وفاة جاك فرجيس محامي المناضلين ومحامي الشيطان

 توفي بباريس مساء الخميس 16 غشت، المحامي الفرنسي الشهير جاك فرجيس عن سنّ تناهز الـ88عاما بعد معاناة مع المرض. وجاك فرجاس الشهير بالدفاع عن قضايا رأي عام مثيرة نال شهرة إعلامية لم يعرفها أيّ من المحامين الفرنسيين من بعده، وصار عند قسم من الرأي العامّ الفرنسي والعالمي بطلا وعند قسم آخر مجرّد باحث عن الظهور والإثارة، وعند قلّة آخرين إنسانا غير سويّ.

وُلِد جاك فرجاس في تايلاندا سنة 1925 من أب فرنسيّ وأمّ فيتنامية، وتربّي في جزيرة “رييونيون” التابعة لفرنسا، واشتغل أخوه الأكبر بالسياسة صلب الحزب الشيوعي الفرنسي. وفي 1941 انضمّ جاك فرجاس متطوّعا إلى الجيش الفرنسي الحرّ الذي كان يترأسه الجنرال ديغول ويقاوم الاحتلال النازي لفرنسا..وشارك في معارك على أراضي كلّ من إيطاليا والجزائر والمغرب وفرنسا. وبعد التحرير انتمى إلى الحزب الشيوعي الفرنسي واستكمل دراسته في الحقوق ليصبح محاميا منذ 1955.

وكانت حرب التحرير الجزائرية انعطافا هامّا في حياته، عندما تولّى الدفاع عن شابّة جزائرية أسرها الجيش الفرنسي لأنها كانت مناضلة في جبهة التحرير الجزائرية وتزرع القنابل ضدّ القوات الفرنسية: المناضلة إسمها جميلة بوحيرد. كانت ولادة محام استثنائي ابتكر ما يسمّى بـ”دفاع القطيعة” أي عوض التقليل من تورّط المتّهم فإنّ المحامي يتحوّل إلى لسان اتّهام ليتّهم النظام الاستعماري ويفضح أساليبه.

حُكِم على جميلة بوحيرد بالإعدام، ثمّ تمّ العفو عنها وصارت بطلة من أبطال حرب التحرير الجزائرية وكتب عنها شعراء مثل نزار قباني ومحمود درويش والبياتي والسيّاب وغيرهم، واستقبلها حكّام كبار مثل عبد الناصر وبورقيبة ثمّ الأسد وصدّام..وتزوّجت من محاميها المثير للجدل: جاك فرجيس..وقد اعتنق فرجيس الدين الإسلامي وأنجبا طفلين وعاشا لفترة في الجزائر الحرّة..

وفي 1970 سافر فرجيس إلى الصين، وهناك قابل الزعيم ماو تسي تونغ، واختفى طيلة 8 سنوات تاركا زوجته وابنيه، ونشأت حكاية مفادها أنّه كان في خدمة نظام بول بوت المرعب في كمبوديا..نظام الخمير الحمر، وكان فرجيس صديقا للمرعب بول بوت منذ أن كانا معا في الحيّ اللاتيني في باريس طالبين.

وقد دافع بعد عودته إلى باريس في 78 عن المجرم النازيّ كلاوس باربي، كما كان محاميا لقائد الخمير الحمر خيو سامفان..ودافع عن مجرمين كبار مثل سلوبودان ميلوزفيتش، والقاتل المتسلسل شارل سوبرهالغ..لكنه دافع عن بعض القضايا التي كانت فيها المحاكمات تعني فلسطين والعروبة والإسلام قليلا أو كثيرا مثل محاكمة الفيلسوف الفرنسي المسلم روجي غارودي عند اتّهامه بنفي المحرقة اليهودية، ودافع عن المناضل الشيوعي اللبناني جورج ابراهيم عبد الله، وعن أنيس النقاش، وعن الإرهابي العالمي المناصر للقضية الفلسطينية كارلوس، وعن المتهمين من فصائل اليسار الثوري الأروبي مثل العمل المباشر في فرنسا، الألوية الحمراء في إيطاليا..

اهتمّ بعض الكتّاب بحياة المحامي الذي صال وجال في محاكم فرنسا وأروبا، وصدرت عنه عديد الكتب إضافة إلى آلاف المقالات بكلّ اللغات..وكان موضوعا لبعض الأشرطة، والأكيد أنه في الأيام القادمة ستعرف حياته قراءات ودراسات وشهادات خاصّة عند الفرنسيين.

 

التعليقات مغلقة.