سوء الفهم الكبير بين اعضاء نادي قضاة المغرب وبين الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بخريبكة

على إثر الزيارة التي نظمها مؤخرا بعض اعضاء نادي قضاة المغرب للمحكمة الابتدائية بخريبكة من اجل التضامن مع قاضية زميلة لهم جراء المشكل الذي وقع لها مع الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف عند الاستماع اليها في اطار المساطر الخاصة بالقضاة بخصوص الشكاية التي تقدم بها في مواجهتها المواطن المغربي ميلودي الشرفي…من اجل التهديد واستغلال النفوذ، وهي الشكاية التي استأثرت مؤخرا باهتمام الرأي العام وبعض وسائل الإعلام الوطنية، 

هدد هذا الأخير بالدخول في اعتصام مفتوح أمام مقر وزارة العدل بما في ذلك الالتجاء إلى جمعيات حقوق الانسان الوطنية والدولية حتى يتم البت في شكايته وانصافه جراء الظلم والحيف الذي لحقه من افعال القاضية بديعة الممناوي وزوجها المحامي.

ويفسر المشتكي (..) لجوئه إلى هذا التصرف بأنه جاء كرد فعل عن بعض المحاولات المباشرة وغير المباشرة من قبل جهات معلومة داخل القضاء وخارجه للالتفاف على ملف قضيته وشكايته التي قدمها في مواجهة القاضية بديعة الممناوي وزوجها المحامي من اجل نسفها وتحريفها عن مسارها الصحيح باعطائها أبعادا أخرى وتحييده كطرف رئيسي في الشكاية عن الموضوع واختلاق نزاعات جانبية.

“ما علاقتي أنا بالمشكل أو سوء الفهم الذي وقع بين القاضية المشتكى بها وبين الوكيل العام حسب ما علمت من الجرائد، والذي يحاول البعض تغذيته في إطار مبدأ انصر أخاك ظالما أو مظلوما… انا اريد انصافي فقط…” يعلق المشتكي، مضيفا ” ذقت ذرعا من الانتظار لمدة 3 سنوات دون أن يتم البت في قضيتي من أجل الزيادة فقط في السومة الكرائية في الدعوى التي رفعتها منذ سنة 2011 امام المحكمة الابتدائية بخريبكة في مواجهة المحامي المكتري  (..) وزوجته القاضية  (..) التي تعمل بالمناسبة في نفس المحكمة، باغين يبيعوا لي داري فوق اكتافي و انا كنشوف…هل يعتبر المحامي والقاضي فوق القانون…او حتى الوكيل العام اللي شكينا عندو باش ياخذ لي حقي.. هاوّ دارتو براسو القاضية وراجلها مشتكى به…هوما عندهم اللي وقف معاهم أو يتضامن معاهم… وأنا…” يعلق المشتكي. قبل أن يختم ” لا أحد فوق القانون أنا في بلادي المغرب دولة الحق والقانون وعاش الملك..”.

وتعود أطوار القضية إلى الشكاية التي تقدم بها المشتكي ميلود الشرفي أمام النيابة العامة بخريبكة في مواجهة المحامي  (..) والقاضية  بديعة الممناوي من أجل التهديد واستغلال النفوذ، مضمونها أنه رفع دعوى مدنية أمام المحكمة الابتدائية في مواجهة المحامي  زوج القاضية بديعة الممناوي من أجل الزيادة في السومة الكرائية، غير أنه فوجئ بعدم الحكم في قضيته منذ سنة 2011 إلى غاية 2013 بمعدل 24 جلسة، وعندما تسائل عن السبب بحكم معرفته للمدينة وطبيعة المحكمة التي لا تروج فيها قضايا كثيرة، فوجئ بأن المحامي المدعى عليه لم يكن يتوصل طيلة المدة المذكورة بالاستدعاء للحضور أمام المحكمة، وهو الأمر الذي أثار استغرابه بحكم أن المحامي المذكور دائم التواجد بمحكمة خريبكة اضافة إلى أن زوجته القاضية تعمل بنفس المحكمة، ويستحيل أن لا يعلما بموضوع دعواه، ومع ذلك يضيف المشتكي أنه أخذ على عاتقه عبئ محاولة تبليغ المحامي المدعى عليه بجميع وسائل التبليغ دون جدوى، وبعد تعيين المحكمة لقيّم في حق المحامي بعد تعذر تبليغه طبقا لما ينص عليه القانون في هذا الباب، تم حجز ملف قضيته للمداولة قصد النطق بالحكم، غير أنه تفاجأ بقدرة قادر بالمحامي يهبّ لتقديم طلب إخراج ملفه من المداولة بدعوى عدم قبول الدعوى لكون زوجته قاضية تعمل بنفس المحكمة طبقا للفصل 517 من قانون المسطرة المدنية، بمعنى انه عليه الانتقال من جديد بعد انتظار قرابة الثلاثة سنوات ومعاناة مع التبليغ إلى غاية مدينة الرباط كي يتقدم بدعوى امام الرئيس الأول لمحكمة النقض من اجل تعيين محكمة خارج الدائرة الاستئنافية لخريبكة التي تعمل بها زوجة المحامي، وهو أمر حسب المشتكي ان كان قانونيا فإنه حق اريد به باطل، لأنه لا يفهم أين كان المحامي المدعى عليه طوال مدة 3 سنوات ليدفع بهذا الأمر ولماذا بالذات حتى تم حجز الدعوى للمداولة وكيف علم أصلا بحجز الملف للمداولة في المحكمة التي تعمل بها زوجته القاضية بديعة الممناوي…وبنظر المشتكي اذا ظهر السبب بطل العجب وهذا هو التقاضي بسوء نية..يختم تعليقه.

وكان الأمر يمكن أن يقف عند هذا الحد، لولا أنه ادرك حينها حسب تعبيره “ان تهديدات المحامي وزوجته القاضية له بخسران دعواه كانت على حق، “ما كاين لي حكم فيّ ومكينش لي حكم ليك في الملف” بهاته العبارة يؤكد المشتكي أن القاضية وزوجها كانا يخاطبانه. بل ووصل الأمر بالمشتكى بهما المحامي وزوجته إلى استغلال نفوذهما من اجل دفعه الى بيع العمارة التي يكريها لهما لفائدتهما بثمن لا يناسب قيمتها الحقيقية وهو الأمر الذي لم يرضخ له وكان السبب الرئيسي وراء تمطيطهما للدعوى المدنية التي رفعها في مواجهة المحامي. فما كان منه ساعتها إلا اللجوء إلى تقديم شكاية جنحية اعتقادا منه ان القانون يسود فوق الجميع.

لم يعد أمامي يقول المشتكي في حالة عدم البت في شكايتي وقضيتي بشكل عادل سوى اللجوء إلى اعتصام مفتوح امام وزارة العدل وطلب حماية الجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية او الاعتصام امام سفارة بلد جنسيتي الاجنبية في حالة عدم انصافي من قبل سلطات بلدي.

وعلى صعيد آخر صرح أحد الحقوقيين، اللذين حضروا أمام مقر المحكمة الابتدائية بخريبكة بتزامن مع الزيارة التي نظمها نادي قضاة المغرب للتضامن مع زميلتهم القاضية المشتكى بها، أنه يسجل باستغراب الموقف الذي أقدم عليه بعض أعضاء نادي قضاة المغرب في قضية المشتكي ميلود الشرفي وكيف تم اقحام الوكيل العام للملك في الموضوع جراء ما اعتبرته القاضية  المشتكى بها بمثابة اهانة وجهت اليها من قبل الوكيل العام عند الاستماع اليها من قبله بخصوص شكاية المشتكي، معتبرا أنه كان يتعين على نادي القضاة كجمعية تنادي باستقلال السلطة القضائية وعدم التأثير عليها أن تنأى بنفسها عن التدخل في الموضوع ومحاولة إعطاء أبعاد للقضية ضدا على مصلحة المشتكي، مؤكدا أن الزيارة التضامنية التي نظمها نادي القضاة لفائدة القاضية المشتكى بها لا يمكن إدخالها إلا في خانة محاولة التأثير على استقلال السلطة القضائية ممثلة في شخص الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بخريبكة للبت في شكاية المشتكي على نحو قانوني وعادل، مسجلا أنه لا يدافع عن الوكيل العام للملك وإنما يطالب فقط بتطبيق القانون وسيادته طبقا لأحكام دستور المملكة الجديد الذي ساوى بين الجميع وربط المسؤولية بالمحاسبة.

مضيفا نحن كحقوقيين نغتنم هذه القضية، لنطالب وزارة العدل والحريات وهي بصدد تنزيل أحكام الدستور الجديد وبلورة توصيات الحوار الوطني لاصلاح منظومة العدالة كما وافق عليها جلالة الملك، بتجسيد مظاهر سيادة القانون ومساواة الجميع أمامه بغض النظر عن صفاتهم ومراكزهم، من خلال التعجيل بالغاء الحصانة المسطرية المخولة للقضاة، فإذا كان الدستور قد الغى الحصانة البرلمانية لنواب وممثلي الأمة، فإن القضاة بدورهم وغيرهم ينبغي أن يخضعوا للمساطر العادية اسوة بباقي المواطنين، “او لّي ميديرش ميخافش” معلقا. كما نطالب بتقنين مجال عمل اشتغال الجمعيات القضائية التي منح الدستور الجديد للقضاة حق تأسيسها، حتى لا تزيغ عن الأهداف المرسومة لها، إذ نعتبرها كحقوقيين دعامة أساسية من دعائم تحقيق الامن القضائي للمواطنين وتعزيز ثقتهم في العدالة، وفي نفس الوقت لا يمكن إنكار واقع أن جميع المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني رحب بتأسيس نادي قضاة المغرب كجمعية قضائية مهنية أخذت على عاتقها الدفاع عن مبدأ استقلال السلطة القضائية الذي يعد مكسبا ومطلبا للمواطن قبل القاضي، وسجلت مواقف مشرفة في هذا الإطار، لكن الملاحظ والمتتبع لعمل هذه الجمعية يلاحظ أنه يغلب عليها أحيانا في الممارسة طابع التنظيم والعمل النقابيين الذي يمنعه الدستور نفسه، باعتبار أن العمل النقابي لا يمكن أن يخدم المصلحة العامة لأنه يدافع في المقام الأول عن مصالح فئوية. ففي قضية المشتكي ميلود الشرفي يتضح هنا وجود تعارض جلي بين مصلحتين اثنتين: أولا مصلحة المواطن المشتكي كجزء من المجتمع في البت في شكايته وانصافه طبقا للقانون ومصلحة نادي القضاة كجمعية وكجزء من السلطة القضائية في نصرة والتضامن مع زميلتهم القاضية المشتكى بها اثر ما اعتبروه اهانة وجهت اليها اثناء الاستماع اليها من قبل جهة قضائية بخصوص الشكاية المذكورة وهما مصلحتان على تعارضهما تصبان في خندق واحد وقضية واحدة ومهما حاولنا الفصل بين المسألتين وايجاد مبررات لكل واقعة لن ننجح، فإذا كان الأمر قد أخذ هذا المنحى لمجرد تقديم الشكاية، فماذا لو تقررت متابعة القاضية هذا هو السؤال المحوري وفي نفس الوقت ماذا لو تقرر حفظ شكاية المشتكي، هذه هي الأسئلة الحقيقية التي ينبغي الإجابة عليها والتي تدور حولها كل التفاصيل المذكورة.

 ر. دكاك

التعليقات مغلقة.