بعد عامين ونصف من الثورة يعود الجيش المصري ليتصدر المشهد السياسي في مصر

عاد الجيش المصري ليتصدر المشهد السياسي في مصر بعد عامين ونصف من الثورة، ضل خلالها قطاع المسار الديمقراطي في هذا البلد طريقه، واصطدم بعقبات أوصلت البلاد للنفق المسدود وباتت على وشك الوقوع في الفوضى.

فخلال الأيام الأولى لثورة 25 يناير أصدر الجيش بيانا حاسما أعلن فيه انحيازه لمطالب الشعب وحمايته للمتظاهرين المطالبين آنذاك برحيل مبارك بعد 30 عاما من الحكم، فتفاعل المتظاهرون مع بيان الجيش، وصدح الملايين في الميادين بهتافات تقول بأن “الشعب والجيش يد واحدة”، ورحبت القوى السياسية بتولي المجلس العسكري تدبير شؤون البلاد بعد تنحي مبارك خلال فترة انتقالية.

غير أن تطورات الأوضاع عقب تنحي مبارك في 11 يناير 2011 سرعان ما أنهت الود بين الجيش والمتظاهرين وعدد من القوى السياسية التي رفضت طريقة تدبير المجلس العسكري لشؤون البلاد، فعاد المتظاهرون للميادين مجددا، لكن هذه المرة للمطالبة برحيل العسكر وعودة القوات المسلحة لمكانها الطبيعي وهو الثكنات.

وأمام تنامي الرفض الشعبي لاستمرار الجيش في تولي السلطة، سارع المجلس العسكري لإتمام الخطوات من أجل تسليم السلطة لرئيس منتخب، فأشرف على وضع إعلان دستوري وعرضه على الاستفتاء وإجراء انتخابات تشريعية ليتم بعد ذلك فتح باب الترشح لإجراء أول انتخابات رئاسية حرة في تاريخ البلاد.

ولم تحظ كل هذه الإجراءات بإجماع الحركات الثورية والأحزاب السياسية التي اتهمت المجلس العسكري بالتواطؤ مع جماعة (الإخوان المسلمين) وعقد صفقة معها تضمن خروجا آمنا لقيادات الجيش بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، وعدم متابعة ضباط القوات المسلحة بتهم قتل المتظاهرين خلال تولي المجلس تدبير البلاد مقابل تمكين الجماعة من الاستفراد بالحكم.

وبالفعل، أوصلت الانتخابات الرئاسية محمد مرسي القيادي بالجماعة إلى سدة الحكم، وسارع بمجرد توليه الحكم إلى إزاحة المشير محمد حسين طنطاوي من قيادة الجيش، وأزاح معه كل قيادات القوات المسلحة القديمة، في خطوة اعتبرها المحللون إنهاء لحكم العسكر في هذا البلد الذي امتد لنحو 60 عاما، وإحكاما لأول رئيس مدني منتخب القبضة على دواليب الدولة بما في ذلك مؤسسة الجيش.

وعين الرئيس مرسي الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع، الذي اعتبره كثيرون رجل الجماعة في مؤسسة الجيش، حيث عمل في السابق مديرا للمخابرات الحربية، غير أن الخلافات بين الرجلين سرعان ما طفت إلى السطح، حيث تسربت أنباء في مناسبات عدة عن سعي مرسي للإطاحة مجددا بوزير الدفاع، إلا أنه اصطدم برفض قيادات الجيش لتبقى هذه المؤسسة بحسب الصحف المحلية القلعة الوحيدة التي استعصت على مسلسل الأخونة الذي تعرضت له عدد من مؤسسات الدولة.

 

 وبمرور الوقت لم تعد الخلافات بين الرئاسة والجيش مجرد أخبار وأنباء تتناقلها وسائل الإعلام، حيث كشف حادث اختطاف جنود في سيناء من لدن جهاديين قبل عدة أشهر النقاب عن وجود أزمة حقيقية بين الجانبين، وأثبت الحادث أن الجيش والرئاسة ليسا نسيجا واحدا، وكشف عن عمق الخلافات بين القائد الأعلى والقائد العام للقوات المسلحة (الرئيس ووزير الدفاع) ومدى الشرخ بين المؤسستين.

وشكل بيان الجيش الحاسم أول أمس الضربة القاضية التي قد تنهي مرة أخرى الحكم المدني في مصر، خاصة وأن البيان صدر من دون التشاور مع الرئيس الذي حرص في خطاباته الأخيرة على التذكير في أكثر من مناسبة بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، غير أن كل الاجتماعات التي يعقدها الجيش منذ اندلاع الأزمة السياسية تتم تحت رئاسة وزير الدفاع ومن دون حضور القائد الأعلى.

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.