرأة كما تقدم فى كل من المادة المذاعة عن صورتها فى الأفلام السينمائية أو الصحافة النسائية .

إن سياسات وسائل الإعلام السمعي البصري إزاء صورة المرأة في المجتمع تتجاهل التطور الحاصل في دورها وموقعها على الخريطة المجتمعية ان هناك فرق كبير بين الصورة المرسومة لكل من الرجال والنساء وبين الواقع الديموجرافي والموضوعي ، إن الحيز المعطى للمرأة في وسائل الإعلام لا يتناسب مع عدد النساء سواء في المجتمع أو في سوق العمل ، ولا مع توزيعهن الفعلي في الطبقات الاجتماعية وفئات العمر المختلفة والمراكز المهنية .فما زالت صورة الأنثى هي الصورة الطاغية في أذهان الرجال والنساء والتى تغذيها وتقدمها وسائل الإعلام بشكل مستم.

فتستخدم السخرية كأسلوب لمناقشة علاقة المرأة بالرجل بخاصة في السيتكومات برغم مدى أهمية وخطورة هذه العلاقة وتأثيرها على المجتمع. و تقدم المرأة دائما من خلال الإعلانات في صورة المستهلكة دائما بالإضافة إلى الاعتماد على المرأة كعامل إغراء في صورة فتيات الإعلانات.

ونسجل إهمال الإعلام للمرأة ونربطه بسياسة الإقصاء والتغييب التي تتعامى عن الواقع.

إن الصور والرسائل الإعلامية تشكل قوة ثقافية واجتماعية وسياسية قادرة على إحداث تغيير هام في المجتمع وعلى خلق مواقف وقيم ورؤى جديدة ، لما لها من أثر طاغ على الجمهور ، ومن ناحية أخرى تقوم وسائل الإعلام بترسيخ وتأييد القيم والعادات والتقاليد والأنظمة وخاصة المرتبطة بالتصور عن أدوار وعلاقات النساء والرجال في المجتمع ، ومع تطور المجتمع ، أصبحت هناك علاقة تعامدية بين وسائل الإعلام ، والمجتمع بمعنى أن الأولى تتأثر بالثاني وتؤثر فيه ، وهذا يطرح سؤالا في غاية الأهمية عما إذا كانت وسائل الإعلام هي المرآة التي تعكس الثقافة السائدة أم إنها القوة التي تولدها ؟.

                                                                                    

 عبد العالي تيركيت

رئيس الجمعية المغربية لحقوق المشاهد

التعليقات مغلقة.