مواطنون يشتكون إقصائهم من الدعم بدعوى ارتفاع المؤشر الاجتماعي والاقتصادي

الانتفاضة/ شاكر ولد الحومة

منذ دخول ورش الحماية الاجتماعية حيز التنفيذ، يشتكي العديد من المواطنين إقصاءهم من الدعم بدعوى ارتفاع المؤشر الاجتماعي والاقتصادي، هذا المؤشر الذي يربط حصول أي أسرة بالدعم من عدمه برقم يُمنح لها في السجل الاجتماعي الموحد بناء على مجموعة من المعطيات الدقيقة التي تتعلق بوضعيتها الاجتماعية والاقتصادية.

وتبلغ نسبة الأسر المغربية المستهدفة بالدعم الاجتماعي 60 في المائة من مجموع الأسر، تستفيد من تعويضات عائلية عن الأطفال، أو تستفيد من المنحة المقدرة بـ500 درهم، بكلفة إجمالية تقدر بـ25 مليار درهم خلال 2024، وفق أرقام حكومية.

هذا الوضع تؤكده بشكل واضح لغة الأرقام الرسمية، التي تشير حسب فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إلى أن أزيد من مليون مواطنة ومواطن مغربي اشتكوا من “إقصائهم” من الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر بدعوى ارتفاع المؤشر الاجتماعي.

ويعكس هذا الرقم، ما دأبت أحزاب المعارضة على رفعه في خطاباتها المنتقدة لتنزيل برامج الدعم الحكومي، والتي انتقدت المعايير التي تدخل في حساب هذا المؤشر والتي قد تقصي بعض الأسر لمجرد امتلاكها لبعض اللوازم المنزلية التي لا تعكس بالمرة وضعها الاجتماعي.

الدعم الاجتماعي للأسر في المغرب تحكمه شروط

نفس الطرح تذهب إليه نبيلة منيب النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الاشتراكي الموحد التي استغربت من المعايير الحالية التي تحكم هذا المؤشر والتي تعتبرها “غير منطقية” مشددة على ضرورة مراجعتها.

وأضافت منيب أنها توصلت بشكاية من العديد من المواطنين من مرضى السرطان الذين تم إقصائهم من التغطية الصحية المجانية بدعوى ارتفاع مؤشرهم لسبب من الأسباب، وهو ما وضعهم أمام ضرورة أداء تكاليف العلاج الكيميائي على رغم من ظروفهم المادية الصعبة.

وتابعت منيب أن “النظام الذي اعتٌمد في تحديد المستفيدين من نظام الحماية الاجتماعية ليس هو الأنجع”، مشيرة إلى أن الأغلبية الساحقة من المغاربة في حاجة إلى تغطية صحية بالمجان.

في المقابل دعت السياسية إلى استدراك الأخطاء التي اعترت تنزيل نظام الحماية الاجتماعية، خصوصا وأن الورش لا زال في بداياته، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة العمل أولا على تجويد الخدمات الصحية والرفع من الرأسمال البشري من خلال تكوين 100 ألف طبيب، وتخفيض القيمة المضافة على الأدوية من 7 بالمائة مشيرة إلى أن هذا الرقم يبقى مرتفعا مقارنة بدول متقدمة كفرنسا.

من جانبها ترى الحكومة في هذا الإجراء خطوة ضرورية لتوجيه الدعم نحو مستحقيه بدل أن يشمل الجميع بمن فيهم كبار المستثمرين، في المقابل ترى العديد من أصوات المعارضة أن الوضعية غير ملائمة للمرور نحو الرفع التدريجي لسعر البوطان نظرا للمشاكل التي تشوب عملية الاستهداف بسبب المؤشر الاقتصادي والاجتماعي، والتي ستحرم العديد من الأسر من تحمل هذه الزيادات.

في حين ترى أستاذة  القانون العام  سارة الطاهري أن برنامج نظام الدعم الاجتماعي المباشر لايعد، شيكًا حكوميا على بياض يمنح لجميع الأسر، بل “يجب أن تستوفي هذه الأسر مجموعة من الشروط المحددة مسبقا والمنصوص عليها قانونا؛ وأبرزها الاستجابة للعتبة على أساس التنقيط المحصل عليه في السجل الاجتماعي الموحد”، تقول أستاذة القانون العام بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة.

واعتبرت أستاذة القانون العام، أن “هذا التوجه الحكومي ساهم فعلا في القطع مع العشوائية في تحديد الفئات المستهدفة بناء على معايير مقننة ومضبوطة، تضمن المساواة بين الجميع”.

الدعم الاجتماعي المباشر شابته خروقات

سجلت الحكومة المغربية بعد هذه المدة الوجيزة، وجود “خروقات” من طرف بعض الأسر في الاستفادة من هذا الدعم الاجتماعي، إذ كشف وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، عن ممارسات وصفها بـ”الغريبة” من قبل بعض المواطنين؛ مثل تقديم معلومات مغلوطة، أو اللجوء إلى طلاق صوري.

وشدد لفتيت ، خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته بالبرلمان مؤخرا، على اتخاذ إجراءات صارمة للحد من التلاعبات التي تضر بمصداقية نظام الدعم، باعتبارها ممارسات غير أخلاقية تضر بالفئات الأكثر هشاشة في البلاد.

ولفت وزير الداخلية، أنه تم ضبط حالات لأشخاص يستفيدون من الدعم رغم امتلاكهم لعقارات، فيما يعمد البعض الآخر إلى تسجيل معلومات تدعي عدم امتلاكهم اسطوانات الغاز، أو الكهرباء، أو هواتفهم النقالة، بهدف تضليل الجهات المعنية.

أزيد من 5.2 مليون أسرة، بما يعادل 18.9 مليون شخص على صعيد المملكة مسجلة بالسجل الاجتماعي الموحد

كشفت الأرقام الرسمية أن حصيلة التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد، بلغت إلى متم شهر سبتمبر 2024 أزيد من 5.2 مليون أسرة، بما يعادل 18.9 مليون شخص على صعيد المملكة، ونسبة 56 في المائة من مجموع الأسر الموحدة تنحدر من الوسط القروي.

وتواصل موازنة المغرب للعام 2025، في تخصيص مبلغ مالي من أجل استكمال هذا الورش المفتوح المتعلق بالدعم الاجتماعي المباشر للأسر في المملكة، والذي بلغ 26.5 مليار درهم، وفق ما جاء في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.

مكافحة الفقر وتحسين القدرة الشرائية للأسر الفقيرة والهشة أهداف الحكومة المعلنة

مكافحة الفقر وتحسين القدرة الشرائية للأسر الفقيرة والهشة، أبرز الأهداف الحكومية المعلنة حول نظام الدعم المباشر للأسر المغربية.

ويتضح مع مرور الوقت، أنه بدون سياسات اقتصادية وإصلاحات شاملة، يحمل مخاطر جسيمة تتمثل في جعل شرائح واسعة من المجتمع رهينة لوضعيات هشاشة مزمنة.

لهذا، فالأساس هو بناء اقتصاد قوي يضمن فرصًا متكافئة وكرامة للجميع. ويتحقق ذلك من خلال خلق مجتمع إنتاجي، يصبح فيه المواطن شريكاً فاعلاً في التنمية.

التعليقات مغلقة.