نقل موقع التواصل الاجتماعي صورة تبدو في ظاهرها جنازة تحمل على الاكتاف نحو مثواها الأخير، ويرافقها الأقارب وبعض ساكنة إحدى الدواوير الواقعة بشيشاوة التي تبعد عن مدينة مراكش بحوالي 75 كلم، الذين يجسدون معنى التلاحم والتآزر ومشاركة أهل الدوار أفراحهم وأقراحهم. ولكن في الحقيقة فالصورة تنقل واقعا أليما، ومعاناة حقيقية لشريحة من المجتمع المغربي التي تعيش العزلة والتهميش والفقر، فطبيعة الأرض ومواردها لا تفي بالاكتفاء الذاتي وبالأحرى استغلالها في التسويق أو المقايضة أو التخزين لوقت الشدة، كما ان الدوار يفتقر لأبسط ضروريات العيش الكريم، من ماء وكهرباء وقنوات الصرف الصحي والمستوصفات ومراكز صحية تخص النساء ( الولادة )، والطفل، والأنكى من ذلك صعوبة المسالك واستحالة وصول وسائل النقل من سيارات او شاحنات إلى قلب الدوار، مما يضطر الساكنة إلى نقل النساء الحوامل على النعش وقطع مسافات طويلة قبل بلوغ أقرب مركز للتوليد ( انظر الصورة ) ،
وإذا كانت حالة المرأة الحامل معقدة ويتطلب إنقاذها والجنين الذي في بطنها نقلها إلى أقرب مستشفى ، فتلك معاناة قد لا يشعر بحجمها سوى من اكتوى بنارها وتذوق مرارتها، ووقف على الإكراهات الحقيقية التي لا تلتقطها كاميرا التلفزة، ولا يتحدث عنها معدو الأخبار ومن يدعون أنهم لسان الشعب والمرآة التي تعكس معاناته ،
وللإشارة فقط فسيارة الإسعاف بمعظم الجماعات القروية تكون عاطلة، لأن الجماعة في تبريراتها لا تملك ميزانية خاصة بالصيانة وشراء قطع الغيار، وأحيانا يطلب من الحامل شراء الوقود لسيارة الإسعاف إن هي أرادت بالفعل نقلها إلى المستشفى.
الدولة وضعت طائرات الهيلوكبتير في خدمة المناطق الصعبة، ومستشفيات متنقلة، إلا أن ذلك ولحدود اليوم لم يكن له مفعول يطمئن الساكنة ويخفف معاناتها، ليبقى الجميع يعيش على الأمل ويتطلع لنقلة صحية تأخذ بالاعتبار معاناة ساكنة الدواوير المعزولة وتخرجهم من دائرة التهميش والإقصاء والتجاهل.
محمد السعيد مازغ
التعليقات مغلقة.