اختتمت اليوم الأربعاء بمراكش، أشغال المناظرة الوطنية الثانية للصحة، التي نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حول موضوع ” من أجل حكامة جديدة لقطاع الصحة”. وأكد وزير الصحة الحسين الوردي، في كلمة له خلال الجلسة الختامية لهذه المناظرة التي نظمت على مدى ثلاثة أيام، أن هذا الملتقى شكل حدثا تاريخيا حيث لقيت نجاحا كبيرا على جميع المستويات.
وأضاف الوزير أن مشاركة وتضافر جهود جميع الفاعلين في القطاع الصحة ساهم في تحقيق الأهداف المتوخاة من هذه المناظرة، التي تميزت بمشاركة أزيد من 800 شخص يمثلون القطاعات الوزارية ومنظمات المجتمع المدني وشركاء اجتماعيين وبرلمانيين ومنظمات دولية وخبراء وطنيين ودوليين. وأوضح الوزير أن الرسالة السامية التوجيهية التي وجهها جلالة الملك إلى المشاركين في هذه المناظرة، كرست الدعائم الأساسية التي يجب أن تبنى عليها السياسة الصحية الوطنية في ظل المتغيرات الجديدة التي يعرفها المغرب في ظل الدستور الجديد. وأبرز الحسين الوردي أن المناظرة الوطنية الثانية للصحة من شأنها أن تعبد الطريق لإدماج البعد الصحي في مختلف السياسات العمومية في إطار من النجاعة والالتقائية، وذلك ضمن مقاربة ترابية جديدة قوامها توطيد سياسة القرب، التي ستشكل محطة أساسية من أجل بلورة ميثاق وطني واقعي وقابل للتفعيل يضع المواطن في صميم اهتمامات المنظومة الصحية. وتروم هذه المناظرة الثانية فتح نقاش وطني حول الصحة في سياق الدستور الجديد الذي أقر الحق في الولوج للعلاجات، بالاضافة الى كونها شكلت فرصة للمشاركين للتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم من أجل النهوض بالمنظومة الصحية بالمغرب.
ودعا المشاركون في المناظرة الوطنية الثانية للصحة ، الى بلورة ميثاق وطني للصحة باعتماد مقاربة تشاركية والعمل على وضع تشخيص موضوعي دقيق اعتمادا على البيانات والدراسات المتوفرة من جهة والكتاب الأبيض ونتائج برنامج “انتظارات” من جهة ثانية .
وشدد المشاركون في هذه المناظرة على أن يرتكز أيضا إعداد هذا الميثاق على التوصيات المنبثقة من هذا الملتقى كمفتاح لمباشرة التفكير الجماعي في هذا المجال، مشيرين الى أن التوجيهات السامية التي تضمنتها الرسالة الملكية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الموجهة للمشاركين في هذا الملتقى، تشكل إطارا مرجعيا يمكن من المضي قدما في أفق الحصول على إجماع وطني حول المبادئ والقيم لإصلاح المنظومة الصحية.
وألح المشاركون في هذه المناظرة على العمل على إيجاد إطار استراتيجي شامل ومتكامل يحدد الأولويات الصحية الرئيسية ومدى ارتباطها بالتحديات الكبرى خاصة تلك المتعلقة بتفعيل الحق الدستوري في الولوج الى العلاجات والرعاية الصحية.
وطالبوا بإعادة تبني الرعاية الصحية الأولية باعتبارها ركيزة أساسية لتطوير المنظومة الصحية وذلك لما تتضمنه من مقومات سياسة القرب والرعاية المندمجة ولما تفتحه من آفاق مرتبطة بالتشخيص المبكر والنهوض بالصحة خصوصا بالأمراض غير السارية، داعين الى ضرورة ادماج البعد الصحي في مختلف السياسات العمومية من خلال بناء نظام صحي فعال ومتوازن يتوخى إعادة توزيع الأدوار مجاليا وقطاعيا ضمن مقاربة ترابية جديدة في أفق الجهوية المتقدمة. وبعد أن أكدوا على أهمية تفعيل مضامين الدستور فيما يتعلق بمقاربة النوع الاجتماعي، أشار المشاركون الى ضرورة توفير الظروف الملائمة والتحفيزات الممكنة من أجل تحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية لكافة مهنيي القطاع.
وأبرزوا أهمية وضع تصور شامل للشراكة مع القطاع الخاص والعمل على بلورة الآليات الضرورية لتفعيلها قصد النهوض بمستوى أداء المنظومة الصحية لرفع تحديات تحقيق الإنصاف والحق في الصحة، مطالبين السلطات العمومية والجماعات المحلية، خاصة على المستوى الجهوي، على تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في الميدان الصحي وفقا لحاجيات الخريطة الصحية والمخططات الجهوية لعرض العلاجات.
وبخصوص الموارد البشرية، أوصى المشاركون في هذه المناظرة بالتصدي الى معضلة الخصاص الحاد في الموارد البشرية من خلال الرفع من عدد المناصب المالية المرصودة لوزارة الصحة بصفة استثنائية ومستعجلة ابتداء من السنة المالية المقبلة.
وشددوا على ضرورة تسريع وتيرة اصلاح نظام الدراسات الطبية مع استكمال الاوراش المفتوحة وابتكار مقاربات جديدة في مجال التكوين والتأهيل الاداري للموارد البشرية ، فضلا عن إحداث مرصد وطني للموارد البشرية كما توصي بذلك المنظمة العالمية للصحة لتوفير المعطيات التي تحدد الحاجيات الراهنة والمستقبلية.
ودعوا الى تعزيز وتدعيم مكتسبات التغطية الصحية الأساسية وذلك بتأمين تمويل نظام المساعدة الطبية وتطوير وتبسيط مساطره وإحداث جهاز خاص لتدبيره والعمل على توسيع قاعدة المستفيدين من التغطية الصحية الأساسية لتشمل الفئات الغير مؤمنة.
ومن جهة أخرى، طالب المشاركون بوضع نظام وطني لليقظة والسلامة الصحية يتلاءم مع الخصوصيات والقدرة الوطنية من أجل تمكين المواطنين من حقهم في الحصول على المعلومة التي تهم صحتهم والمخاطر التي تهددها.
وتضمن برنامج هذه الدورة ، الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على مدى ثلاثة أيام حول موضوع ” من أجل حكامة جديدة لقطاع الصحة”، جلسات عامة تناولت مواضيع همت ” الحق في الصحة في ظل الدستور الجديد” و” الحكامة في أنظمة الصحة” و” تمويل الصحة ورهانات التغطية الصحية” و” المغرب أمام تحدي نقص الموارد البشرية الصحية” و” الانتقال الوبائي والصحة العمومية الجديدة“.
كما تضمن برنامج هذه التظاهرة الوطنية خمس لجان موضوعاتية تطرقت الى مواضيع همت ” الامن الصحي بين مكتسبات الماضي وتحديات الحاضر” و” تمويل الصحة بالمغرب” و” المغرب أمام نقص مهني الصحة” و” الانصاف والحق في الصحة” و” الحكامة في قطاع الصحة”.
ابراهيم السروت- عدسة : ابراهيم فندي
” .
التعليقات مغلقة.