تلقيت هذه الأيام سيلا من الأسئلة حول مباراة التوظيف في إطار “أستاذ مساعد” الذي أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية وخصصت لها 600 منصب بالمراكز التربوية العليا التابعة لها، وعن مسارهم المهني، بما يكشف عن ضبابية الرؤية لدى المترشحين لهذا المنصب، تقتضي توضيحات أو تصويبات من الوزارة الوصية.
وكنت قد نبهت خلال إعداد النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية الذي صدر في فبراير الماضي بسرعة وتحت الضغط إلى ضرورة إصدار الدلائل المرجعية للوظائف والكفايات التي ينص عليها القانون الإطار، والتي يتم على أساسها التوظيف في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي قبل صدور الأنظمة الاساسية ، لتكون الإطار الناظم لعلاقة الإطار التربوي بالإدارة، إلا أن هذه الدلائل المرجعية لم تصدر لحد الساعة.
كما نبهنا على الارتباك الذي يمكن أن يخلفه إحداث إطار باحث باسم “أستاذ مساعد” إلى جانب الأساتذة المحاضرين الموجودين حاليا في مؤسسات التعليم العالي التربوية التابعة لوزارة التربية الوطنية.
هذا الارتباك الذي سيمس مسار الترقي المهني، وكذا المهام العلمية والبيداغوجية.
فمن حيث مسار الترقي المهني فإن ذلك يتم بالنسبة للأساتذة المحاضرين على أساس النظام الاساسي للأساتذة الباحثين في التعليم العالي الصادر بموجب مرسوم والذي يوضح شروط التوظيف ومسار الترقي وما يقابل كل درجة في الارقام الإستدلالية، بما يضمن وضوح المسار في إطار الوظيفة العمومية.
في حين أن مسار الترقي المهني بالنسبة للأساتذة الباحثين في إطار “أستاذ مساعد” الذي ابتدعته وزارة التربية الوطنية بدون مبرر مفهوم، سيتم على أساس النظام الاساسي الصادر في 23 فبراير 2024، دون توضيح طبيعة هذا المنصب ولا كيفية الترقي داخل المسار المهني في أنساقه الثلاث المنصوص عليها في هذا النظام، والتي كان من المقرر أن يتم اعتمادها بنص تنظيمي قبل إعلان المباراة ، إلا أن ذلك لم يحدث لحد الساعة، مما أحدث ارتباكا وضبابية في الرؤية لدى الراغبين في الترشح لهذا المنصب بالمركز التربوية التابعة للوزارة، التي ستحتضن لأول مرة في تاريخها فئتين من الأساتذة الباحثين.
وإذا كانت الوزارة ستعتمد في هذا الترقي والتدرج المهني النظام الأساسي للأساتذة الباحثين في التعليم العالي في إطار المماثلة، فلماذا تم تغيير اسم أستاذ محاضر بأستاذ مساعد، علما بأن الوزارة اعتمدت صفة أستاذ محاضر في المباراة التي أعلنت عنها في قطاع الرياضة، دون أن يطرح ذلك أي إشكال.
أما من حيث المهام فإن التوظيف بهذه التسمية من شأنه أن يحرم الأساتذة المساعدين من تكوين ورئاسة مختبرات وفريق البحث ومن العضوية في اللجن البيداغوجية واللجن العلمية ورئاسة الشعب ، ومن الاشراف والعضوية في لجن مناقشة الدكتوراة في المؤسسات الجامعية، لأن هذه المهام محددة بموجب النصوص التنظيمية للتعليم العالي.
لتظل هذه المهام مفتوحة فقط في وجه الأساتذة الباحثين الخاضعين للنظام الأساسي للأساتذة الباحثين بالتعليم العالي، العاملين في نفس المؤسسة، علما بأن الترقي المهني يتم على أساس انخراط الاستاذ الباحث في هذه المهام حسب شبكة الملف العلمي المعتمدة في التعليم العالي.
فهل من استدراك قبل فوات الأوان وذلك بتصحيح هذا الخطأ في النظام الأساسي من خلال تعويض تسمية “أستاذ مساعد” بـ”أستاذ محاضر” وإخضاع الجميع للنظام الأساسي للأساتذة الباحثين المعمول به في التعليم العالي حرصا على توفير شروط الاندماج والتعاون في جهاز التكوين والتأطير والبحث بمراكز التكوين التربوي العليا، وتجنيبها ارتباكا واحتكاكا هي في غنى عنه.
التعليقات مغلقة.