الانتفاضة/ إبراهيم السروت
كل عام والاعلام والاعلاميون المغاربة في مختلف المنابر الاعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية بألف ألف خير على الرغم من التحديات والاكراهات والعراقيل والمطبات التي يواجهونها منذ اختيارهم الالتحاق بمهنة المتاعب، ورغم ضبابية الوضع الإعلامي احتفل اليوم 15 نونبر 2024، ككل سنة باليوم الوطني للإعلام المخلَّد بالمغرب منذ مطلع الألفية الثالثة بعد الإصلاح الذي أقرته الدولة للقطاع سنة 2002.
يشكل هذا اليوم مناسبة للوقوف على واقع القطاع الإعلامي الوطني، وتقييم الأوضاع والتحديات ومناقشة الحصيلة السنوية، واستشراف الآفاق لمواكبة العصر ورهاناته في زمن الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
بعدما سميت الصحافة بالسلطة الرابعة بعد السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، يعيش الصحافيات والصحافيين والاعلاميات والإعلاميين اليوم بالمغرب تدخل وضغط مجموعة من الجهات دون مراعاة المكانة المتميزة التي منحها دستور 2011 لحرية الصحافة وضمان استقلاليتها، وقوانين مدونة الصحافة والنشر 2016، فضلا عن المعاهدات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب كي يتبوأ القطاع مكانة مهمة في مجتمع يؤمن بالقيم وتكريس الديمقراطية على كافة المجالات والأصعدة.
الإعلامي اليوم أصبح يعيش بين سندان نشر الحقيقة والحقيقة فقط ومطرقة التضييق والمتابعات التي تترصده بين الحروف، ناهيك عن تراكم الانتكاسات التي أرخت بظلالها على واقع الاعلام الوطني والمقاولات الصحافية، أو بالأحرى على الظروف الاجتماعية والمعيشية للعاملين بالقطاع، خاصة الصحافة المكتوبة التي تواجه في عصر الرقمنة مشكلة ضعف نسبة قراء الجرائد والمجلات والتراجع الكبير في المبيعات، دون أن ننسى واقع الصحافة الالكترونية التي تفتقر الى التنظيم والهيكلة المحترفة أمام انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أو العالم الافتراضي ككل.
لقد كان عاما مليئا بالمفاجآت والتناقضات، فبعدما استبشرنا خيرا بالعفو الملكي بمناسبة عيد العرش الذي شمل صحفيين معتقلين أبرزهم مدير تحرير جريدة “أخبار اليوم” توفيق بوعشرين، والصحفيين عمر الراضي وسليمان الريسوني، فضلا عن المدونين رضا الطاوجني ويوسف الحيرش، واعتبرناه انفراجا سياسيا، ها نحن اليوم نتفاجأ من جديد بإدانة الزميل حميد مهداوي، مدير نشر موقع “بديل”، بسنة ونصف السنة حبسا نافذا وبغرامة مالية قدرها 150 مليون سنتيم في الدعوى القضائية التي رفعها ضده وزير العدل عبد اللطيف وهبي بترخيص من حكومة عزيز أخنوش، هذا الحكم القضائي الذي يعيدنا الى السنوات الخالية وبعض الحكومات السابقة التي قيدت حرية الصحافة والإعلام وضربت عرض الحائط مبدأ حرية الرأي والتعبير.
إن وسائل الاعلام الوطنية اليوم مدعوة الى تطوير إمكانياتها المادية والبشرية وطرق تناولها للمادة الإعلامية للانفتاح على متابعيها ومواكبة هذا العصر، كما الحكومة وجميع المؤسسات الوصية على القطاع، ملزمون بالتدخل السريع والفعال للنهوض بصاحبة الجلالة، باعتبارها قطاعا حيويا واستراتيجيا ومرآة للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها بلدنا الحبيب، لتحتل مكانتها بين الدول دون تقييد الحريات لأنها أساس العمل الصحفي وتعزيز ثقة المواطنين، وذلك انسجاما مع الإرادة الملكية الراسخة للنهوض بالقطاع وتعزيز مبادئه النبيلة.
وإلى أن يستيقظ ضمير المسؤولين نعزي أنفسنا فينا
التعليقات مغلقة.