مراكش: موظف بريدي : المحكمة تبرئه من تهمة الاختلاس، والإدارة تستمر في تجميد وضعيته المالية والإدارية

نزواتهم  وصيانة امتيازات بات من الصعب التنازل عنها بتلك السهولة أو تجاهل كل من يهدد بزوالها، والأنكى من ذلك أن تلك الخطوط الحمراء أو ما أصبح يعرف ” بلعنة الببريد ” تتمسك باستمراريتها، و لا تزول بالأحكام القضائية القاضية ببراءة الموظف من السرقة براءة الذئب من دم يوسف، ولا المجالس التأديبية التي تكون فيها الإدارة ممثلة، حيث تصبح قراراتها وأحكامها مجرد حبر على ورق، لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تعيد للضحية كرامته واعتباره ولا حقوقه المهضومة.المسائية العربية /  مراكش 
نظم البريديون عشية امس الاربعاء وقفة احتجاجية أمام الباب الرئيسي لمركز البريد بجامع الفنا نددوا خلالها بالحيف الذي طال العديد من الموظفين جراء اتهامهم باللصوصية واختلاس المال العام، إلا أن هذه الاتهامات المجانية التي ترمي إلى تكسير شوكة بعض النقابيين، والسعي لإخراس أصواتهم وتحجيمهم لم تأت أكلها، بل كشفت عن خبايا مسؤولين اتخذوا من المناصب سبيلا لتحقيق

محمد شراق أحد ضحايا بريد المغرب، حيث دبرت له المكيدة، واعتقد مدبروها أنه لن يخرج منها هذه المرة سالما، فالتهمة ثقيلة، ونتائجها وخيمة، ونهايتها التوقيف النهائي عن العمل، وكأية جريمة لم يحبك المدبرون الخطة، وغفلوا أن ” الشيكات ” الموجودة بحوزة الإدارة  بمثابة مفتاح للغز معقد، وإضاءة للقضاء لكي يقف على براءة الضحايا من التهم الملفقة وإنصافهم من الظلم الذي استهدفهم في قوت يومهم وتشريد اسرهم.

يقول محمد شراق:” تم توقيفي من مهامي ببريد المغرب سنة 2004 بتهمة تتعلق بالشك في علاقتي باختلاس أموال عمومية، بمعية زميلة لي في العمل ( نجية أ  ) .وبعد مناقشة الملف من طرف المحكمة، وحضوري مجموعة من الجلسات، تبين للقاضي أن الحلقة المهمة التي ستكشف له عن الحقائق هي الشيكات، فطالب الإدارة بإحضارها، إلا أنها ظلت تتماطل وتراوغ الشيء الذي أطال عمر هذه القضية وزاد من معاناتي وشعوري بالغبن والجور. وبفضل ضغوط المحكمة، وإصرار القاضي على مسك الملف من كل جوانبه وحيثياته، والتهديد باتخاذ إجراءات قانونية ضد الادارة  إذا رفضت التعاون مع القضاء من أجل استجلاء الحقيقة ، فما كان على الإدارة سوى الاستسلام، وتقديم تلك الشيكات إلى العدالة، حيث أمرت الأخيرة بإجراء خبرة عليها قبل أن تتكون لديها قناعة ببراءتي.”

نفس الحكم بالبراءة، أيدته كل من محكمة الاستيناف وأيضا المجلس الاعلى للقضاء، ولم يعد امام الإدارة سوى الامتثال إلى الأحكام القضائية وإعادة الضحية إلى عمله بعد ثبوت براءته من السرقة والاختلاس براءة لا غبار عليها.

ويضيف محمد شراق: ” مع الأسف، لقد تطلب انتظار المحكمة للبث في الموضوع ثمان سنوات، اعتبرها بالنسبة لي جحيما وظلما مقيتا ، وكنت أترقب بعد ذلك أن تسوي الإدارة وضعيتي المادية والإدارية وتحفظ لي كرامتي، إلا أنها اختارت طريق التماطل غير آبهة بانعكاس ذلك على نفسيتي وعلى وضعي المالي والإداري.

والأنكى من ذلك فإن المجلس التأديبي الذي انعقد بشكل قانوني، و بعد اطلاعه على الملف ودراسته له من كل الجوانب قضى ببراءتي، ولم يكن يخامرني شك في أن إدارة البريد وهي تتوصل بذلك السيل من الأحكام التي أجمعت بدون استثناء على براءتي من التهم المنسوبة إلي، أن تكفر عن خطئها، وتظهر حسن النية في رد الاعتبار لأحد موظفيها ، واحترام القانون بتسوية وضعيتي المالية والإدارية، إلا أن لا شيء تحقق.

وارتباطا بالموضوع ذاته استنكر المكتب المحلي للنقابة الوطنية للبريد بمراكش في بلاغ له تملص الإدارة المركزية لبريد المغرب من التزاماتها السابقة المتعلقة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية لمحمد شراق و طالب بالتعجيل في هذه التسوية

وأشار البلاغ أنه و أمام تلكأ الإدارة المركزية لبريد المغرب في إيجاد تسوية عادلة ومنصفة وذلك بتفعيل القرار الصادر عن المجلس التأديبي المنعقد يوم 31 أكتوبر 2011 ، والقاضي بتبرئة محمد شراق من كل التهم المنسوبة إليه، وبعد حصوله على البراءة من طرف القضاء ابتدائيا، استئنافيا وأمام المجلس الاعلى للقضاء كحكم نهائي لهذه القضية التي عمرت عشر سنوات لم يعد مقبولا تجميد حقوقه المالية والإدارية،

وعبرت مصدر نقابي للمسائية العربية عن أسفه لما آلت إليه وضعية محمد شراق التي طرح موضوعها على طاولة الحوار بين النقابة الوطنية للبريد  (ك د ش ) والإدارة ، والتزمت هذه الأخيرة بتسوية وضعيته المادية والإدارية حال توصلها بنسخة الحكم النهائي، إلا أنها وبعد ثبوت ذلك، اختارت طريق الهروب والتملص من المسؤولية

أمام هذا التماطل والتهميش المتعمدين، وبعد استنفاد العديد من أشكال الاحتجاج التي طالب  خلالها محمد شراق بحقوقه المشروعة ، قرر الدخول في اعتصام مفتوح ابتداء من يوم الأربعاء المقبل أمام الإدارة المركزية للبريد بالرباط



محمد السعيد مازغ

التعليقات مغلقة.