القمة الأفريقية فرصة عربية لمد الجسور مع القارة السمراء

_85282_is3

الانتفاضة/سعيد قدري

أكدت مصادر دبلوماسية أن قمة الاتحاد الأفريقي التي تفتتح الأحد (اليوم) في رواندا ستطرح مسألة انضمام إسرائيل للاتحاد الأفريقي كعضو مراقب.

واستبعدت ذات المصادر منح إسرائيل صفة مراقب بسبب ما تشهده القضية الفلسطينية من إخفاقات نتيجة الممارسات الإسرائيلية الاستيطانية وعرقلة عملية السلام، مؤكدة أن محمود عباس الرئيس الفلسطيني سيلقي كلمة أمام القمة يجدد فيها إدانته للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان -شعار القمة- ويطالب فيها الدول الأفريقية بضرورة الضغط على دولة الاحتلال للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967.

ورجحت المصادر عقد اجتماع ثلاثي بين عبدالفتاح السيسي الرئيس المصري، وعمر البشير الرئيس السوداني، وهايلي ميريام ديسالين رئيس الوزراء الإثيوبي للتباحث حول مستجدات الوضع بشأن أزمة سدّ النهضة، متوقعة أن تتم إعادة التأكيد على البيان الثلاثي “مارس 2015” الذي حدد بعض النقاط لعدم الإضرار بمصالح مصر المائية أو أيّ دولة من دول حوض النيل، وضمان عدم تأثير التقارب الإسرائيلي-الإثيوبي على مصر في هذا الشأن.

وأثارت جولة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أفريقيا والتي شملت أوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا مطلع الشهر الجاري مخاوف القاهرة على مصالحها في القارة السمراء.

وطرحت هذه الزيارة بقوة قضية التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا في إطار استراتيجية تهدف إلى تطويق البلدان العربية خصوصا مصر، ومحاولة إبعاد دول أفريقيا عن الصراع العربي-الإسرائيلي.

واعتمدت إسرائيل في تغلغلها داخل أفريقيا على شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة التي لعبت دورا رئيسيا في فتح أبواب السوق الأفريقي أمام الاقتصاد الإسرائيلي وضمنت لها مساحة كبيرة من الحركة في علاقتها بدول القارة، حيث أصبح لإسرائيل علاقات دبلوماسية مع معظم دول أفريقيا البالغ عددها 54 دولة.

وتحاول إسرائيل الخروج من عزلتها في منطقة الشرق الأوسط والحصول على شرعية دولية من خلال استغلال دول الاتحاد الأفريقي ككتلة تصويتية في المؤسسات الدولية لضمان تمرير مشروعاتها التي تخدم فكرة الأمن القومي للدولة العبرية.

وإلى جانب شراكتها مع واشنطن استغلت تل أبيب ما تعانيه بلدان القارة السمراء من فقر ومجاعة وصراعات سياسية، وقدّمت نفسها كنموذج للدولة الصديقة التي يمكن الاستفادة من تجربتها في التنمية ومواجهة التطرف في صورة تبادل الخبرات الأمنية وتقديم الدعم في ذلك السياق.

وينظر بعض المتخصصين إلى أفريقيا من زاوية أنها أصبحت تمثل أحد نقاط الضعف في منظومة الأمن القومي العربي، حيث باتت القارة مسرحا للحركة الإسرائيلية-الإيرانية والتنافس الأميركي-الصيني، والطموحات الروسية، وهي الحالة التي أصبحت تمثل عبئا أمنيا على دول القارة لا سيما الدول العربية التي تعاني من اضطرابات سياسية تحتاج لسنوات عديدة حتى يمكن إصلاح ما أفسده “الربيع العربي”.

ويعتبر السفير جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب أن التهافت الدولي على أفريقيا كان سببا في تدارك العرب لأهمية القارة السمراء اقتصاديا وسياسيا نظرا لخطورتها من الناحية الجغرافية وما يمكن أن تلعبه هذه القارة من دور مهمّ في حسم العديد من ملفّات الصّراع على المستوى الدولي، من خلال وجودها على مشارف عدد من الممرات المائية أهمها البحر الأحمر وتحكمها في حركة التجارة الدولية، بالإضافة إلى ما تملكه تلك القارة من ثروات طبيعية.

بيومي الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية الأسبق أكد  أن الدول العربية بما فيها بلدان الخليج العربي بدأت إعادة ترتيب أوراقها فيما يخص العلاقة مع القارة السمراء، من خلال تفعيل المؤسسات الأفريقية التي كانت تمثل مظاهر التعاون العربي-الأفريقي مثل “الكوميسا”، وإعادة إحياء حلم المنطقة التجارية المشتركة، متوقعا أن تشهد السنوات المقبلة حركة أكبر للتجارة والاستثمار المتبادل بين دول القارة الأفريقية في صورة مشروعات واتفاقيات.

وتملك أفريقيا حوالي 124 مليار برميل من احتياطي النفط، وهو ما يقدر بحوالي 12 بالمئة من إجمالي احتياطي النفط العالمي، هذا بالإضافة إلى 100 مليار برميل على شواطئ القارة في انتظار أن يتم اكتشافها، وتتركز الثروة النفطية بالقارة في نيجيريا والجزائر ومصر وأنجولا وليبيا والسودان وغينيا الاستوائية والكونغو والجابون وجنوب أفريقيا.

وتتميز القارة الأفريقية بوجود كميات كبيرة من عنصر اليورانيوم الهام في الصناعات النووية، وتشارك بأكثر من 18 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي لليورانيوم، ، وتمتلك القارة احتياطات من الذهب تقدر بحوالي 50 بالمئة من إجمالي احتياطات العالم، وتتصدر سوق الألماس العالمي بنسبة 40 بالمئة.

ويرى عطية عيسوي الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي أن عودة العلاقات العربية-الأفريقية مرهون بمدى ما يمكن أن يقدمه العرب من إغراءات ومساعدات اقتصادية سخية، لافتا إلى أن القمة العربية الأفريقية التي عقدت بالكويت عام 2013 كانت قد أوصت بتفعيل الشراكة العربية الأفريقية ولكن لم يتم تنفيذ تلك التوصيات بسبب انشغال المنطقة العربية بأحداث الربيع العربي.

ولم يبد عيسوي تفاؤلا بشأن مستقبل العلاقات العربية الأفريقية، على العكس من ذلك توقع الباحث أن تشهد العلاقات بعد القمة مزيدا من التعقيد والتباعد بسبب التقارب الأفريقي-الإسرائيلي، وعدم قدرة العرب على تقديم الإغراءات التي تستميل دول القارة السمراء.

التعليقات مغلقة.