معاهدة مراكش ، ميثاق “تاريخي” يجعل من المكفوفين وضعاف البصر فاعلين نشيطين داخل المجتمع (السيد عمر هلال)

 أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف عمر هلال، أن معاهدة مراكش الهادفة إلى تحسين ولولج المكفوفين وضعاف البصر إلى الأعمال المحمية بحقوق المؤلف ، تعتبر وثيقة ” تاريخية” تجعل من المكفوفين وضعاف البصر فاعلين نشيطين داخل المجتمع.

وقال عمر هلال  على هامش حفل تبني هذه المعاهدة، “توصلنا اليوم إلى معاهدة تاريخية لكونها تعتبر الأولى من نوعها، وجيل جديد من حقوق المؤلف في فقه اتفاقيات المنظمة العالمية للملكية الفكرية”، مضيفا أنها “المرة الأولى في تاريخ المنظمة العالمية للملكية الفكرية التي يتفق فيها أعضاؤها على استثناءات وحدود، في حين ينصب توجه المنظمة بالأساس على حقوق المؤلف”.

واعتبر الدبلوماسي المغربي الذي لعب دورا مهما من أجل التوصل إلى التوقيع على هذه المعاهدة، “أنه يوم عظيم بالنسبة لمدينة مراكش وللمغرب وللمنتظم الدولي الذي وقع على معاهدة مراكش التي تفتح آفاقا واسعة بالنسبة للمكفوفين وضعاف البصر ، ونحن جد سعداء لأن ذلك تحقق بالمغرب”.

وبخصوص مسلسل المصادقة على معاهدة مراكش، أكد السيد هلال أن ذلك ” لم يكن بالسهل” ، موضحا أنه ” في شهر دجنبر الماضي كان هناك أشخاص قليلون يؤمنون بالمصادقة على هذه المعاهدة ، نظرا للاختلافات العميقة”.

وقال إنه ” بالنسبة للبلدان السائرة في طريق النمو كانت تطمح منذ سنوات عدة إلى فسح المجال أمام المكفوفين وضعاف البصر للولوج إلى المعرفة والعلوم والقراءة وتفجير طاقاتهم الإبداعية في حين أن بلدان الشمال، والتي لم تكن تعارض مبدأ ولوج هذه الشريحة للتراث المكتوب، لم ترغب في قبول الاستثناءات. فبمبدأ الاستثناء بالنسبة إليها يشكل خطرا بحيث أنه يمكن أن يخلق سابقة في توجه المنظمة العالمية للملكية الفكرية”.

وأضاف “في إحدى اللحظات كنا في حالة جمود . كان ذلك مقلقا لأن الأيام تمر دون تحقيق تقدم يذكر، وهو ما فرض على الوفد المغربي وعلى رأسه  الخلفي إلى التدخل من أجل تذكير الوفود بأننا لسنا في مرحلة التقديم الفقهي والفلسفي وإنما يتعين التوصل إلى اتفاق”.

ولتجاوز هذه الوضعية، ذكر السيد هلال أن المغرب اقترح أن تنتدب اللجان شخصا يعمل على تسهيل المفاوضات في شخص رئيس وفد البيرو وأن تجرى المفاوضات خارج قصر المؤتمرات حتى تبقى سرية، مضيفا أن “هذه المقاربة كانت جيدة حيث تمكنا في ظرف أربعة أيام من حصر نقاط الاختلاف في 38 ثم انتقلنا إلى 25 ثم إلى عشرة لنصل في الأخير إلى بتسوية كافة نقاط الاختلاف في احترام تام لمواقف جميع الأطراف”.

وشدد على أن الرسالة الملكية السامية الهامة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في المؤتمر وانخراط الوفد المغربي في المفاوضات، ساهما في نجاح هذا المؤتمر والمصادقة على هذه المعاهدة.

“لقد فسحنا المجال لكافة المكفوفين وضعاف البصر في العالم برمته للولوج إلى الأعمال المحمية بحقوق المؤلف، وتمكينهم من أن يصبحوا فاعلين في تحقيق التنمية السوسيو اقتصادية لبلدانهم”، يقول السيد هلال، معتبرا أن منح شروط الولوج للمعرفة بالنسبة للمكفوفين، سيمكن هؤلاء من إبراز إبداعاتهم وعبقريتهم، كما ذكر أن العالم عرف شخصيات أدبية وعلمية كبيرة عانت من هذا النوع من الإعاقة. وأبرز، من جانب آخر، ضرورة تأهيل المنظمات غير الحكومية من أجل استخلاص الدروس من الممارسات الفضلى في البلدان الأخرى، وخاصة بلدان الشمال، والتعاون فيما بينها في سبيل تسهيل ولوج المكفوفين وضعاف البصر إلى النصوص المطبوعة.

وشدد الدبلوماسي المغربي على أهمية البعد التعاوني وخاصة بالنسبة للبلدان السائرة في طريق النمو والتي لا تتوفر على الوسائل لا المؤسساتية ولا التقنية ولا على الدعم المالي لمساعدة المكفوفين وضعاف البصر، مشيرا إلى أن التوقيع على معاهدة مراكش يعتبر ميثاقا سياسيا ، غير أن تفعيله يتطلب الوسائل والخبرة وهذا ” لن يتأتى إلا في إطار تعاون شمولي داخل المنظمة العالمية للملكية الفكرية”.

وكانت الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المشاركة في المؤتمر الدبلوماسي المعني بالأشخاص معاقي البصر الذي احتضنت أشغاله المدينة الحمراء ما بين 18 و28 يونيو الجاري، قد تبنت بالإجماع أمس الخميس معاهدة مراكش الهادفة إلى تحسين ولولج المكفوفين وضعاف البصر إلى الأعمال المحمية بحقوق المؤلف.

التعليقات مغلقة.