تسعى مختلف تقنيات التعذيب، التي تشمل الضرب والاغتصاب والإذلال، إلى إفناء شخصية الضحية وإهانة كرامة الكائن البشري ومعاقبته وتخويفه والحصول على معلومات منه أو نزع اعترافات عن طريق القوة. وتمثل هذه الممارسات انتهاكا صارخا لحقوق الانسان التي ينص عليها القانون الدولي، لا يمكن تبريره تحت أية مسميات، ومسا بالسلامة الجسدية للإنسان التي كرمتها جميع الشرائع السماوية وأوصت بصيانتها. ويعد اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب الذي يخلده العالم في 26 يونيو من كل سنة، والذي يصادف تاريخ دخول اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب سنة 1987 حيز التنفيذ، فرصة للوقوف على ظاهرة ضاربة جذورها في القدم، لا زالت ترخي بظلالها ببعض الدول، ومناسبة سانحة لنبذ ممارسات مشينة تسيء للبشرية، ومساعدة الضحايا ومد يد العون لهم ولذويهم. ويحظر استخدام التعذيب حظرا تاما بموجب القانون الدولي، وخصوصا، المادة 14 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي صادق عليها حتى الآن 159 بلدا، والتي تحث الدول على ضمان حصول الضحايا على الإنصاف، وإعادة تأهيلهم وإدماجهم وكذا اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تعافيهم بدنيا ونفسيا. وتقدم الأمم المتحدة مساعدات مالية للمنظمات التي تقدم بدورها مساعدات طبية ونفسية وإنسانية واجتماعية وقانونية مباشرة لضحايا التعذيب وأفراد أسرهم. وعلى المستوي الوطني، يعكس انضمام المغرب إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، من خلال الموافقة عليه في المجلس الحكومي ل 26 ماي 2011وفي المجلس الوزاري المنعقد في 9 شتنبر 2011، قبل أن يصادق عليه البرلمان، تشبث المملكة بالقيم الانسانية لحقوق الانسان وتكريس مسار الديموقراطية الذي تنهجه المملكة. وإذ يهدف هذا البروتوكول لإنشاء نظام يرتكز على زيارات منتظمة تجريها هيئات دولية ووطنية مستقلة للأماكن التي يحرم فيها الأشخاص من حريتهم، وذلك لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فإن هذه الخطوة أرست انخراط المغرب في مسلسل النهوض بحقوق الانسان وتعميق ثقافتها داخل المجتمع، والتزامه القوي بمقتضيات القانون الدولي والاتفاقيات المعمول بها في هذا الشأن. ويوجب هذا البروتوكل، الذي يؤكد على أن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أمور محظورة وتشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، اتخاذ تدابير إضافية، والعمل على تعزيز حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم من التعذيب. وتلزم مواد الاتفاقية الدول الأطراف باتخاذ تدابير فعالة لمنع أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في أي إقليم يخضع لولايتها، وتعزيز عملها بوسائل غير قضائية ذات طابع وقائي تقوم على أساس القيام بزيارات منتظمة لأماكن الاحتجاز. وإذا كان التعذيب قد أفضى إلى إزهاق الأرواح في بعض الأحيان، فإنه ترك في أحيان أخرى آثارا جسيمة بأبدان الضحايا و نفسياتهم، ليبقى اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب دعوة مفتوحة لجميع دول العالم لمساعدة هذه الفئة وإعادة تأهيلها وإدماجها بشكل يرد لها الاعتبار.
التعليقات مغلقة.