تحت شعار “اجعل صحتك الجديدة للحياة، وليس للمخدرات” دق العالم اليوم جرس الإنذار من آفة المخدرات التي باتت أشبه بحرب ضروس تفتك بكل المجتمعات ووباء تنتقل عدواه بين الكبار والصغار. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة تعاطي المخدرات والاتجار غير المشروع بها في 26 من يونيو/حزيران عام 1987 تعبيراً عن عزمها على تعزيز العمل والتعاون لبلوغ هدف إقامة مجتمع دولي خال من إساءة استعمال المخدرات ولفت انتباه المجتمعات وتوعية أفرادها بمخاطر الوهم القاتل وسمومه البيضاء الفتاكة. وقال بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة بهذه المناسبة إنه في جميع أنحاء العالم تهدد المخدرات صحة ورفاه الشباب والأطفال والأسر والمجتمعات، موضحا أن بلايين الدولارات التي تدرها تجارة المخدرات تساهم في تغذية الفساد وتعزيز قوة الشبكات الإجرامية ونشر الخوف وعدم الاستقرار. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها المجتمع الدولي لمواجهة انتشار ظاهرة الاتجار في المخدرات وتعاطيها التي باتت تهدد أمن واستقرار المجتمع الدولي، تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد متعاطي المخدرات يزيد على 210 ملايين شخص في كل عام. ويصاب 15.3 مليون شخص بالأمراض بسبب التعاطي، ويلاقي ما يقارب 200 ألف منهم حتفهم سنويا، ولا يشكل تعاطي المخدرات والاتجار بها خطرا على الصحة فحسب، بل يهددان أيضا الاستقرار العالمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في جميع أنحاء العالم. ولفت تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات الصادر عام 2012 إلى زيادة الإنتاج العالمي للمخدرات واتساع مساحات الزراعات في عديد الدول، منها أفغانستان التي تعتبر أكبر منتج للحشيش ولصناعة الهيروين، اذ أنتجت حوالي 87 ٪ من إنتاج الأفيون في العالم. وذكر التقرير أن نسبة المدمنين على المخدرات في العالم العربي تتراوح ما بين 7 و10 بالمئة، وأن معظم المدمنين من فئة الشباب، وأن رواج هذه السموم خاصة بين الشباب يعود في المقام الأول إلى المتغيرات التي حصلت في السنوات الأخيرة خاصة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وقد نتج عن هذه التغييرات تحولات كثيرة طالت مقومات المجتمع العربي. وتشير آخر الإحصائيات إلى أن معدل استهلاك المخدرات في المجتمعات الخليجية قد ارتفع بشكل خطير، إذ وصل إلى حوالي 4.6 بالمئة مقابل 2.2 بالمئة فقط في الولايات المتحدة الأميركية، و2.5 بالمئة في دول أميركا الجنوبية. ويعتمد تجار المخدرات على أنواع مختلفة من وسائل التهريب ومسالك معقدة ودائمة التغير في مختلف أرجاء العالم لتفادي إجراءات التفتيش التي يقوم بها رجال الجمارك. وتنشط هذه التجارة السوداء بشكل خطير وواسع النطاق في الوطن العربي نظرا لموقعه الإستراتيجي الذي يربط بين القارات الثلاث وباعتباره ممرا آمنا يصل بين الدول المنتجة والمصدرة للمخدرات وبين الدول المستهلكة وهي الدول الأوروبية وأميركا، فضلا عن حدوده الجبلية والصحراوية التي سهلت مهمة مهربي المخدرات. كما تمثل البحار والمحيطات التي تحيط بالوطن العربي معبرا ممتازا بين مناطق إنتاج المخدرات في آسيا، ومناطق استهلاكها في أوروبا والشرق الأوسط، ويعتبر العالم العربي أيضا سوقًا نشيطة تستهلك كميات وافرة من المخدرات. وقد تحول العراق منذ سنة 2003 إلى محطة ترانزيت رئيسية لنقل الهروين المصنع بإيران وأفغانستان إلى دول العالم، وأدت الحرب والفوضى الأمنية والاجتماعية إلى رواج استعمال المواد المخدرة بين العراقيين. وحسب ما تقوله تقارير صادرة عن وزارة الصحة العراقية فإن من بين كل عشرة شبان عراقيين تتراوح أعمارهم ما بين 18 عاما و30 عاما يوجد ثلاثة أو أربعة مدمنين على المخدرات الإيرانية، وهي أشد أنواع المخدرات فتكا بالجهاز العصبي. وفي اليمن الذي عجز عن وضع حد للاستعمال المتفشي لنبتة القات المخدرة، فإن الأرقام الكبيرة لكميات المواد المخدرة المضبوطة في السنوات الأخيرة تعكس حجم الخطر المحدق بهذا البلد الذي يرزح تحت وطأة الفقر، إذ بلغت الكمية المضبوطة من الحشيش المخدر في عام 2008 فقط ما يقارب 27 طنا جلبها التجار من إيران وأفغانستان وباكستان، إضافة إلى 14 مليون حبة مخدرة منها خمسة ملايين حبة كبتاجون أدخلت معبأة في سخانات المياه. وبلغت نسبة تعاطي المخدرات في مصر 33 بالمئة من مجموع السكان، ووصل عدد النساء المدمنات إلى 450 ألفًا، وأكد تقرير المخدرات العالمي، الذي تصدره الأمم المتحدة سنويا عن أوضاع المخدرات في العالم، وجود مصر في المرتبة الـ12 بين أكثر الدول المصدرة للحشيش.
التعليقات مغلقة.