ومما زاد من الاهتمام باعتقال انوزلا، طريقة اعتقاله وكأنه مجرم ملاحق واكتشف مكانه او الحملة التي تشن عليه من احزاب ومنظمات وهيئات وجمعيات، اعتادت على المبادرة في التماهي مع مواقف الدولة واستنساخ ما تقوله، دون حتى الاجتهاد في صياغة مفردات البيانات التي تعلن فيها مواقفها، خاصة ان اعتقال انوزلا، جاء في اجواء منفرجة وليست محقونة امنيا او سياسيا، وحرص السلطات العليا في البلاد على تقديم المغرب نموذجا للحريات والانفتاح، يحتذى به عربيا واقليميا.
واحتشد امس الاربعاء العشرات امام مقر الشرطة القضائية بالدار البيضاء بناء على دعوة من حقوقيين وصحافيين ونشطاء على المواقع الإجتماعية في وقفة احتجاجية، للمطالبة بالإطلاق الفوري لسراح علي أنوزلا. وناشد الداعون إلى هذه الوقفة كل المغاربة إلى الحضور للوقفة للتعبير عن رفضهم لهذا ‘الاعتقال التحكمي’ الذي يأتي أيام قليلة بعد الإعلان عن نتائج الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في حين دعا آخرون للاحتجاج أمام السفارة المغربية بباريس يوم السبت تحت شعار من أجل الحرية الفورية لأنوزلا. واعتقلت السلطات المغربية علي انوزلا الذي يعتبر من بين اجرأ الصحافيين المغاربة، من منزله صباح اول امس الثلاثاء بالرباط ،واقتياده واحتجازه بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمدينة الدار البيضاء، كما قامت أجهزة الأمن بمداهمة مكتب الموقع الإلكتروني والتحفظ على 8 أجهزة حاسب آلي تمثل الوحدات المركزية المنشور من خلالها الموقع الإلكتروني، وكان ذلك علي خلفية نشر الموقع لرابط فيديو منسوب لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ضمن مقال صحافي ينتقد التنظيم والذي صدر على خلفيته أمر من النيابة العامة بالقبض على مدير الموقع.
وعبرت الاوساط السياسية والحقوقية والصحافية عن خشيتها من يكون الاعتقال محاولة من السلطات المغربية لاستغلال نشر الفيديو لتصفية حساباتها مع أنوزلا والزج به في المحاكمات الجنائية على خلفية آرائه وعمله الصحافي وشجاعته في ممارسة مهنته.
وقررت وزارة العدل والحريات المغربية مقاضاة جريدة ‘إلباييس′ الإسبانية لدى الجهات القضائية الإسبانية المختصة، بداعي نشرها للشريط الأصلي على موقعها الالكتروني. وذلك بعد اجراء وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، اتصالا مع نظيره الإسباني، يقول بلاغ الوزارة، بهدف إبلاغه ‘انشغال الحكومة المغربية لما أقدم عليه موقع الجريدة الإسبانية’، إذ اعتبرت نشر الشريط المنسوب لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ‘يدعو إلى الإرهاب’ و’يكتسي خطورة على سلامة وأمن المواطنين المغاربة وممتلكاتهم’. وبررت الوزارة مقاضاة ‘إلباييس′ بكون الولوج إلى الشريط يأتي عن طريق الرابط الإلكتروني للجريدة الناطقة بالإسبانية ‘التي نشرت الشريط بصيغته الأصلية باللغة العربية’، وهو ما يعني أنه موجه للناطقين بالعربية عموما والمغاربة خصوصا، و’يشكل تحريضا على الإرهاب بالمغرب’.
وقالت نعيمة الكلاف محامية الصحافي انوزلا ان النيابة العامة قررت وضعه تحت الحراسة النظرية، وهو ما يعني ان التحقيق سيستمر مع الصحافي في حال اعتقال ولا يعرف لحد الان ما اذا كان الصحافي سيتابع بالقانون الجنائي او قانون الارهاب.
واستغربت الكلاف طريقة اعتقاله ‘هو صحافي معروف وكان يمكن توجيه استدعاء اليه دونما الحاجة الى انتقال الشرطة وتوقيفه بتلك الطريقة’.احتجاج الائتلاف المغربي لحقوق الانسانوعبر الائتلاف المغربي لحقوق الإنسان (22 هيئة حقوقية) عن احتجاجه الشديد على قرار اعتقال الصحفي علي أنوزلا،وتخوفه من أن يكون هذا القرار مندرجا في إطار الحملة التي يتعرض لها بسبب آرائه، ومحاولة تصفية حسابات سابقة معه مغلفة بقضية الشريط. وطالب بجعل حد لاجراء ‘الحراسة النظرية (التوقيف على ذمة التحقيق) حالا، وإطلاق سراحه، مادام الصحفي علي أنوزلا يتوفر على كل الضمانات التي تعطي للشرطة امكانيات اجراء البحث دون عراقيل ولا تخوفات’. وطالب الإئتلاف أيضا بتمكين ‘ أنوزلا من كل الضمانات حتى لا يمارس عليه أي ضغط نفسي ومعنوي أو مضايقات على أسرته وأن تحترم حياته الخاصة وراحته وسلامته وكرامته’.
وأعلن عن قراره ‘تكليف محامين بالاطلاع على وضعيته وتتبع تطورات قضيته إلى حين استرجاعه لحريته وانتهاء متابعته، مذكرا ‘بموقفه الرافض لقانون مكافحة الإرهاب والمطالب بإلغائه ومعالجة المآسي التي نتجت عن المتابعات والمحاكمات التي تمت في إطاره’.
كما أدان محمد الزهاري، رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان اعتقال أنوزلا وقال في رسالة تضامنية ‘مؤسف جدا أن نشهد على توريط القضاء في تصفية الحسابات مع الصحفي أنوزلا أيام قليلة بعد الإعلان عن نتائج إصلاح منظومة العدالة’.
وأكد الزهاري على أن ‘قضية الصحافي المناضل على أنوزلا توقع بامتياز على هذا التوريط المكشوف ، والفضيحة في الإجهاز على بعض المكتسبات التي سجلت بسبب نضال الحركة الحقوقية والقوى السياسية الملتزمة من أجل مجتمع الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية’.
وقال إن اعتقال علي أنوزلا يفضح المسكوت عنه في توظيف القضاء لتصفية حسابات، فالعديد من المناضلين الشرفاء يشهدون له بالمهنية، والجرأة في تناول القضايا الوطنية، والدفاع عن قضايا المواطنين، وكثيرا ما يُزعج بكتاباته خصوم الديمقراطية، وأعداء حقوق الإنسان ولوبيات الفساد المالي والسياسي، وبالتالي كان الحرص الشديد على انتظار الفرصة للانتقام، وتلفيق تهمة لا يمكن إلصاقها بأي شكل من الأشكال’. وأضاف ‘علي أنوزلا كان دائما ينبذ الإرهاب واستعمال العنف والمس بالسلامة البدنية ـ ويدعو إلى الحوار، ويِؤمن بالاختلاف’ .
وأكد الزهاري أن الشريط المعني المدان لـ ‘معديه وما تضمنه من دعوة صريحة على العنف والكراهية، وارتكاب أعمال إرهابية ضد أي كان- الا انه ‘تم نشره وتداوله في شبكة يوتوب، وأن الموقع الإلكتروني لكم ليس هو المنتج للشريط، وبالتالي فاعتقال على أنوزلا الآن هو اعتقال تحكمي، مما يتطلب معه الأمر بإطلاق سراحه فورا’ وعبر عن ‘تضامنه مع أنوزلا ، وكل الصحافيات والصحافيين العاملين بالموقع′.
واعتبر ‘الصحافيون المغاربة المستقلون’ بأنّ توقيف علي أنوزلا محاولة جديدة من طرف الدولة لضرب الصحافة المستقلة، ومصادرة صوت الأقلام الحرة، وتطور خطير في مسلسل التضييق على حرية التعبير وعبر هؤلاء في بيان ارسل لـ’القدس العربي’ عن استغرابهم للطريقة المهينة لكرامة الصحافة المغربية التي تم بها اقتياد الصحافي إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وطبيعة المؤاخذات التي حملها بلاغ الوكيل العام للملك ضدّ أنوزلا، وأن النشر كان بنية الإخبار لا غير.
وشجب البيان إقدام الشرطة على الدخول لمقر موقع لكم ومصادرة الوحدات المركزية للحواسيب، معتبرة ذلك إجراء تعسفيا، يندرج في إطار ترهيب الصحفيين ومحاولة ثنيهم عن أداء مهامهم، ومسا بحرية الصحافة من خلال مصادرة أجهزة عملهم.
كما عبروا عن استغرابهم الكبير من بلاغ النقابة الوطنية للصحافة في الموضوع، وقالوا ‘عوض أن تقوم النقابة بوظيفتها المتمثلة في الدفاع وحماية الصحفيين فقد تفرغت النقابة لتصفية حساب قديم مع الزميل علي أنوزلا، وعملت على تقديم دروس في أخلاقيات المهنة وفي دفاعها عن حقوق المجتمع، فلم تكلف النقابة نفسها عناء التضامن مع الزميل الذي تعرض للتوقيف واكتفت بالقول إنها ستحرص على متابعة الملف في إطار احترام القانون المنظم للصحافة والنشر.
كما استنكروا الحملة التحريضية المغرضة والمتسمة بالخطورة و التي تقودها جهات سياسية ضد الصحافي علي أنوزلا ودعوا كافة الصحافيين والقوى الحية والحرة في البلاد إلى تكثيف جهودها لمتابعة هذا التطور المؤسف والخطير.تصفية حسابواعتبر ‘الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية’ اعتقال انوزلا ‘خطوة خطيرة وغير محسوبة العواقب، جاءت ‘لتصفية حساب مع قلم أزعج العديد من الجهات’ وأدان المكتب التنفيذي للإتحاد ‘بشدة طريقة اعتقاله، واعتبرها مقصودة لإهانة الصحافة الجادة بالمغرب’، مُعبرا في بيان له توصل الموقع بنسخة منه، عن تضامنه المطلق مع الزميل علي أنوزلا ويطالب بإطلاق سراحه فورا’.
واستنكرت منظمة حريات الإعلام والتعبير بالمغرب- حاتم هذا الاعتقال غير المبرر إطلاقا ولا حتى بذريعة نشر ‘فيديو القاعدة’ التي ساقتها النيابة العامة، مادام أن النسخة العربية للموقع التي يديرها علي أنوزلا لم تنشر ذلك الفيديو بل مجرد عنوان رابط لمقال مخصص للموضوع بموقع إخباري آخر يتضمن بين مواده الشريط المعني.
واعتبرت الاعتقال حلقة أخرى ضمن مسلسل التضييق المستمر على حرية الإعلام والتعبير، كما يؤشر إلى أسلوب ترصد الصحافة المستقلة والأقلام الحرة والبحث عن أية ذرائع لتصفية حسابات السلطة معها ولتبرير خنقها بتغطية ‘قانونية’ ودعت كافة الهيئات الحقوقية والمهنية، على المستوى الوطني والدولي، إلى التعبير عن احتجاجها على هذه الإجراءات القمعية في حق الصحافي علي أنوزلا وجريدته الالكترونية، وإلى حشد تضامن الرأي العام معه والمطالبة باسترجاعه لحريته بشكل فوري.
سياسيا وحزبيا ادان عبد الصمد الادريسي النائب البرلماني وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الحزب الرئيسي بالحكومة، اعتقال أنوزلا وقال أنه ا طيلة يوم امس ترددت في التعليق على اعتقال الصحافي علي انوزلا لأنني لم أكن محيطا بالموضوع Haut du form ا مؤكدا أن الأمور اتضحت له اليوم بعد قراءته لما كتبه ا اشباه الصحافيين من محتكري العمل النقابي و اشباه الحقوقيين من محترفي التجارة الحقوقية و بعض عتاة الفساد السياسي و الحزبي ممن انطقهم الحقد و العمى و أوحي اليهم بدفع الرجل الى اتون الظلمة’، ومجسلا تضامنه مع أنوزلا في محنته ومظلمته. ودعا الادريسي إلى أن يكون الحاكم هو مبادئ حقوق انسان و حرية التعبير وحرية نقل الخبر و قرينة البراءة، معتبرا أن أصل هو السراح و أن اعتقال تدبير جد استثنائي يكون ا عند خطورة افعال او خطورة الشخص.
ووصف جماعة العدل والإحسان اعتقال أنوزلا بأنه ‘تضييق جديد على حرية الإعلام بالمغرب أعلن القيادي بالجماعة حسن بناجح ‘تضامنه مع الصحفي المعتقل’، مدينا هذا التصرف ‘الذي يأتي حلقة في مسلسل طويل من التحقيقات في محاكم مختلفة، وحملات شعواء للنيل من شخصه’.
وقال حسن بن ناجح مدير مكتب الناطق الرسمي باسم الجماعة’ ان هذا ‘الاعتقال التعسفي يؤكد أن الاستبداد في المغرب يزداد إصرارا على نهجه التسلطي، ولا يتحمل أي صوت يكشفه، ويفضح الفساد الذي يرعاه، ويتشبث بأن الاستبداد وقرينه الفساد هما المسؤول الأول عن كل مظاهر التردي التي تمعن في قهر الشعب’.
وقال عبد الرحمن بن عمرو النقيب والكاتب الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي المعارض أنه يشجب هذا الاعتقال مسبقاً، وانه يعتقد أن أنوزلا كانت له مواقف صريحة نضالية وأبحاث تخدم الوطن والحركة التقدمية ويقاوم الفساد’.
وأوضح بنعمرو أن ما قام به أنوزلا ونشره الشريط:’ يدخل في إطار الحق المواطن أن يعبر عن رأيه أو ينشر أي وقائع التي من المفروض أن تكون حقائق واقعية’.
وأضاف بنعمرو على أنه يتضامن معه وسيدافع عنه كحقوقي وكممثل لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و أنه يحتج على هذا الاعتقال الذي هو اعتقال غير مبرر وطلب المزيد من التوضيحات بعض الاطلاع على الملف الذي يتابع من أجله.
في الجبهة الاخرى شنت أحزاب الاستقلال، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، هجوما حادا على علي أنوزلا واعتبرت نشره شريط تنظيم القاعدة ‘إشادة وتحريضا على عمل إرهابي يستهدف أمن واستقرار البلاد’. ووصف حزب الاستقلال، كتابات انوزلا بأنها ‘كانت باستمرار تدخل في خانة الطابور الخامس، وخاصة من خلال المس والتحريض على الوحدة الترابية للمملكة، بل حول مناشيره الإعلامية إلى وسائل للدعاية ضد المغرب ومصالحه الحيوية’.
ورأى فيما نشره ‘تبنيا لخطابات إرهابية تحمل تهديدا صريحا للمواطنين المغاربة، وهو ما يعاقب عليه القانون صراحة’، مضيفا أن أنوزلا بعد سحب موقع ‘يوتوب’ للشريط التحريضي المنسوب للقاعدة، عمد إلى نشره بوسائل مختلفة’ وهذا السلوك ينم عن ‘الحقد الذي يكنه المعني بالأمر للمغرب، وهو ما يكشف طابع العمالة لجهات أجنبية تناصب العداء للمغرب’.
واكد الحزب دعمه لكل ‘الإجراءات القانونية التي تباشرها السلطات الأمنية والقضائية بالمملكة’، وبأن الأمر لا يتعلق من قريب أو بعيد بإجراءات تحد من حرية الصحافة والتعبير، بل بما يفرضه القانون من حماية لأمن الوطن والمواطنين’.
واكدت الحركة الشعبية المشاركة بالحكومة أن هذه ‘الممارسة اللامسؤولة لانوزلا لا علاقة لها بالعمل الصحفي النبيل الذي يحمل توقيع صاحبه، بل تتعداه إلى تبني خطاب إرهابي والترويج له، مما ينم عن كونه يخدم أجندة إرهابية’.
واعتبرت موضوع شريط القاعدة واعتقال أنوزلا، نشر تسجيل تنظيم ‘القاعدة’ في موقع إخباري بمثابة ‘إشادة’ وتحريض على عمل إرهابي يستهدف أمن واستقرار البلاد، والتغرير بشبابه’.
وثمنت المبادرات الملكية الحكيمة في مجال إصلاح الحقل الديني، واشادت بالمسيرة الإصلاحية التي يقودها الملك، والتي جنبت المغرب عواقب ما يعرفه المحيط، ومناطق الجوار من تقلبات وانفلاتات أمنية’. وطالب الناطق الرسمي للتجمع الوطني للأحرار (مرشح لدخول الحكومة) بتطبيق القانون، وضمان شروط المحاكمة العادلة ضد كل من ثبت تورطه في الأفعال المشينة المهددة لاستقرار الدولة والمجتمع′.
ادانة الترويج لخطاب العنف
وأبرز الحزب ذاته أن ‘استهداف المغرب بدعوات تحريضية تحث على العنف والكراهية والإرهاب الأعمى من طرف جهات معادية للمسار الديمقراطي الذي يسلكه المغرب، عمل إجرامي شنيع وجب التصدي له بكل حزم’. وحذر من الترويج لخطاب من هذا النوع، باعتباره ‘استهدافا مباشرا لاستقرار البلاد، ولخيارها الديمقراطي النموذجي في العالم العربي والإسلامي’، وأن هذه الدعوات ‘تأتي تزامنا مع الظرفية الدقيقة التي تجتازها الأمة العربية والإسلامية، بما يعنيه ذلك من رغبة جهات إرهابية في تنفيذ مخططاتها الهدامة على حساب استقرار الشعوب’.
التعليقات مغلقة.