الانتفاضة
توصلت جريدة الانتفاضة من الجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع مراكش بتقرير حول الدخول المدرسي لموسم 2024/2025 بمراكش، هذا نصه :
“دأبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش على تقييم السياسات العمومية في مجال التعليم والوقوف على مدى إعمال الحق في التعليم عند بداية كل دخول مدرسي. ترتكز عملية التقييم هاته على الرصد والنقد وتسجيل الانتهاكات والخروقات والاختلالات التي تواكب هذه المحطة الأساسية من كل موسم دراسي، مستندة في ذلك على المرجعية الدولية لحقوق الإنسان. و جدير بالذكر في هذا السياق أن الدولة بدورها ملزمة بحسب دستور 2011 بحماية منظومة حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني. هذه المنظومة تعتبر التعليم حقا اجتماعيا وثقافيا أصيلا، و هو حق من حقوق الإنسان، وليس امتيازا أو حقا مؤجلا مثل ما يعتبره الدستور المغربي الذي ينص في الفصل 31: “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة، و ينص الفصل 32 في فقرته الثالثة على أن الدولة تعتبر التعليم الأساسي حق للطفل و واجب على الأسرة والدولة. فالتعليم حسب القانون الدولي لحقوق الإنسان حق وجب على القانون المحلي حمايته وتمتيع الجميع به دون تمييز ، وعلى الدولة أن تلتزم بحماية هذا الحق واحترامه وإعماله، وهذا ما تم التنصيص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 26 ،والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المادة 13، واتفاقية حقوق الطفل في المادة 29 واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة في المادة 10. كما تم التأكيد على الحق في التعليم في العديد من الاتفاقيات والعهود التي تعنى إما بمجالات اجتماعية وثقافية أو بفئات محددة (النساء، الفتيات، المعاقين، السكان الأصليين…)، كاتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في مجال التعليم. وقد ركزت كل الاتفاقيات على اعتبار التعليم حقا أساسيا لكل شخص وعلى الدولة توفيره وضمانه وفق ثوابت المجانية والإلزامية، وجعله متاحا للجميع على قدم المساواة في مراحل التعليم الأساس، و و قدر الإمكان مجانيا ومتاحا للجميع ومبنيا على الكفاءة في باقي المراحل العليا باعتماد وتوظيف كل الوسائل والامكانيات المناسبة.
و تأسيسا على ما سبق، لا يمكن اعتبار إعمال الحق في التعليم مجرد عملية تقنية أو ميكانيكية مرتبطة بالتوازنات الماكرواقتصادية ومصالح واحتياجات السوق، بل هي عملية ترتكز على السمات الأربع التي اعتمدتها اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 13 بشأن الحق في التعليم. هذه السمات التي تجعل من الحق في التعليم حقا فعليا، يجب أن تكون مترابطة وفي علاقة تفاعلية جدلية، وأن تتوفر بجميع أسلاك التعليم، وعلى كافة المستويات، و هي:
- التوافر : بأن يكون التعليم مجانيا، وأن تكون بنيات استقباله وأطره كافية و مؤهلة و قادرة على تقديم الخدمات التعليمية في ظروف مناسبة وجيدة.
- إمكانية الالتحاق : بأن يكون النظام التعليمي غير متحيز ومتاحا للجميع، وأن تتخذ الدولة خطوات إيجابية لضمان التحاق جميع تلاميذ الفئات المهمشة والمقصية.
- إمكانية القبول: بأن يكون مستوى التعليم وثيق الصلة بالموضوع، وغير متحيز، ومناسبا من الناحية الثقافية والمعرفية، وذو جودة عالية، وأن تكون المدارس آمنة و أطر التدريس مهنيون وشروط عملهم مناسبة.
- قابلية التكيف: بأن يتطور نظام التعليم نحو الأفضل و بحسب حاجيات المجتمع، وأن يتصدى لكل مظاهر التمييز و خصوصا التمييز القائم على أساس الجنس أو الوضع الاجتماعي أو اللون أو اللغة .
يجب على الدولة إذن – استنادا على المعايير الدولية لحقوق الانسان – حماية الحق في التعليم، وتوفيره على أساس الإلزامية و الإجبارية، و بشكل يحظر التمييز لأي سبب و يضمن المساواة و الجودة.
إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، تقدم تقريرها للدخول المدرسي الجاري حول مدى إعمال الحق في التعليم بعمالة مراكش وفق المواصفات والمعايير الدولية، التي التزمت الدولة من خلالها بالسهر على إعماله و تفعيله، من خلال نماذج فقط من الانتهاكات و الاختلالات و الخروقات، نظرة لكثرتها وتداخلها بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وباقي أسس ومؤشرات التنمية البشرية والتنمية المستدامة.
وقبل الخوض في مضامين التقرير الذي لا يدعي الشمولية و الإحاطة الكاملة والإلمام التام، وجبت الإشارة فقط إلى أن الدستور المغربي لا ينسجم و لا يتطابق مع المرجعية الكونية لحقوق الانسان في التنصيص على الحق في التعليم، بكونه حقا أساسيا وجب حمايته وضمانه بناء على الإلزامية و المجانية و الجودة و المساواة بين الجنسين أو المساواة المجالية و التوافر للجميع بما فيه ذلك التعليم العالي على أساس الكفاءة، إذ أنه لم يحمل الدولة المسؤولية بالإعمال الفعلي للحق في التعليم، بل جعل الأسرة مسؤولة عن ذلك إلى جانبها، كما أن استعمال لفظ التيسيير في الدستور يأتي بمعنى التسهيل لا الإلزام و الإجبار، فالدولة إذن ليست ملزمة أو مجبرة،بل تم تقليص دورها ليجعل منها ميسرة فقط. إضافة لكون أهداف التعليم كما هي مسطرة في الدستور تبقى بعيدة كل البعد عن الأهداف المتضمنة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان و مجموع العهود والاتفاقيات الملزمة للأطراف، و التي لا يفوتنا التذكير بها في الآتي:
- التزامات الدول والأهداف في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان:
- الحق في التعليم مكفول لكل فرد في المجتمع.
- المجانية على الأقل في المراحل الأولى والأساسية.
- إلزامية التعليم الأولي.
- تعميم التعليم الفني والمهني.
- تيسير القبول في التعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.
- تشجيع التربية الأساسية و تكثيفها، إلى أبعد الحدود الممكنة، من أجل الأشخاص الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا الدراسة خلال المرحلة الابتدائية،
- إرساء نظام للمنح و الدعم الاجتماعي، ومواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس.
- اعتماد خطة عمل مفصلة و استعجالية للتنفيذ الفعلي والتدريجي لمبدأ إلزامية التعليم ومجانيته للجميع.
- اتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة وذلك بوضع شروط متساوية في:
- التوجيه الوظيفي والمهني،
- الالتحاق بالدراسة والحصول على الدرجات العلمية.
- تحقيق المساواة بين المناطق الحضرية و القروية في المناهج الدراسية و أنظمة التقويم و التقييم وفي نوعية و جودة المرافق والمعدات الدراسية وفي فرص الحصول على المنح ومختلف أشكال الدعم الاجتماعي التي تقدمها المدرسة العمومية.
- الاستفادة من برامج مواصلة التعليم، بما في ذلك برامج تعليم الكبار ومحو الأمية الوظيفي، ولا خاصة البرامج الهادفة إلى القضاء على الفروقات في التعليم القائمة بين الرجل والمرأة،
- خفض معدلات الهدر الدرسي في صفوف الفتيات، وتنظيم برامج للفتيات والنساء اللائى غادرن المدرسة قبل الأوان
- المشاركة في مختلف الأنشطة الرياضية و التربية البدنية،
- الحصول على معلومات تربوية محددة تساعد على كفالة صحة الأسر ورفاهها، بما في ذلك المعلومات والإرشادات الخاصة بتنظيم الأسرة.
- القضاء على كل المفاهيم النمطية عن دور الرجل ودور المرأة في جميع مراحل التعليم بجميع أشكاله، عن طريق تشجيع التعليم المختلط، وغيره من أنواع التعليم التي تساعد في تحقيق هذا الهدف، ولا سيما عن طريق مراجعة البرامج المناهد وتكييف أساليب و طرائق التعليم و البيداغوجيات المعتمدة.
- الأهداف المرتبطة بمناهج و مضامين الأنظمة التعليمية:
- إنماء شخصية الإنسان.
- تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها.
- تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية.
- تنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب و التربية على القيم الإنسانية.
- تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر.
- إعداد الطفل لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر، بروح من التفاهم والسلم والتسامح والمساواة بين الجنسين والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات الإثنية والوطنية والدينية.
- تنمية احترام ذوي الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيمه الخاصة، والقيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيه والبلد الذي نشأ فيه في الأصل والحضارات المختلفة عن حضارته.
- تنمية احترام البيئة الطبيعية و الحفاظ عليها.
السياق الوطني
انطلق الموسم الدراسي الجاري 2024-2025 في سياق تستمر فيه الدولة في تنزيل الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030 و القانون الإطار رقم 51.17 و خارطة الطريق 22-26 و الاستمرار اليائس في تجريب مشروع الريادة المستند على بيداغوجيا TARL و تعميم اللغة الإنجليزية في التعليم الإعدادي بنسبة 63% و اللغة الأمازيغية في التعليم الابتدائي بنسبة 40%، و في مقابل ذلك تستمر في العبث بمواردها البشرية من خلال الترخيص لهم بالمشاركة الواسعة في عملية الإحصاء العام السكان و السكنى، والتهرب من التنزيل بنفس الوتيرة للاتفاقات مع النقابات التي شكلت الحدث الأبرز في الموسم السابق، ما يجعل الدولة تعمل بسرعتين، وتيرة سريعة لتنزيل مخططاتها التخريبية للمدرسة العمومية، و وتيرة شديدة البطء و يطبعها التماطل في تدبير القضايا الاجتماعية.
و هكذا فإن متتبع الشأن التعليمي بالمغرب يلاحظ بشكل ملموس تفاقم الوضعية المقلقة لحالة منظومة التربية والتكوين، مع استمرار تدني منحنى المؤشرات في جل التقارير سواء الوطنية أو الدولية. إنها وضعية مستمرة ومزمنة وتعكس أزمة هيكلية تجعل المواطن البسيط والفاعل التربوي والمهتم أمام تساؤلات و ملاحظات من قبيل:
- ما الجدوى من البرامج التشخيصية في غياب إرادة سياسية حقيقية و جادة للإصلاح؟
- هل يمكن أن نقيس نتائج الإصلاح في غياب آليات المحاسبة والتتبع في الأجراة والتنفيذ والتقويم والتقييم؟
- الفصل بين التكوين والتكوين المستمر ومهننة التدريس والتدبير والمراقبة.
- الغياب التام لسياسة تخطيط وطنية مستقلة تربط بين النمو الديموغرافي وتنمية مستدامة حقيقية وتعليم عمومي مجاني شامل وذي جودة.
لا تخلو معظم التقارير بما فيها تلك التي أنجزتها الجمعية المغربية لحقوق الانسان من واحدة على الأقل من هذه المداخل الأساسية. وسنعود في هذا التقرير الخاص بالدخول المدرسي 2024/2025 لنؤكد على الأساس الطبقي لمنظومة التربية والتكوين بالمغرب من خلال:
فشل المقاربات الاصلاحية وحماية الفساد( نمودج البرنامج الاستعجالي)
كانت مرحلة الإصلاح 1999/2013 المنبنية على وثيقة الميثاق الوطني للتربية و التكوين تعتمد من حيث الشعار على الحق في التعليم والتعميم والمجانية وسط ركود اقتصادي وتدني مؤشرات التنمية، وبالنظر إلى جداول بيانات الدين الخارجي للمغرب، سنلاحظ الاستقرار الطفيف للمنحنى خلال فترة 1999/2004، تلاه التصاعد الحاد انطلاقا من سنة 2005 و الذي تزامن مع الإعلان الرسمي عن بداية تفعيل المخطط الاستعجالي المبني على الاقتراض. بعد فشل هذا المخطط سواء في شقه المالي، الذي لم تستفد منه المدرسة العمومية، بل استفادت منه ثلة من الوسطاء وحراس الاصطفاف الطبقي المتفاقم، أو في الشق البيداغوجي من خلال استيراد مناهج للتدريس عبر مؤسسة بييف التى أدخلت المدرسة العمومية في مرحلة الغرابة القاتلة، أضف إلى ذلك ما تضمنته العديد من التقارير الحقوقية وتقرير المجلس الأعلى للحسابات و تقرير المجلس الأعلى للتعليم، لم يتم تحديد المسؤوليات و تفعيل آليات المحاسبة. وأصبحت المدرسة العمومية إضافة إلى دورها الأيديولوجي الساعي إلى تأبيد الوضع الطبقي وسيلة لاسترزاق الرأسمال التبعي وتحسين تموقعه.
تغير المناخ والتغول الإمبريالي والكوارث الطبيعية( نمودج زلزال الأطلس الكبير)
كان للسياق الدولي أثر كبير على استقلالية القرار السياسي الوطني في ظل الموت السريري لأنماط الإنتاج التقليدية المعاشية بسبب ديمومة الجفاف والتباين المجالي في مستوى العيش وتنامي الهشاشة الاجتماعية والحركية الديموغرافية والهجرة و تدهور البنية التحتية الجبلية. أوضاع زاد من حدتها زلزال الأطلس الكبير، ومرة أخرى تستهلك الدولة المغربية جملة شعارات بعيدة عن الواقع.
فقد أوردت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في عرضها لمستجدات الدخول المدرسي الجديد 2024/2025 على مستوى محور المؤسسات التعليمية، معطيات تهم تدخلاتها لضمان استمرارية الدراسة في المناطق التي تضررت من زلزال الأطلس الكبير، وهي التدخلات التي تندرج ضمن عدد من الإجراءات ذات الطابع الاستعجالي و المتمثلة في تنقيل التلاميذ وتوفير الخيام المدرسية والوحدات الدراسية المسبقة الصنع والدعم النفسي والتربوي، وتوفير المحافظ واللوازم المدرسية… باستثناء منح تعويضات لأسر ضحايا الزلزال.
على مستوى جهة مراكش آسفي
على مستوى جهة مراكش أسفي، و في ظل التكتم عن معطيات الدخول المدرسي، تمكنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة من الحصول على بعض المعطيات الخاصة بالموسم الدراسي الجاري، في غياب معطيات رسمية تهم عمالة مراكش على وجه التحديد و صادرة عن مديرية وزارة التربية الوطنية. و قد أوردت هذه المعطيات أن عدد التلاميذ الملتحقين بصفوف الدراسة بلغ مليون و135 ألف و653 تلميذة وتلميذا، منهم مليون و20 ألفا و792 بالتعليم العمومي و114 ألفا و861 بالتعليم الخصوصي، إلى جانب 129 ألفا و178 تلميذة وتلميذا بالتعليم الأولي.
يتوزع مجموع التلاميذ حسب الأسلاك، ما بين 646 ألفا و863 تلميذة وتلميذا بالتعليم الابتدائي، و319 ألفا و910 بالتعليم الثانوي الإعدادي، و168 ألفا و880 بالتعليم الثانوي التأهيلي، مع تسجيل تراجع طفيف في عدد التلاميذ بالابتدائي وتطور بنسبة 4% بالثانوي لإعدادي، وكذا ارتفاع ملحوظ لتلاميذ الثانوي التأهيلي بنسبة 13%.
وقد تم اعتماد 16 مؤسسة تعليمية جديدة خلال هذا الموسم الدراسي على مستوى الجهة، على أن عدد المستفيدين من منح الدعم الاجتماعي بالداخليات و دور الطالب و الطالبة و المطاعم المدرسية بلغ 54290 تلميذة وتلميذا، بالإضافة إلى أزيد من 111 ألف و500 تلميذة وتلميذا يستفيدون من النقل المدرسي.
وقد بلغ مجموع هيئة التدريس بالجهة 41026 أستاذة وأستاذا منهم 2476 جدد، كما أن 292 مؤسسة من المؤسسات التعليمية التي تعمل على تنزيل مشروع الريادة بالتعليم الابتدائي شملتها عملية التوسع برسم الموسم الدراسي الحالي(أي زيادة عدد التلاميذ بهذه المؤسسات) حيث بلغ عدد التلاميذ المعنيين 114 ألفا و537 تلميذة وتلميذا، بمواكبة من 65 مفتشة ومفتشا، وبلغ عدد الأساتذة المكونين لهذا الموسم 4985 أستاذة وأستاذا.
و تجدر الإشارة إلى انطلاق عملية تجريب نموذج إعداديات الريادة ب 26 ثانوية إعدادية على مستوى الجهة مع بداية الموسم الدراسي الجاري حيث يستفيد 32 ألف و522 تلميذة وتلميذا، مع تكليف 81 مفتشة ومفتشا بمواكبة هذه العملية، فيما بلغ عدد الأساتذة المكونين حول المقاربات المعتمدة في إعداديات الريادة 860 أستاذة وأستاذا.
وارتباطا بزلزال الأطلس الكبير، جاءت المعطيات أنه يتم العمل على ضمان الاستمرارية البيداغوجية لجميع تلاميذ المؤسسات المتضررة بعمالة مراكش وإقليمي الحوز وشيشاوة، كما أنجزت التشخيص لتحديد حالة جميع المؤسسات المتضررة وتحديد حدة الضرر حسب طبيعة التدخل (تأهيل – بناء جزئي – بناء كلي) حيث بلغ مجموع المؤسسات المعنية بهذا التشخيص 1090 مؤسسة منها 343 بإقليم الحوز و593 بإقليم شيشاوة و154 بعمالة مراكش.إذ يتم العمل علىى تسليم 165 مؤسسة تدريجيا، منها 85 مؤسسة تم فتحها في وجه التلاميذ مع بداية الدخول المدرسي.
إن هذه المعطيات تبقى مجرد أرقام يصعب قراءتها و الوقوف على مدى فعاليتها و نجاعتها في غياب تشخيص الحاجيات الملحة و الضرورية و ذات الطابع الفوري و الاستعجالي. فالواقع الذي وقفت عليه الجمعية ميدانيا من خلال الرصد و التقصي، على مستوى عمالة مراكش، يشير إلى:
- ضعف وثيرة الإصلاح و التأهيل و إعادة بناء المؤسسات التعليمية المتضررة من الزلزال، فحسب الإحصائيات الرسمية المبنية على التشخيص التقني والفني لتحديد حالة المؤسسات المتضررة وضبط حدة الضرر حسب طبيعة التدخل (التأهيل- بناء جزئي – بناء كلي )فقد بلغ عدد المؤسسات المعنية بهذا التشخيص 1090 مؤسسة موزعة على الشكل التالي : الحوز 343 مؤسسة، شيشاوة 593 مؤسسة، عمالة مراكش 154 مؤسسة، كما سبقت الإشارة إليه ضمن المعطيات السالفة الذكر.في حين أنه في الواقع تم العمل على 165 مؤسسة فقط على مستوى الجهة، خضعت بعضها (و لا زالت الأشغال جارية بالبعض الآخر) لعملية التأهيل أو إعادة البناء الجزئي أو الكلي. وهكذا فقد تم فتح 85 مؤسسة منها في وجه التلاميذ بتاريخ الدخول المدرسي 4 شتنبر 2024 بينما لا زالت الأشغال جارية ب 80 مؤسسة.
- التخلي عن الخيام في بعض المؤسسات التعليمية وتعويضها بالبناء المتنقل للتغطية عن إفلاس ورش إعادة البناء و التأهيل، هذا الإجراء الترقيعي لم يكن مشجعا للأسر على البقاء ووقف الهجرة نحو المراكز الحضرية والمدن لتوفير التعليم لأبنائها.
- ارتفاع طلبات شواهد المغادرة خاصة من إقليم الحوز نحو عمالة مراكش بسبب ظروف التمدرس والسكن عموما. و هو مؤشر على عدم قدرة الدولة على تعويض ما دمره الزلزال، أو الاستمرار في بناء مؤسسات جديدة كانت مبرمجة قبل الزلزال كالثانوية التأهيلية توبقال بدوار إيزيكي و التي خصصت لها ميزانية مليار و مائتي سنتيم، و كان من المفروض أن تفتح أبوابها برسم الموسم الدراسي الفارط، في الوقت الذي بالكاد ابتدأت فيها أشغال البناء و بوثيرة بطيئة. أضف إلى هذا بداية أشغال إعادة بناء وتأهيل الثانوية التأهيلية ابن خلدون بجاعة أكفاي مع نهاية شهر شتنبر المنصرم و التي تضم ما يقارب 1700 تلميذ تابعوا دراستهم السنة الفارطة في 26 خيمة لم توفر منها الوزارة المعنية ولا واحدة منها.
- كارثة الخيام التي لاتزال منصوبة في مجموعة من المؤسسات التعليمية مثل أكفاي ومدرسة الإخلاص بمنطقة المحاميد ومؤسسات أخرى…
- التغاضي عن ترميم قاعات متضررة من الزلزال بالثانوية الإعدادية الشريف الإدريسي.
- افتقار الحجرات المسبقة الصنع لشروط التدريس الجيد، وندرة بل انعدام توفر الماء أو صعوبة جلبه من أماكن بعيدة.
- الارتجالية في عملية التحويل الجماعي للتلميذات و التلاميذ وتوزيعهم بين السلكين الابتدائي و الإعدادي (مدرسة الطبري كنموذج) و بين الإعدادي و الثانوي التأهيلي (أحياء برادي و سوكوما و أزلي و أزلي الجنوبي على سبيل المثال لا الحصر)، و التي لا تأخذ بعين الاعتبار بعد المؤسسة عن مقر السكن وما ينتج عن ذلك هواجس أمنية لدى الأسر.
- استمرار غياب أي تدخل للدعم النفسي و الاجتماعي بمعناه التخصصي لدى ضحايا الزلزال المدمر، والارتجالية و العبث اللذان اكتنفا تكوين مؤطري الدعم النفسي.
الأمور التي سبق أن تفاعلت في حينها الجمعية مع احتجاجات و شكايات الأسر والتلاميذ. و الآن، و بعد مرور أزيد من سنة على الزلزال المدمر، لا تتضح هناك أية معالم للانتقال من وضع التدبير المؤقت للأزمة إلى وضع التفعيل الحقيقي لما يكفله القانون الدولي والإنساني: الحق في التعليم، باعتباره حقا غير قابل للتضييع ولا المساومة ولا المصادرة تحت أي ضغط كان، حتى في زمن الأزمات والكوارث الطبيعية كالزلازل والأوبئة أو تلك التي تكون بسبب الإنسان كالحروب والنزاعات. وهذا ما يقتضي في علم إدارة الكوارث التخطيط والإعداد والاستعداد في مستوى تصوري للتدابير الاستباقية، ومستوى تدبيري ناجع للتدخلات الآنية.
وقد استمرت أركان الأزمة الهيكلية في التعقيد بسبب:
– ضعف العرض المدرسي بسبب تأخر أعمال البناء والتأهيل على المنوال الذي سبق التطرق إليه.
– فشل إجراءات توسيع الطاقة الاستيعابية للداخليات بسبب ضعف الاعتماد المالي المرصود أو الحفاظ على نفس وضع الموسم الفارط باعتبار أن الاعتماد المالي برسم 2023 المقدر ب 290,65 مليون درهم والمخصص لتوفير الموارد المالية لمجابهة الكارثة، ترك مسؤولية الدعم الاجتماعي من نقل وإطعام للأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين التي دبرت بالمتوفر غير الكافي أصلا.
– على مستوى التجهيز و الإيواء استمرت عملية تنقيل التلاميذ التي تم اعتمادها كإجراء مؤقت خلال الموسم الفارط في الكشف عن الوضعية المتدهورة لبنية الاستقبال وظروف الإيواء وجودة الخدمات، و تعرية الظروف المزرية للداخليات و دور الطالب و الطالبة و حالة المطاعم المدرسية، في الوقت الذي تم فيه التعاطي ما تم الكشف عنه باعتماد حلول الترقيع كالمعتاد. كما تم إهمال سكنيات المدرسين، التي لم تعر أي اهتمام إلى حد الساعة، في المناطق الجبلية والصعبة الولوج، ولم تكف الخيام عددا وجودة في منع تطايرها بسبب الرياح في بعض المناطق وهو الوضع المستمر لغاية الموسم الدراسي الحالي.
– استمرار غياب المستوى الاستباقي والاستراتيجي؛ فغياب التخطيط الاستراتيجي القائم على إعداد بنية وثائقية وهيكلية ومادية، ورسم معالم خطط تدخلية عقلانية ومرنة، وضمان تعبئة مجتمعية واعية وشاملة كلها عوامل ساهمت في رفع مؤشر هدر الزمن المدرسي، وتنامي نسب الهدر المدرسي وارتفاع نسب الاكتظاظ في مناطق تعيش إلى جانب الهشاشة المتعددة الأبعاد كثيرا من الأمية، وهو ما سيفاقم أوجه التفاوتات والفقر واللامساواة المجالية و التنموية.
على مستوى عمالة مراكش
معطيات عامة:
التعليم العمومي |
||
السلك |
المؤسسة |
العدد |
الابتدائي | المدارس المستقلة | 172 |
المجموعات المدرسية | 66 | |
الوحدات المدرسية | 182 | |
المؤسسات المحتضنة للتعليم الأولي | 205 | |
الثانوي الإعدادي | الثانويات الإعدادية | 76 |
الثانويات الإعدادية المحتضنة للسلك الثانوي التأهيلي | 09 | |
ملحقات الثانوي الإعدادي | 01 | |
الثانوي التأهيلي | الثانويات التأهيلية | 48 |
الثانويات التأهيلية المحتضنة للسلك الثانوي الإعدادي | 06 | |
التعليم الخصوصي | ||
الأولي | التعليم الأولي | 71 |
الابتدائي | التعليم الابتدائي | 70 |
الثانوي الإعدادي | التعليم الثانوي الإعدادي | 45 |
الثانوي التأهيلي | التعليم الثانوي التأهيلي | 68 |
التعليم ما بعد البكالوريا ( الأقسام التحضيرية) |
05 |
لا يختلف نمط التدبير عن مثيله السابق الذكر على المستويين المركزي والجهوي، بل وينضاف إلى هذا جملة من المشاكل و الخروقات التي تطبع كل دخول مدرسي. مشاكل من شانها تكريس الفوارق و التمايزات بين التعليم الخصوصي و التعليم العمومي. و مرة أخرى نجد أنفسنا كمتتبعين حقوقيين أمام موسم دراسي يعاني خلاله التلاميذ شتى صنوف العراقيل والصعوبات و المثبطات التي تقف عائقا أمام الاستفادة من تعليم ذي جودة بل و تصل أحيانا كثيرة إلى حد الانقطاع الدراسي أو عدم الالتحاق و الإجهاز على الحق في التعليم، هو ما يجعل عمالة مراكش تحتل مراتب متقدمة في مؤشرات الهدر المدرسي المرتفعة.
في هذا التقرير، سيتم التعرض لبعض مما تم رصده من طرف عضوات و أعضاء مكتب فرع المنارة و التي تشكل نماذج فقط و ليست كل المشاكل و الخروقات المرصودة، من أجل تقريب صورة شمولية لهذا الدخول المدرسي على أرض الواقع، و التي ما فتئت تجسد استمرارا للانتهاكات الجسيمة للحق في التعليم. إضافة إلى توفير قراءة حقيقية للمعطيات و الأرقام التي تم التصريح بها من طرف الوزارة و الأكاديمية، و التي تبقى بعيدة كل البعد عن الحد الأدنى الواجب على الدولة العمل عليه و توفيره.
- الاختيار البيداغوجي:
تواصل الجمعية مواكبتها للتنزيل المتدرج لمشروع الريادة بالسلكين الابتدائي و الثانوي الإعدادي، الذي يعرف أحيانا تنزيلا بالقوة ضدا على رغبة أطر هيئة التدريس بالعديد من المؤسسات ( بنيعكوب مثلا)، و لعل أهم ما تميز به تنزيل المشروع مع مستهل هذا الدخول المدرسي:
– عدم صرف المنحة السنوية المخصصة لأطر هيئة التدريس، بل واعتمادها مرة واحدة فقط في مسارهم المهني، مما أدى إلى استياء عارم بلغ درجة الإحباط في صفوفهم.
– عدم توصل مؤسسات الريادة بأي تجهيز للعمل، مثل الحواسيب أو الوثائق الضرورية، ما أثر سلبًا على قدرتهم على التدريس وفق معايير المشروع.
– خصاص كبير في كراسات المتعلمين.
– الاكتظاظ المزمن في الحجرات الدراسية.
– صعوبات في انتقال التلاميذ إلى أقاليم أخرى لاستكمال دراستهم في مدارس الريادة، مما يزيد من تعقيد الوضع.
– محدودية العرض المدرسي حيث أن أغلب متطلبات المشروع غير متوفرة علما أنه انطلق خلال الدخول المدرسي الفارط، و لا تزال أغلب المؤسسات المعنية إن لم نقل جلها تشتكي من ضعف العرض المدرسي، من حجرات، ومرافق صحية، وغياب النظافة بسبب عدم وجود المنظفات والمنظفين، والأمن المدرسي، والعتاد الديداكتيكي وصبيب الأنترنت وأجهزة النسخ والطباعة.
– التركيز على الحد الأدنى من التعلمات من شأنه أن يراكم الفشل الدراسي ويحد من التميز والابتكار.
– توفر 24 مفتشا تربويا فقط موزعين على مقاطعات تفتيش بمديرية عمالة مراكش تضم أزيد من 220 مدرسة ابتدائية بمعدل مؤطر واحد لأكثر من 80 أستاذ يجعل عملية المواكبة والتأطير والتقويم والتقييم بدون جدوى.
– انحسار مهام التدبير في العمل الإداري الصرف دون المواكبة التربوية وغياب الأطر الإدارية المساعدة خصوصا في المؤسسات التي تحتضن أكثر من 600 تلميذ.
واعتبارا لمنطلقات الجمعية المغربية لحقوق الانسان في الدفاع من أجل إنصاف المتعلم والمتعلمة و ضمان تكافؤ الفرص بين الجميع، يتبين أن هذا النموذج بعد اعتماده في 628 مؤسسة تعليمية هذا الموسم الدراسي، و توسيعه بمعدل 2000 مؤسسة في السنة، حسب ما تم التصريح به، ضمن تعداد المؤسسات التعليمية الذي سيقترب من 13000 مؤسسة تعليمية بعد موسمين دراسيين. يعني ضرورة الانتظار لمدة لا تقل عن ستة مواسم دراسية قبل التعميم الشامل، شريطة توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة. وعليه يتبين أن من بين متعلمي المستوى الأول هذا الموسم من سيكمل سلكه الابتدائي دون الاستفادة من سنة واحدة ضمن هذه المدارس، وهذا مس خطير بتكافؤ الفرص والإنصاف.
و ينضاف إلى هذا غياب أي التقاطع أو محاولة تشبيك مع باقي مشاريع الوزارة في الحقل التربوي، وفق تصور أولي شمولي يجسد الدور الحقيقي لمشاريع المؤسسات التعليمية، كمشروع التربية الدامجةالذي يحاول تعزيز هذا الإنصاف وتمكين الجميع من نفس فرص النجاح، بالإضافة إلى إقصاء القائمين على تنزيل النموذج للمؤسسات التي تعرف انتشار الأقسام المشتركة (أزيد من 25 ألف قسم وطنيا و350 في مراكش) من إرساء التعليم الناجع أو الممارسات الصفية الفعالة وكذا التدريس بالتخصص وبالتالي التأثير على نيل الإشهاد الخاص بمؤسسات الريادة مما يعتبر مسا كبيرا بإنصاف المتعلم القروي الذي يعاني الهشاشة وضربا صارخا لقدرة القائمين على هندسة النموذج الجديد على التخطيط المحكم للإصلاح.
إن كل إصلاح له كلفة مالية واقتصادية تتحملها الدولة للقيام بدورها في تطوير المنظومة التربوية وتجديدها، وهو نفس ما عاشته وتعيشه مدارس الريادة بالمغرب. فقد تم رصد منحة مالية مهمة للمؤسسات المعنية بلغت 100000 درهم بغرض صرفها في إطار مشاريع مندمجة لتغطية الحاجيات الضرورية و النفقات الصغرى، إضافة إلى تأهيلها بالكامل بتكلفة مادية مهمة من خلال صفقات عبر التراب الوطني، ثم تجهيز كل قسم بمسلاط ضوئي وتمكين الأستاذ من حاسوب محمول ثم عدة ورقية يتم توفيرها بمبالغ مالية مهمة أيضا. ليطرح سؤال مصدر التمويل بحدة، نظرا لضخامة المبالغ المصروفة، وطبعا سنجد بأن الجواب يكمن في تدبير ميزانيات الأكاديميات والمديريات الإقليمية التي طلب منها توفير كل ما ذكر، بأوامر فوقية كما أشرنا سابقا، في غالب الأحيان من نفس ميزانياتها المكونة من إعانة الدولة فقط، و الموجهة لتمويل كل النفقات و العمليات و المشاريع و خلال الموسم الدراسي على مستوى الجهة، باستثناء الحواسيب المحمولة التي تم توفيرها من مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين. فما كان إلا أن تم التصرف في الميزانيات المتوفرة على حساب عدة نفقات و عمليات و مشاريع و أغلب و المؤسسات التعليمية غير المعنية بتنزيل هذا النموذج، و يتضح هذا في كون الموازنات المالية الأولى قد منحت فقط 50000 درهم كمنحة لمشاريع المؤسسات المحتضنة للنموذج ليتم تعديلها إلى غاية بلوغها 10 ملايين سنتيم لكل مؤسسة. هذه الحالة جعلت العديد من المديريات والأكاديميات تبرمج أقل من مليون سنتيم كمنحة للمشروع المندمج لباقي المؤسسات التعليمية وغياب تام لوسائل الاشتغال بلغ إلى حد شح المواد المكتبية الضرورية، نظرا لاستنزاف الميزانيات الخاصة بها. فنجد من أساتذة المؤسسات غير المدرجة في مدارس الريادة من تم تمكينه أربعة أقلام فقط لتغطية الفترة المتبقية من السنة المالية الحالية أو ربما للموسم الدراسي ككل. وبالنظر والاطلاع على ميزانية القطاع لسنة 2024 نجد بأن الوزارة الوصية قد عادت لبرمجة منحة خاصة بتنزيل النموذج مقدرة في 50000 درهم خصوصا مع تزايد أعداد هذه المؤسسات وهو ما يعني نصف منحة التجريب هذه السنة، بالإضافة إلى استنزاف المبالغ المرصودة للتكوين المستمر من خلال عدد أيام التكوين الخاصة بتنزيل النموذج الجديد والتي تبلغ ما يفوق 18 يوم لكل أستاذ وأستاذة، هذا كله دون إغفال منحة التحفيز التي ما تزال موضوع مماطلة و تسويف .
يمكن القول إجمالا بأن ارتفاع النفقات المالية لمدارس الريادة يعني مباشرة تفقير باقي المؤسسات التعليمية غير المعنية، و هو ما يعني أيضا أن خدمة مدارس الريادة سيكون على حساب المخصصات المالية لباقي المؤسسات.إضافة إلى إنهاك و استنزاف ميزانية الأكاديميات والمديريات الإقليمية لكونها الجهة المانحة للتمويل،في حين يبقى على الوزارة صرف منح أطر التدريس وبعض التجهيزات موضوع صفقات مركزية، على أن توفير الحواسيب يقع على عاتق مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية، علما أن اختصاصها الأصيل قانونا هو تنمية الأعمال الاجتماعية للعاملين بالقطاع، و ليس المساهمة في نفقات الوزارة و ضخ اقتطاعات تطال رواتب كل العاملين لتعود لنفقات الدولة.
و هكذا، فأخذا بعين الاعتبار تعداد مؤسسات الإرساء هذا الموسم الذي بلغ 58 مؤسسة نلاحظ ارتباكا كبيرا على مستوى ميزانيات التنفيذ لدى المديرية والأكاديمية وتفقيرا كبيرا وحادا لباقي المؤسسات التعليمية في مقابل التنزيل، وهو مس خطير بمبدأ تكافؤ الفرص وإنصاف المرتفقين بهذه المؤسسات، فكيف ستكون الحال عند اعتماد 2628 مؤسسة وطنيا في الموسم الدراسي 2024/2025، أي بعد مضاعفة العدد الحالي أربع مرات؟
إنه بكل أسف، ضمان ديمومة التمويل الخارجي والسياسة الطبقية في التعليم.
- الاكتظاظ
تعدّ مشكلة الاكتظاظ من المشكلات المزمنة التي تلازم كلّ دخول مدرسي. ولاتزال مديرية وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة بعمالة مراكش بعيدة عن التفكير المسبق أو اتخاذ الإجراءات الاستباقية لتفادي مثل هذه المعضلة التي تعرقل السير السليم للدراسة، وتحرم التلاميذ من الاستفادة من تعليم جيّد. ولازال سلوك إعفاء مسؤول إداري عن مصلحة ما، هو النمط الذي تعتمده المديرية في كل مرة للتغطية عن فشلها في التدبير. و في الآتي نسوق فقط أمثلة لتبيان حجم المعضلة:
- فاق عدد التلاميذ بمدرسة برادي 2 الابتدائية بمنطقة المحاميد 50 تلميذا في القسم ، بسبب التقاعس والتهاون في إكمال بناء قاعتين.
- تشكل الثانوية التأهيلية المحاميد 9 أحد العناوين الكبرى للعبث والارتجالية وغياب البوصلة ،من خلال رفع البنية التربوية بها إلى 49 قسما بإضافة 07 أقسام مقارنة بالموسم الدراسي الفارط.علما أن بنية الثانوية محددة في أحسن الأحوال لتستوعب 40 قسما. و أمام هذا الوضع لجأت المديرية إلى حل ترقيعي يتمثل في استعارة 07 حجرات دراسية من الثانوية الإعدادية بن الصديق لتستعمل في تدريس تلاميذ الثانوية التأهيلية المحاميد 9. و نظرا لكون هذه القاعات غير مجهزة، فقد تفثقت عبقرية المديرية بفرض التوقيت المستمر بشكل قلص من الغلاف الزمني للتلميذ وو زاد من إرهاق الأستاذ والإدارة التربوية.الأمر الذي أخر الدخول المدرسي بالثانوية إلى غاية منتصف شهر أكتوبر . بالرغم من ذلك يسجل خصاص في أساتذة بعض المواد كالرياضيات، الفيزياء. والعلوم الانسانية بالنسبة لمستوى الجذع المشترك، مما دفع بهيئة التدريس و الآباء و الأمهات و الأولياء و التلاميذ للاحتجاج عن هذه الأوضاع الحاطة بكرامة كل مكونات المجتمع المدرسي و مرتفقي إدارته.
- فاق عدد التلاميذ المسجلين بالثانوية الإعدادية السعادة بحي آفاق جماعة سعادة 1950 تلميذة وتلميذة، و لازال تسجيل الوافدين مستمرا. مما أدى إلى تحويل كل مرافق المؤسسة بما فيها قاعات بالقسم الداخلي المغلق، إضافة إلى قاعة منجزة من طرف جمعية الآباء خاصة بالتلميذات اللواتي ينتظرن النقل المدرسي خلال رحلات العودة ضمانا لأمنهن و سلامتهن من مختلف التهديدات التي تعترضنهن في محيط المؤسسة أثناء فترات انتظار النقل التي قد تطول ،علما أن الاكتظاظ فادح وشروط العمل صعبة.
- تلميذات و تلاميذ الثانوية الإعدادية عابد الجابري بدار السلام، يتابعون دراستهم بقاعات تمت إعارتها من قبل مجموعة مدراس أبي موسى الأشعري المركزية، أي أن عدد التلاميذ فاق بكثير بنية الاستقبال بالمؤسسة التي تعمل أصلا فوق طاقتتها الاستيعابية.
- وكما العادة انطلقت الدراسة على وقع الاكتظاظ في كلّ من الثانوية التأهيلية ابن الهيثم، والثانوية التأهيلية صلاح الدين الأيوبي، والثانوية التأهيلية الزرقطوني، والثانوية الإعدادية المنفلوطي، والثانوية التأهيلية ابن المعتز، على سبيل المثال لا الحصر، حيث يفوق عدد التلاميذ في الجذوع المشتركة العلمية خيار فرنسية والأوليات بكالوريا علوم تجريبية خيار فرنسية 52 تلميذا بالقسم الواحد. هذا وتجدر الإشارة إلى أن حجم القسم لا يمكن أن يتحمّل مثل هذا العدد.
- تجسدت معضلة الاكتظاظ هذه السنة في جعل تلميذات و تلاميذ السلك الإعدادي بستة أحياء كروافد في مؤسسة واحدة وهي أحياء: الكدية وأكيوض ومبروكة وبين القشالي وأبواب جيليز وبساتين جيليز. حيث لا توجد إلا إعدادية واحدة هى الثانوية الإعدادية المجد. والتي تشهد بدورها اكتظاظا لا يطاق منذ السنة الماضية، حيث فاق عدد التلاميذ 48 تلميذا بالقسم الواحد.
- حالة الاكتظاظ التي تعانيها الثانوية التأهيلية ابن خلدون بجماعة أكفاي أمام بنية الاستقبال الصغيرة، حيث يصعب لدرجة الاستحالة استقبال العدد المتزايد للتلاميذ الوافدين، ورغم هذا التزايد المطرد في السنوات السابقة لأعداد التلميذات و التلاميذ المسجلين بالمؤسسة، لم يتم توسعة بنيتها لتلبية الاحتياجات الملحة بالسلكين المذكورين معا و هو ما يسائل مصالح التخطيط بالمديرية والأكاديمية.
- عدم تسليم الأقسام التي كان من المفروض أن تكون جاهزة عند بداية السنة الدراسية، و بالتالي جعل الإدارة التربوية تلجأ لتقليص البنيات باللجوء لضم الأقسام، يعني بالضرورة حشر التلاميذ في أقسام مكتظة أصلا.
- رفض استقبال التلاميذ الجدد. و ما وقع في مؤسسة رياض الحمامة؛ حيث لم تسلّم قاعتين، ورفضت المدرسة استقبال تلاميذ المستوى الخامس.
وقد بلغت هذه المشكلة حدود رفض تسجيل التلاميذ وحرمانهم من الحق في التعليم خوفا من الزيادة في الاكتظاظ، كما هو الحال في المدرسة الابتدائية العزوزية، أو بمبرر الاكتظاظ كما هو الحال في بعض المدارس التي رفض المديرون فيها تسجيل مواليد 2019 شهر 1و2و3 (يناير، فبراير، مارس) رغم كونهم بلغوا السن القانوني للتسجيل، حيث يفوق عدد التلاميذ 50 تلميذا في القسم. (وقد ترتّب عن هذه المشكلة لجوء بعض الآباء إلى التحايل على القانون للظفر بحقّهم في التعليم حيث يعمدون إلى تسجيل أبنائهم في مدارس أخرى غالبا بالوسط القروي ثم تنقيلهم إلى المدرسة المرغوب فيها بمبرر تغيير محل الإقامة).
- التراجع الملحوظ في الدعم الاجتماعي المقدّم للتلاميذ: منح الاستفادة من المطاعم المدرسية و الداخليات و دور الطالبة و الطالب
شهدت بداية الموسم الدراسي الجاري 2024-2025 تراجعا جديدا من جملة التراجعات التي يسجّلها ملف الحماية الاجتماعية، وربط مصير العائلات الفقيرة بسيف المؤشر حيث تمّ قطع الدعم عن مجموعة من العائلات وبقيت عارية في مواجهة موجة الغلاء التي يشهدها المغرب منذ ما يزيد عن سنة. وفي هذا الإطار عاينّنا مجموعة من الحالات التي حُرم خلالها التلاميذ من الحصول على منح الدعم الاجتماعي ( منحة الإطعام المدرسي 4/1 أو منحة الداخلية 4/4 علما بأن الدولة تخلت منذ أمد بعيد عن نوع المنحة 2/1) و ذلك بسبب ارتفاع المؤشر. و هو ما يشكل عائقا أمام تمدرس العديد من التلميذات والتلاميذ خاصة الفتيات منهم بسبب غياب أنواع الدعم الاجتماعي المذكور ( أمثلة عديدة لتلميذات متميزات من دواوير بجماعة سعادة و جماعة السويهلة و جماعة أكفاي). ضرب صارخ للحق في التعليم.
- الهدر المدرسي و ارتفاع مؤشرات غير الملتحقين و المنقطعين
تشير معظم تقارير وزارة التربية الوطنية أن المعضلة رقم واحد التي تعيشها الحياة المدرسية المغربية هي معضلة الهدر المدرسي، وإذا كانت السلطات المعنية تقر بهذه المشكلة، فإن الحلول المقترحة لمعالجتها لاتزال بعيدة عن الأفق المنشود، والمتمثل في توفير مقعد لكل تلميذ في سن التمدرس، وإعمال الحق في التعليم. وبطبيعة الحال تحظى المديرية بنصيبها من الهدر المدرسي الذي عايناه من خلال الحالات التالية:
- عدم توفر تلاميذ المستوى الأول ابتدائي عام على مقاعد رغم بلوغهم السن القانوني للتمدرس.
- عدم استفادة تلميذات و تلاميذ السلك الثانوي التأهيلي من منح الإطعام أو الداخلية أو النقل المدرسي مما يؤثر على متابعة دراستهم بالسلكين الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي و على وجه الخصوص فتيات الوسط القروي ( بعض الدواوير بجماعتي سعادة و السويهلة على سبيل المثال)
- اعتماد قرار عدم تسجيل تلاميذ و تلميذات نفس الحوض المدرسي بجميع الأسلاك التعليمية، يرفع نسبة الانقطاع أو عدم الالتحاق في صفوف الفتيات على وجه الخصوص ( بسبب البعد أحيانا وانعدام الأمن تارة أخرى..)
ويلاحظ المتتبّع أن جميع الاختلالات التي يشهدها الدخول المدرسي تصبّ في اتجاه الرفع من مؤشرات الهدر المدرسي، ومنها على سبيل المثال غياب الطاقم الإداري كما هو الحال في الإعدادية كوكو بجماعة تسلطانت مديرية مراكش، حيث إنها تعرف غيابا تاما للطاقم الإداري والتربوي، مما ينتج عنه معاناة المرتفقين خلال تسجيل أبنائهم بالسنة الأولى إعدادي أو عملية إعادة تسجيل التلاميذ؛ فالمؤسسة لا يتواجد بها إلا حارس الأمن.
ومن أشكال الهدر التي وقفنا عليها الخصاص في الأطر التربوية في مدرسة ابن عطية المراكشي مقاطعة جيليز مراكش (أربعة أساتذة في الفرنسية). وكذلك عدم التحاق مربيات التعليم الأولي بمقرات عملهم داخل المدرسة نفسها؛ مما يفرض على الآباء الخضوع لشروط مدارس التعليم الخاص التي قد يفوق مبلغ التمدرس بها 400 درهم للشهر داخل أحياء فقيرة. ونذكر كذلك تلاميذ القسم الثاني ابتدائي بمدرسة آيت مسعود جماعة حربيل الذين لم يلتحقوا بمدارسهم بسبب غياب أساتذة المواد العربية والفرنسية.
كما تساهم غياب بعض أشكال الدعم الاجتماعي في استفحال ظاهرة الهدر المدرسي ومنها ما نشهده في الثانوية التأهيلية ابن الهيثم بجماعة اسعادة، مع العلم أنها الثانوية التأهيلية الوحيدة التي تقدم خدمة التعليم لحاضنة ديمغرافية تفوق 150000 نسمة تغطي المجال الترابي بجماعتي اسعادة و السويهلة و أجزاء من جماعة الأوداية، في الوقت الذي يتم فيه التماطل في إخراج ثانوية تأهيلية بجماعة السويهلة رغم الوعود الزائفة، مما جعل ثانوية ابن الهيثم التأهيلية تستقبل ما يناهز 2000 تلميذة و تلميذ في بنية استقبال تضم 14 قاعة فقط، و رغم تحويل ثلاث قاعات لفصول دراسية فإن الوضع بالمؤسسة لا يطاق بشكل يمكن من اعتبارها مؤسسة تشتغل بالطاقة الاستيعابية لمؤسستين تعليميتين.و ينضاف إلى هذا الوضع، رفض الآباء تنقيل أبناءهم إلى ثانويات أخرى مثل الثانوية التأهيلية أبواب مراكش والثانوية التأهيلية المرنيسي بسبب غياب نقل مدرسي ونقل عمومي أو مطاعم مدرسية، وهذا ما رفضت المديرية الإقليمية تدبيره و تنصلت من مسؤولياتها في الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، تاركة الإدارة التربوية بالمؤسسة تتخبط في هذه المعضلة إضافة لمشاكل أخرى.
ناهيك عن كون الاختلالات البنيوية و المحلية التي يعرفها تدبير النقل المدرسي الذي من المفروض فيه تقديم حلّ للحد من ظاهرة الهدر، تصير سببا في الرفع من مؤشرات الهدر المدرسي كما هو الحال في جماعة سيد الزوين :80 مليون منحة الجماعة وعشرة ألف درهم منحة المجلس الإقليمي عن كل سيارة النقل المدرسي، واستطاعت توفير 9 سيارات، إلا أن تدبير عملية التنقل تفرض على التلاميذ البقاء في الثانوية من الصباح إلى المساء أي 9 ساعات. وفي حالة كان التلميذ يدرس ساعتين أو ثلاث ساعات في الصباح يجد نفسه مضطرا للبقاء في محيط الثانوية طوال اليوم أو التغيّب عن الحصص خصوصا الفتيات.
المشكل نفسه نجده من خلال عدم تطابق استعمالات الزمن بين المركزية والفرعية الذي يترتب عنه إقصاء بعض التلميذات و التلاميذ من النقل المدرسي ومن تمّ حرمانهم من التمدرس خصوصا عندما نعلم أنّ المدرسة بعيدة عنهم بما يزيد عن 7 كيلومترات. وقد وقفنا على هذه الحالة مع تلاميذ وتلميذات فرعية عين البيلك مجموعة مدارس البوصيري الواقعة بتجزئة المصمودي مع مركزية البوصيري؛ فعدم تطابق استعمال الزمن فيهما معا يؤثر سلبا على التلاميذ ويحرمهم من الاستفادة من النقل المدرسي، كما يخلق استياء عارما لدى الآباء.
من مظاهر الهدر المدرسي عملية التصرّف في استعمال الزمن وإلغاء بعض المواد. فثانوية ابن خلدون التأهيلية بجماعة أكفاي بسلكيها الإعدادي والتأهيلي، تشهد فوضى وخرقا سافرا للقرارات والتوجيهات من جوانب عديدة؛ حيث انطلقت بها الدراسة مع استمرار إلغاء مواد التفتح والتربية البدنية وتقليص البنية، ونقص عدد الساعات في بعض المواد، وسرعان ما تبين أن الخيام غير صالحة حيث توقفت الأطر التربوية عن العمل نتيجة الظروف غير التربوية، ثم استمر الترقيع والارتجال ووافقت إدارة المؤسسة على العمل بالحجرات رغم منع العمل بها في البداية.
كما نشير ونحن بصدد موضوع الهدر إلى شكل آخر من أشكال هدر الزمن الدراسي المرتبط بالتأخر الحاصل في برمجة عمليتي إعادة التوجيه وإعادة التمدرس و ذلك لما لهما من تأثير مهمّ على التحاق التلاميذ بالأقسام في المواعيد المحددة.
- تعثر الالتحاق بالمؤسسات التعليمية
تزامنت بداية الدخول المدرسي الحالي مع عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى التي جندت لها الدولة الكثير من رجال التعليم على الصعيد الوطني، ولكن هذه العملية على أهميتها الوطنية قد ساهمت بشكل غير مباشر في تعثّر عملية الدخول المدرسي حيث شهدت بعض المؤسسات غيابا تاما للأساتذة بمختلف الأسلاك الدراسية. وانضافت إلى هذه العملية مجموعة من الأسباب عملت على تفاقم هذا التعثر؛ ومنها عدم تسليم بعض القاعات الدراسية، مثلما هو الحال في مؤسسة رياض الحمامة. أضف إلى ذلك غياب النقل والإطعام حيث قرر عدد من الآباء ربط التحاق أبنائهم للدراسة بتواجد النقل والإطعام.ناهيك عن التأخر و الارتباك الملاحظان على عمليتي التسجيل وإعادة لتسجيل، كما هو الأمر في عديد من المؤسسات الثانوية الإعدادية والثانوية التأهيلية، التي حصرت التسجيل في مكتب واحد مما أدى إلى طول فترة العمليتين واستغراقهما زمنا طويلا جاء على حساب التحاق التلاميذ بالأقسام في الآجال المحددة.
ينضاف لكل هذا الأعطاب المتكرّرة و المستمرة بمنظومة مسار، وغلق خانة الشكايات و خانة مساندة وخانة معطيات الآباء و الأولياء و الأمهات بذات المنظومة، مما ينتج عنه التعثر في تسجيل التلاميذ بالمستوى الأول ابتدائي، ويعيق إلى حدود الساعة مسك وتتبع الغياب والتواصل الرقمي مع الآباء و الأمهات والأولياء لهذا الغرض، ومسك معطيات مكتسبات التلاميذ بالمستوى الأول ابتدائي.
- البنية التحتية: انعدام الماء و الكهرباء و المرافق الصحية و الأوضاع البيئية ببعض المؤسسات ووضعية حجرات التدريس
لاتزال مجموعة من المدارس تعاني من انعدام الماء و الكهرباء و المرافق الصحية خاصة بالوسط القروي (وحدات مدرسية بجماعات سعادة و السويهلة والاوداية وسيدي الزوين وأكفاي وتسلطانت)، مما يشكل عائقا حقيقيا أمام تمدرس التلاميذ وتواجدهم داخل فضاء المدرسة خاصة الفتيات منهم، كما يؤثر على الأوضاع الصحية و البيئية بالمؤسسات وبمحيطها. و نعطي في هذا الصدد أمثلة صارخة:
- الوضع البيئي بمحيط مدرسة 20 غشت بجماعة تسلطانت على سبيل المثال لا الحصر، حيث تغمر جنبات المؤسسة ممرات للواد الحار ما يثير قلقا صحيا من شأنه التأثير على صحة التلاميذ و العاملين بالمؤسسة.
- الوضع البيئي بمحيط الثانوية التأهيلية ابن خلدون، إذ يعاني دوار رجال احمر بجماعة أكفاي، مكان تواجد المؤسسة، من غياب نظام للصرف الصحي و هو ما يثير قلقا صحيا قد ينعكس على التلاميذ والعاملين و الساكنة ككل.
- عدم الربط بشبكة الماء الصالح للشرب بالثانوية التأهيلية الوفاق بجماعة سيدي الزوين لأزيد من 9 سنوات.
- الاستمرار بالعمل بصيغة 3 أساتذة لكل قاعة تدريس و بالتالي تقليص الزمن الدراسي لتلميذات وتلاميذ بمركزية مجموعة مدارس البساتين أولاد با لأزيد من ثلاث سنوات بسبب تعثر استبدال قاعات البناء المفكك بالبناء الصلب.
- استمرار الأشغال داخل الثانوية التأهيلية ابن خلدون بجماعة أكفاي يجعل الدخول المدرسي بالمؤسسة مضطربا و يجعل التلميذات و التلاميذ و العاملين و المرتفقين في بيئة غير آمنة، مما يؤدي إلى تزايد المخاوف بشأن السلامة و تأثير ذلك على استقرار الحصص الدراسية و وثيرة التعلم.
- استمرار العمل داخل حجرات البناء المفكك بعدد من المؤسسات التعليمية خاصة بالوسط القروي رغم ما أوردته تقارير تفيد الخطر الصحي الذي يشكله على المتعلمين و العاملين على حد سواء و ذلك بعدد من المؤسسات الواقعة بالجماعات القروية: اسعادة و السويهلة و تسلطانت و الأوداية و أكفاي.
وتسجل الجمعية أنه بمديرية مراكش هناك أحياء عديدة بدون مؤسسات تعليمية ابتدائية كحي الفخارة بمنطقة النخيل والزرايب، كما أن هناك مناطق بالوسط الحضري بدون مؤسسات إعدادية، أما الثانويات التأهيلية فقلتها واضحة وأحيانا يتم تشييد مؤسسات كما هو الشأن بالثانوية التأهيلية فاطمة المرنيسي والثانوية التأهيلية أبواب مراكش في نفس المنطقة المعزولة التي لاتصلها وسائل النقل الحضري.
نموذج آخر بحي الفخارة بمقاطعة النخيل الجنوبي الذي يضم كثافة سكانية مهمة و يفتقد لمؤسسة تعليمية ابتدائية تجعل التلاميذ والتلميذات، و خصوصا الأطفال الصغار منهم، مضطرين إلى عبور الطريق الرئيسية بباب الخميس عبر باب قشيش في اتجاه مدارس داخل السور كمدرسة انس بن مالك والشيماء وسيدي بن سليمان في ظروف خطيرة وغير آمنة ناهيك عن بعد المسافة.
و يندرج أيضا في باب البنية التحتية و التجهيز و بنيات الاستقبال نموذج مدرسة الطيب لمريني و الثانوية الإعدادية الإمام علي حيث ينجم عن تقارب بوابتي المؤسستين التي تم جعلهما على نفس الواجهة الأولى ازدحاما مهولا بأعداد كبيرة من التلاميذ و الآباء و الأمهات و المرافقين و المرتفقين مما يهدد بتواجد مخاطر خلال الدخول والخروج في نفس التوقيت، في غياب أطر إدارية تساعد على التنظيم وحسن التدبير للأعداد الهائلة للأمهات والأولياء أمام البوابتين وأيضا غياب السلطات للمساعدة خاصة مع تفاقم ظاهرة العنف بين التلاميذ و التي تحدث لمرات عديدة ومتكررة .أضف إلى ذلك انتشار الباعة الجائلين.
و لا يفوت الجمعية تسجيل صعوبة ولوج الثانوية الإعدادية شوقي قبالة سوق الخميس، بسبب احتلال مدخلها ومحيطها من طرف الفراشة والباعة الجائلين.
- معاناة التلاميذ
عاينت الجمعية تلاميذ عدد من الدواوير التابعة لجماعة تسلطانت: دوار الهناوات والفضاضلة والبركات والبيحات و الذين يذهبون من الخامسة صباحا ولا يعودون حتى الثامنة مساءا بدون أكل ولا شرب لكون المؤسسة تبعد عنهم بحوالي 30 كيلو مترا.
كما وقفت عن كثب على معاناة التلميذات و التلاميذ بالثانوية التأهيلية ابن خلدون بجماعة أكفاي بسلكيها الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي، إذ لم تتمكن الخدمات الحالية للنقل المدرسي من تلبية متطلبات جميع الروافد، مما يجعل المتعلمات و المتعلمين يقطعون مسافات طويلة بوسائل نقل غير مناسبة، و هو ما يعرضهم لمشاق يومية إضافية. بالإضافة إلى عدم استفادة عدد مهم منهم من خدمات الإطعام المدرسي بسبب تقليص عدد منح الإطعام و صغر الطاقة الاستيعابية للمطعم المدرسي. ناهيك عن التعديلات المستمرة عن لاستعمالات الزمن و النقص الحاد في الأطر الإدارية و هيئة التدريس. و مما يزيد من تعميق معاناة هؤلاء التلميذات و التلاميذ صعوبة الولوج للمؤسسة خاصة في الظروف المناخية السيئة بسبب انعدام تبليط الطريق المؤدية للمؤسسة و صيانتها. الأمر الذي يزيد من احتمال ارتفاع مؤشر الهدر المدرسي
و لا بد من الإشارة في هذا الباب إلى معاناة 175 تلميذا بالثانوية الإعدادية الإمام الشافعي بجماعة ايت ايمور الذين تحويلهم للثانوية التأهيلية يوسف بن تاشفين بسيدي يوسف بن علي في ظروف تعمق معاناة التلاميذ بإغلاق القسم الداخلي الذي يخضع لعملية الإصلاح و الترميم مثلما هو الأمر بالقسم الداخلي للثانوية التأهيلية ابن يوسف، الأمر الذي أدى إلى انقطاع عدد كبير منهم بسبب بعد المسافة بين الجماعتين، أما البعض الآخر فيضطر إلى مغادرة البيت ابتداء من الساعة الرابعة صباحا، و يضطرون للتغيب عن الحصتين الأخيرتين من الفترة المسائية.
و جدير بالذكر في هذا الصدد، أن غياب فضاءات للمكتبات المدرسية و غياب قاعات للمداومة و النقص الحاد في الأطر الإدارية و الأطر المساعدة، يعمق معاناة التلاميذ و يجعلهم عرضة للخطر عند إخراجهم في حالة غيابات بعض أطر التدريس خارج فضاءات المؤسسة .
- تفضيل القطاع الخاص
الملاحظ أن الدولة، إمعانا في تقديم الهدايا للقطاع الخاص على حساب المصالح الحيوية للشعب المقهور، قامت بتفويت بقع أرضية كانت مخصصة أصلا لبناء مدرسة عمومية لتصبح مؤسسة خاصة. حدث هذا في المحاميد 9 حيث تم تفويت البقع المعدة لبناء الثانوية إلى أحد المنعشين العقاريين، وتم تحويلها إلى مؤسسة خاصة، و قد تبيّن لنا الأمر عند حصولنا على تصميم تهيئة القطب الحضري المحاميد 9. وللتغطية على هذا التلاعب بالخدمات العمومية تمّ تشيد ثانوية بالمحاميد7 وتسميتها ثانوية المحاميد 9.
- العرض التربوي
لايزال العرض التربوي هزيلا حيث بلغ الخصاص أزيد من 13 أستاذا ما بين الثانوي الإعدادي والتأهيلي في مادة الرياضيات فقط. و في نفس السياق عانى تلاميذ شعبة العلوم والتكنولوجيات الكهربائية وشعبة العلوم والتكنولوجيات الميكانيكية من خصاص في أساتذة علوم المهندس بثانوية محمد السادس التقنية. هذا مع العلم أنها مادة أساسية ومميّزة للشعبتين. و على ما يبدو أنّ الأكاديمية تعاني من نفس الخصاص بالشكل الذي يجعل تدخّلها من أجل إعادة انتشار أساتذة المادة على مستوى الجهة غير ذي جدوى. كما نلاحظ أيضا الخصاص في أساتذة الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء بثانوية لمحاميد 9 التأهيلية خاصة لدى تلميذات و تلاميذ مستوى الجذع المشترك العلمي خيار فرنسية.
و تتجسد هزالة العرض التربوي بالثانوية الإعدادية الإمام الشافعي بجماعة ايت ايمور، إذ تم تقليص بنية المؤسسة التي كانت تشتغل ب 68 أستاذة و أستاذ إلى 58، مما فاقم الاكتظاظ بالمؤسسة و حرم 175 تلميذا من الدراسة بها ليتم تحويلهم لمؤسسة يوسف بن تاشفين بسيدي يوسف بن علي في ظروف تعمق معاناة التلاميذ بإغلاق القسم الداخلي الذي يخضع لعملية الإصلاح و الترميم مثلما هو الأمر بالقسم الداخلي للثانوية التأهيلية ابن يوسف…
كما يعاني العديد من تلميذات و تلاميذ السنة الثانية من سلك البكالوريا بشعبة العلوم التجريبية بمسلكيها العلوم الفيزيائية و علوم الحياة و الأرض من عدم توفر بنيات مؤسساتهم التربوية على المسلكين المذكورين، و نخص بالذكر الثانويات التأهيلية صلاح الدين و الزرقطوني و ابن تومرت وسيدي عبد الرحمان باستثناء ثانوية الخوارزمي التي تتوفر على قسمين لمسلك علوم الحياة و الأرض يتجاوز عدد التلاميذ بكل منهما 50 بالقسم الواحد، لدرجة حرمت حتى التلاميذ الذين قدموا طلبات إعادة التمدرس بذات المؤسسة، من الاستفادة من مقاعد. و لم يعد أمام العديد من التلميذات و التلاميذ إلا تغيير التوجيه قسرا نحو شعبة العلوم التجريبية خيار فرنسية بمسلكيها المذكورين إن أرادوا الاستمرار بالدراسة. او مغادرة مقاعد المؤسسة. نفس الأمر ينطبق على شعبة التدبير المحاسباتي حيث وجد العديد من التلاميذ أنفسهم بشعبة العلوم الاقتصادية بشكل قسري.
وعلى الرغم من اللجوء إلى إعادة انتشار أطر هيئة التدريس لسدّ الخصاص و تصريف الفائض، وكذلك استنفاذ العمل بحيلة المواد المتآخية التي لا مرجع قانوني لتنفيذها. فإن التخبط والعشوائية لا تزال سيدة الموقف. والدليل على هذه الوضعية هو ارتفاع عدد الانتقالات من أجل المصلحة و التكليفات السنوية للقيام بمهام التدريس مقابل عدد المناصب اللازمة، علما بأن الخصاص لازال ضاغطا في العديد من المؤسسات و في شتى التخصصات.
كل هذا ناتج عن سوء التخطيط و التلاعب بالخرائط المدرسية والعشوائية والمزاجية والمحسوبية والزبونية التي يعرفها تدبير الموارد البشرية في غياب رئيس لهذه المصلحة لدخولين مدرسيين على التوالي.إن هذه التجاوزات و الخروقات الخطيرة تؤثر بشكل مباشر على جودة التمدرس و تكافؤ الفرص بين التلميذات والتلاميذ، و هي نتيجة للخرق الصارخ للمذكرة المديرية لتصريف الفائض وسد الخصاص والتي تنصّ على ضرورة إنجاز العملية على ثلاث مراحل وبشكل يقلّص عدد التكليفات السنوية ويجعلها من أجل المصلحة الفضلى للتلميذة والتلميذ، لكن التنفيذ جاء عكس ذلك والنزيف لازال مستمرا.
- المؤسسات التعليمية و الدمج الاجتماعي
تعتبر قضية الإعاقة في إطار منظومة الأمم المتحدة قضية أساسية خصص لها مجال لوحدها، و قد صادق المغرب سنة 2009 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتكول الإضافي. حيث تنص المادة 24 على “أن تكفل الدول الأطراف نظاما تعليميا جامعا على جميع المستويات وتعلما مدى الحياة” (البند 1)؛ كما تم التنصيص في نفس المادة على “مراعاة الاحتياجات الفردية بصورة معقولة” (البند2 -ج)؛ كما نصت الاتفاقية في المادة 3 على مبدأ “احترام القدرات المتطورة “، وفي المادة 9 على “إزالة الحواجز لتيسير الولوج إلى كل المباني بما فيها المدارس”. ويمكن القول أن الدولة تتوفر على إطار سياسي وتشريعي لإرساء منظومة تربوية دامجة.
إلا أن الأرقام و الاحصائيات بما فيها الرسمية تشير إلى عكس الخطاب الذي تستهلكه الدولة وفشل برنامجها في هذا الباب،إذ أن النسبة الوطنية لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة للفئة العمرية من 6 إلى 17 سنة، لم تتجاوز 41,8%، وأن نسبة تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة من الفئة العمرية 6-11 سنة، لم تتجاوز 37,8 %،ذلك مقابل النسبة الوطنية للتمدرس لنفس الفئة العمرية لباقي الأطفال والتي تبلغ 99,7% . وبالنسبة للأطفال في وضعية إعاقة الذين تتراوح أعمارهم بين 12-14 سنة، تصل نسبة التمدرس إلى 50,1% في الوقت الذي بلغت النسبة الوطنية لنفس الفئة العمرية لباقي الأطفال 87,6%. كما أن 79% من الأطفال يتجاوزون مستوى التعليم الابتدائي، وأن 1,6% فقط من الأشخاص في وضعية إعاقة لهم مستوى تعليمي عالي.
تأتي هذه الأرقام،(على ندرتها كما هو الحال عموما بالنسبة للإحصائيات المتعلقة بالأطفال ذوي الإعاقة في سن التمدرس، إضافة لغياب آليات على المستوى المركزي والمحلي لتسجيل ورصد الحالات حسب النوع والعمر وأماكن توزيعهم على خارطة المغرب في التعليم، و هو ما يترجم تجاهل الدولة على مستوى التنفيذ خلافا للشعارات المروجة) لتقديم قراءة لواقع حال “البرنامج الوطني للتربية الدامجة” الذي تم إطلاقه في يونيو 2019، و الذي سرعان ما تم التنصل منه من طرف الحكومة المغربية ليتم رميه في أحضان وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة بمعزل عن باقي القطاعات العمومية ذات الصلة، لتتنصل منه بدورها هي الأخرى تاركة شأن تدبيره لتأويلات و تقديرات مدراء الأكاديميات و المديرين الإقليميين و بعض الموظفين، بل و الأفظع من هذا تم تفويت مسؤولية تسيير قاعات الموارد للتأهيل و الدعم بالمؤسسات الحاضنة لهذا المشروع للجمعيات، في تغييب تام لوزارة الأسرة و التضامن لحضانته ضمن صندوق دعم تمدرس الأطفال في وضعية الإعاقة ، و وزارة الصحة. إذ سرعان ما تراجع هذا البرنامج من مشروع مجتمعي للتربية الوطنية الدامجة إلى مجرد إجراءات معزولة و غير متسقة تروج خلالها بعض الصور و الكبسولات الإشهارية التي يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، و لا تعكس مطلقا الحقيقة التي تجسدها أرضية الواقع و المعاناة الخانقة لآباء و أولياء التلاميذ في وضعية الإعاقة.
و يستمر فضح هذا التنصل المفضوح للدولة من مسؤولياتها في تنفيذ هذا المشروع المجتمعي الحقوقي من خلال الصورة القاتمة التي قدمها تقرير المجلس الأعلى للحسابات بشأن التربية الدمجة و الذي أشار إلى عدم تقديم أية وثيقة رسمية للإطار المرجعي تتضمن الأهداف و مدة الإنجاز و الكلفة التقديرية و الجهات المتدخلة و مسؤوليات الأطراف و آليات التتبع والقيادة و التقييم بناءا على مؤشرات كمية. مما لا يسمح بتحقيق مبدأ المساءلة و المحاسبة، بالإضافة لوقوفه على ضعف التنسيق مع بعض الأطراف ذات العلاقة مع مصالح وزارية معنية بالمجال و متدخلة في برنامج التربية الدامجة على مستوى الموارد المالية. كما سجل الضعف الملحوظ في انخراط قطاع التكوين المهني و القطاع الخاص في مجال التربية الدامجة .و أشار أيضا إلى عدم استشارة المسؤولين عن التنفيذ لتحديد الحاجيات الدقيقة خاصة فيما يتعلق بالتجهيزات و العتاد الديداكتيكي للأقسام التي تم تحويلها لقاعات الموارد للتأهيل و الدعم .أما على المستويين البيداغوجي و الصحي فقد أشار التقرير إلى نقص في تكييف البرامج الدراسية و طرق التدريس مع نوعية و حدة الإعاقة .
توضح الإحصائيات التي أوردها هذا التقرير أن فئة عريضة من الأطفال المعنيين لا يلجون للمدارس أصلا، فالمؤسسات التعليمية تستقبل أقل من 53 ألف طفل من بين 150 ألفا يوجدون في وضعية إعاقة، وتتراوح أعمارهم ما بين 6 و17 سنة. و هذا راجع إلى عدة عوامل، تمت الإشارة إليها سابقا في باب البنية التحتية و التجهيز و الدعم الاجتماعي، أبرزها النقص في توفير خدمات الدعم الاجتماعية كالنقل المدرسي والولوجيات المعمارية و المرافق الصحية (باستثناء المؤسسات الإعدادية و الثانوية التي استفادت من مشروع التعليم الثانوي المندرج في إطار برنامج تحدي الألفية)، و غياب الخدمات الطبية وشبه الطبية، و ضعف التجهيز بقاعات الموارد و قلتها. الوضع الذي يزداد تعقيدا بالنسبة لفئة التلاميذ التي تعاني من إعاقة عميقة وتتطلب مراكز متخصصة.
أكثر من هذا يستفيد تلاميذ هذه الفئة فقط من تكييف الامتحانات و المراقبة المستمرة، في غياب تكييف البرامج و المناهج، و هو ما يعتبر اختلالا تربويا صارخا ينضاف إلى باقي الاختلالات الخطيرة التي اكتنفت هذا البرنامج مع بدايته.
و فيما يلي سرد لمجموعة من الخروقات التي تم رصدها في هذا الصدد:
- محدودية انتشار أقسام التربية الدامجة بمديرية مراكش، و عدم تناسبها مع مختلف أنواع الإعاقة.
- غياب وسائل النقل الخاصة بالتلاميذ في وضعية إعاقة رفقة مرافقيهم.
- ضعف برنامج التكوين، نوعا و كما، الخاص بأساتذة التربية الدامجة بمديرية عمالة مراكش.
- غياب الأطر الطبية و الشبه طبية بلجان تتبع أقسام التربية الدامجة بمديرية عمالة مراكش و الاقتصار فقط في بعض الأحيان على طبيب الأمراض النفسية و العقلية.
- التعليم الأولي:
لا حاجة للتذكير بالأطر المرجعية الحقوقية التي تولي أهمية قصوى للتعليم الأولي داخل منظومة التعليم. باعتباره ركيزة أساس في تأهيل الصغار بغرض تدرجهم بشكل سلس في الأسلاك التعليمية الموالية…
إن الجمعية المغربية لحقوق الأنسان فرع المنارة مراكش، و في إطار مواكبتها المستمرة لجملة المشاكل التي يعرفها التعليم الأولي بمديرية عمالة مراكش، تذكر في هذا التقرير بمعاناة ساكنة معظم الأحياء الشعبية و الفقيرة و المهمشة و التجمعات السكنية بالوسط القروي من النقص في العرض التربوي في هذا الصدد، كما لا يفوتها الإشارة إلى مجموعة من الاختلالات الخطيرة و المتمثلة في:
- عدم ربط التعليم الأولي بسلك التعليم الابتدائي و الاقتصار فقط على تسجيل التلاميذ عبر منظومة مسار.
- غياب التتبع و المواكبة التربوية لسير التعلمات في التعليم الأولي.
- عدم إدماج المربيات و المربين في سلك الوظيفة العمومية.
- تملص الدولة من مسؤولياتها تجاه التعليم الأولي، و اتجاهها نحو التدبير المفوض بترك هذه مسؤولية للجمعيات.
- أغلب حجرات التعليم الأولي بمديرية عمالة مراكش إما عبارة عن حجرات البناء المفكك أو حجرات مستعارة.
- ضعف حصص التكوين و التكوين المستمر لمربيات و مربي التعليم الأولي بمديرية عمالة مراكش.
- المعاناة الاجتماعية الخانقة لمربيات و مربي التعليم الأولي في الاستفادة من أجورهم الشهرية بسبب التعقيدات و التماطل و التأخير الذي تعرفه مسطرة صرف أجور هذه الفئة. إذ تنطلق هذه المسطرة بعملية صرف منحة الدولة للجمعيات المكلفة بالتسيير عبر أشطر و بشكل متأخر، قبل أن تقوم الجمعيات بصرفها. و مما يعمق من هذه المعاناة هو تعرض الأجور الهزيلة أصلا لاقتطاعات إضافية من طرف منظمات الحماية الاجتماعية و التي تطال فترات التأخير.
- العنف بالوسط المدرسي و انعدام الأمن بمحيط المؤسسات:
لا بد من الـتأكيد في البداية على أنه لا يمكن إعمال الحق في التعليم دون أن يوجد التلميذ و الأطر العاملة في محيط مدرسي صحي خال من العنف و يشكل مناخا ملائما للتعلم.
إلا أن الدولة تحاول عمليا غض الطرف عن تنامي هذه الظاهرة في المؤسسات التعليمية، فمديرية الوزارة الوصية بعمالة مراكش لا تمتلك أية خطة عملية مخطط لها مسبقا ، باستثناء تعميم بعض المذكرات الصادرة عن الوزارة أو الأكاديمية في غياب أي تتبع لها و لبوابة مرصد التي أنشئت لهذا الغرض و لأي إجراء في إطار مقاربة ميدانية تستنفر كل الطاقات للقضاء عليها، رغم التقارير الرسمية التي تدق ناقوس الخطر فقد أنجز المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من خلال الهيئة الوطنية للتقييم، بشراكة مع منظمة اليونيسيف تقريرا يسلط الضوء على أهمية وجود بيئة مدرسية آمنة وخالية من العنف لضمان تعليم ذي جودة. و كان الهدف الرئيسي لهذا التقييم يكمن في تقديم تشخيص مفصل لوضع العنـف في الوسط المدرسي في المغرب. وعليـه، تركــز الدراســة عـلـى قيــاس مــدى انتشــار هــذه الظاهــرة وتحديــد أشــكالها وتجلياتها المختلفة في الوســط المدرسي، وكــذا الفاعلـيـن المعنين بهــا، وهــي لا تســتهدف مرتكبــي العنــف فقــط، بــل أيضــا ضحايــاه مــن تلامذة وأطر تربوية. لقد رسم هذا التقرير صورة قاتمة عن تنامي ظاهرة العنف المدرسي بشتى أشكاله ( الضرب و التعنيف، السب و الشتم و التنمر، التعرض للسرقة، تخريب مرافق و تجهيزات، العنف الرقمي،التحرش الجنسي…).
أن الأمر لا يتعلق فقط بما يقع داخل أسوار المؤسسات، فبين الفينة و الأخرى تتوصل الجمعية و يروج في الصحافة الرقمية أو مواقع التواصل الاجتماعي، شكايات و مطالبات من طرف الأمهات و الأباء بضرورة التدخل بمحيط المؤسسات التعليمية ، و التي تعرف انتشارا لأشخاص مشتبه بهم، و لمروجي المخدرات و حبوب الهلوسة و كافة أشكال المواد المخدرة، إذ تشكو العديد من المؤسسات التعليمية من غياب الأمن في محيطها، فمع بداية كلّ موسم دراسي تصبح المؤسسات التعليمية خصوصا الإعدادية والثانوية بؤرا لجذب اللصوص ومروجي المخدرات والمتحرشين واستعراضات أصحاب الدراجات النارية. هذا في الوقت الذي تقلّ فيه أو تكاد تنعدم دوريات الأمن مثلما هو الحال في تامنصورت خصوصا في محيط الثانوية التأهيلية رياض الزاهية وثانوية تامنصورت وثانوية ولي العهد والثانوية الاعدادية التشارك أو بجماعة المنارة في محيط الثانوية التأهيلية أبواب مراكش، رغم قرب العديد من المؤسسات من الدوائر الأمنية للشرطة. أضف إلى هذا ما رصدته الجمعية بالعديد من المؤسسات بسيدي يوسف بن علي و عين إيطي حيث تستفحل ظاهرة انعدام الأمن بمحيط المؤسسات التعليمية، و ينتشر الإدمان على شتى أصناف المواد المخدرة في صفوف التلاميذ ذكورا و إناثا. ومعلوم ما يمكن أن يسفر عنه استفحال هذه الظواهر من اتساع دائرة الإدمان، والاعتداء على الفتيات، و الانقطاع الدراسي في بعض الأحيان. الأمر نفسه عايناه في محيط الثانوية الإعدادية المحاميد 10 التي تعرف مع مستهل هذا الدخول المدرسي فوضى تمثلت في شتى صنوف المضايقات التي تتعرض لها التلميذات والتلاميذ، والتي تجلت في التحرش الجنسي النفسي اللفظي والجسدي، إضافة إلى الاعتداءات الجسدية التي يقدم عليها مجموعة من المنحرفين الذين يترددون على محيط المؤسسة رفقة كلاب شرسة، الوضع الذي يبث الرعب و الهلع في صفوف التلميذات والتلاميذ، مما ينذر بارتفاع مؤشر الهدر المدرسي.
- واقع مراكز الفرصة الثانية الجيل الجديد:
تعتبر الدولة مراكز الفرصة الثانية بمثابة عرض تربوي يتلاءم مع مستجدات المحيط السوسيو اقتصادي والتعليمي،ومواصفات الفئات المستهدفة وحاجاتهم وانتظاراتهم،من خلال تقديم حلول ملائمة ومرنة لمعضلتي الهدر المدرسي و عدم التمدرس. فمنذ سنة2014 تم الشروع في تطوير عرض تربوي تكويني جديد يتوجه أساسا لليافعين والشباب من الفئة العمرية من 13 إلى 18 سنة المنقطعين عن الدراسة، تمت تسميته ببرنامج الفرصة الثانية الجيل الجديد.
و تتلخص دواعي إنشاء هذا البرنامج (المستنسخ بصورة مشوهة لمراكز منتشرة بالعديد من الدول الأوروبية) في الآتي:
- انتقال معضلة الهدر المدرسي إلى الفئة العمرية البالغة 13-18 سنة.
- صعوبة اندماج هذه الفئة في برامج التكوين المهني نظرا لعدم توفرهم على المستوى المطلوب.
- وجودحوالي1.7مليون شاب ويافع15-24سنة أي بنسبة%29.3، لا يعملون و لايدرسون ولا يتابعون أي تكوين(حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط خلال سنة2017).
ويتضمن منهاج مراكز الفرصة الثانية-الجيل الجديد ما يلي:
- التأهيل التربوي من أجل إكساب المستفيدين الكفايات الأساس(اللغات والرياضيات والعلوم).
- والكفايات المستعرضة(المهارات الحياتية، الكفايات المقاولاتية، الكفايات التكنولوجية)
- الاستئناس المهني والتدريب للمساعدة على إكسابهم المهارات التكوينية الأساس.
- التوجيه والمواكبة و بناء المشروع الشخصي من أجل الإندماج السوسيو مهني.
تتجاوز نسبة الانقطاع عن الدراسة بمديرية عمالة مراكش خلال السنوات الأخيرة 8.4 % ، و بمعدل وطني يفوق أحيانا 300 الف تلميذة و تلميذ، و هو رقم مخيف جدا يهدد تعميق أزمة الأمية و تجذرها خاصة في الأوساط القروية و الفقيرة و هوامش المدن و الأحياء الشعبية. هو ما يفضح فشل المنظومة التعليمية، حيث يضل شبح الانقطاع عن الدراسة المؤشر الأساس المعبر عن فشل السياسات العمومية و غياب الإرادة السياسية و هيمنة الدوائر الرأسمالية. فمراكز الفرصة الثانية بالمدينة و التي يبلغ عددها 4 مراكز و تضم حوالي 600 مستفيد و مستفيدة بعيدة عن اعتبارها عصبا أساس أو حتى حلا مؤقتا لمعالجة آفة الهدر المدرسي، أي مغادرة التلاميذ لمقاعد الدارسة خلال مرحلة التعليم الإجباري نهائيا دون تمكنهم من نيل أي تأهيل دراسي أو تكويني.
و لا شك أن تفويت المشروع للجمعيات في ظل هشاشة آليات التتبع و المراقبة المالية كنوع آخر من تنصل الدولة من مسؤولياتها تحت ذريعة التدبير المفوض، و ضعف عدد أطر التربية غير النظامية و الخصاص المهول في أطر التوجيه بالمديرية، جعل من المراكز مجرد مراكز إشهادية أو محاربة الأمية لتلاميذ يجدون صعوبات و عراقيل كثيرة في متابعة دراستهم بالسلك الـتأهيلي نظرا لسوء توزيعهم بالمؤسسات التعليمية و بعدها عن مقرات السكن، الأمر الذي إلى انقطاع معظمهم، علما بأنه تغيب أية ألية للتتبع بالسلك التأهليلي بمجرد ضمان مقعد له بهذه المؤسسات.
- جماعة سعادة، نموذج صارخ للانتهاكات التي تطال الحق في التعليم:
رغم كون المعطيات الآتية سبق ذكرها عبر فقرات هذا التقرير بشكل متفرق بحسب موضوع الفقرة ، ونظرا لما تعرفه هذه الجماعات بعمالة مراكش من كم هائل من الخروقات و الانتهاكات التي تضرب في العمق الحق في التعليم، فقد خصص لها هذا التقرير حيزا بوصفها نماذج فقط ،للفشل والارتجالية وغياب العدالة المجالية والاجتماعيةإضافة إلى الحكرة والتهميش.
تضم جماعة سعادة حوالي 130 ألف نسمة وتمتد على مساحات جغرافية شاسعة تبلغ 150 كلم مربع،لتبقى رغم ذلك خارج اهتمامات المسؤولين عن الشأن التعليم، حيث تتكرر بها نفس الممارسات التدبيرية و في كل مرة بشكل أفظع و أكثر تشويها. فالثانوية الـتأهيلية الوحيدة بالجماعة هي ثانوية ابن الهيثم، حيث يبلغ عدد المسجلين بها 2000 تلميذ بالإضافة إلى لائحة تضم 200 تلميذ وتلميذة، تم تحويل الذكور منهم إلى الثانوية التأهيلية بن يوسف بعش بلارج طريق الدار البيضاء مع ضمان استفادتهم من منحة الداخلية في حين تم تحويل الإناث إلى الثانوية التأهيلية عودة السعدية بباب الدباغ بنفس شروط المنحة، لكن ظروف الدراسة والإقامة غير مرغوب فيها من طرف التلاميذ و الأمهات و الأباء.
تضم الثانوية التأهيلية ابن الهيثم 14 حجرة دراسية، و باستغلال كل مرافق المؤسسة و تحويلها إلى حجرات دراسية، ارتفع عددها إلى حوالي 20 قاعة.
تعتمد هذه المؤسسة نظام التفويج حيث يشتغل الأساتذة خمس ساعات متتالية أما صباحا أو بعد الزوال، ويتم تقليص الغلاف الزمني الخاص بالتلاميذ، و هذا معناه الاشتغال بنظام ثانويتين داخل بناية واحدة، الأمر الذي يزيد أيضا من إرهاق الأطر الإدارية.
وبسبب ضيق طاقتها الاستيعابية يضطر العديد من التلاميذ والتلميذات للتنقل لمراكش أو مغادرة مقاعد الدراسة.
أما في ما يتعلق بالتعليم الثانوي الإعدادي، فيمكن أن نسوق هنا ما يقع بالثانوية الإعدادية السعادة المتواجدة بحي آفاق، حيث يبلغ عدد المسجلين ما يناهز 1953 تلميذ وتلميذة، و تم استغلال جميع الحجرات إضافة إلى مرافق القسم الداخلي المغلق أصلا في وجه التلاميذ، إضافة إلى استغلال قاعة مشيدة من طرف جمعية الأمهات و الآباء خاصة بالتلميذات اللائي ينتظرن دورهن بإحدى رحلات النقل المدرسي. و رغم ذلك بلغ عدد التلاميذ بالقسم الواحد 48 تلميذا.و للإشارة فإن هذه الثانوية الإعدادية لا تتوفر على ملاعب رياضية لممارسة حصص التربية البدنية. مما اضطر جمعية الأمهات و الآباء إلى عقد شراكة مع الجمعية الرياضية لتأهيل الملاعب، كما أنها توفر الأقلام اللبدية الخاصة بأطر التدريس، و بعض الأدوات المكتبية بل و تحملت مسؤولية تأهيل وإصلاح القاعات المتضررة من زلزال شتنبر 2023.
نموذج آخر من الارتجالية تقدمه الثانوية الإعدادية عابد الجابري بحي دار السلام، إذ لم تصمم إطلاقا للاعتبارها مؤسسة تعليمية، بل تم بناؤها كمرفق اداري،إلا أنه تم تحويلها إلى ثانوية بدون مرافق أساسية خاصة الملاعب الرياضية و ساحة المؤسسة. وهي بدورها تعاني من الاكتظاظ مما جعل المديرية تعيرها حجرات دراسية بمجموعة مدراس أبي موسى الأشعري المركزية، و يستمر هذا الإجراء للموسم الدراسي الثالث مما جعل مدرسة أبي موسى الأشعري تتحول إلى مدرسة ابتدائية حاضنة للسلك الإعدادي.
أما بخصوص الثانوية الإعدادية السعديين، فتلاميذها و تلميذاتها يعيشون أوضاعا صعبة خلال هذا الدخول المدرسي بسبب تحويل الذكور منهم إلى الثانوية التأهيلية بن يوسف بعش بلارج طريق الدار البيضاء مع ضمان استفادتهم من منحة الداخلية في حين تم تحويل الإناث إلى الثانوية التأهيلية عودة السعدية بباب الدباغ بنفس شروط المنحة، و هو حل يرفضه الأمهات و الآباء ويتشبتون بمتابعة دراستة أبنائهم و بناتهم بالجماعة أي بالثانوية التأهيلية ابن الهيثم أو توسيع بنية المؤسسة (السعديين) لتحتضن على الأقل شعب مستوى الجذع المشترك.
و الغريب أن العديد من المؤسسات التعليمية الابتدائية بالجماعة تقوم بالتحويل الجماعي لتلاميذها بعد نهاية الطور الابتدائي إلى ثانويات إعدادية داخل المدار الحضري، ونسوق بعض الامثلة:
– تلاميذ مجموعة مدارس بن علال بالفخارة يتم توجيههم إلى إعدادية المنفلوطي بحي سوكوما.
– تلاميذ مدرسة بن يعكوب نحو إعدادية أبواب مراكش بجماعة المنارة.
– تلاميذ فرعية أولادأحمد و فرعية الكرن صوب العزوزية.
و هنا تسجل الجمعية بكل أسف:
- بعد المدارس الابتدائية عن التلاميذ والتلميذات بحوالي 4 إلى 5 كلم مما يعمق معاناة للتلاميذ و الأسر. كساكنة الدواوير التي يتابع أبناءهم دراستهم بمدرسة الكوثر.
- تواجد مدارس ابتدائية غير مهيكلة كمدرسة بن عيش.
- حالة مجموعة مدارس دوار الباشا المركزية مهدمة ولم تخضع للترميم.
- مدرسة رياض الزيتون تحتاج بدورها للترميم والإصلاح.
- فرعية عزيب الشيخ التابعة لمجموعة مدراس أبي موسى الأشعري أبي بدون سياج واقي.
- حالة مدرسة تزاكورت المتضررة من الزلزال.
مع العلم أن كل المؤسسات الابتدائية بالمنطقة تفتقد إلى الربط بشبكة التطهير الصحي في حين تعتمد الإعداديات على الحفر fosse septique، وهذا في الواقع حال أغلب المؤسسات بالوسط القروي وشبه القروي.
كما لا يفوت الجمعيةأن تعبر عن رأيها تجاه النقل المدرسي الذي لا يعدو كونه حلا مؤقتا و ليس حلا جذريا لمواجهة معضلة الهدر المدرسي. فقد تضطر حافلة النقل المدرسي إلى قطع حوالي 200 كلم يوميا نظرا لتباعد الدواوير وبعدها على الثانوية التأهيلية ابن الهيثم أو الثانويات الإعدادية المتواجدة بتراب الجماعة، وخاصة الدواوير المتواجدة بالجانب الغربي للجماعة كدوار احمر، دوار بنعزوز 1و2، دوار حربيل…و هو ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الهدر المدرسي، ومؤشر التعثر الدراسي و نسب التكرار، و ما يؤثر أيضا سلبا على القدرة على التحصيل المعرفي بسبب الإرهاق، فالأطفال في هذا الوضع يضطرون إلى قضاء أوقات طويلة خارج منازلهم بعد قضاء ساعات في النقل أوانتظار مواعيد و رحلات حافلات النقل المدرسي. ولتجاوز هذه الاوضاع نقترح توسيع ىالبنية التحتية بثانوية ابن الهيثم التأهيلية، و بناء مؤسسات أخرى تشمل كافة الأسلاك التعليمية، و توفير النقل خارج نطاق النقل الحضري الزا للتلاميذ يربط بين الدواوير ذات الكثافة السكانية الكبيرة (دوار مولاي اليزبد، الزهور… )
- مجمل:
وإجمالا يمكن اعتبار أن قطاع التعليم بمديرية عمالة مراكش يعيش أزمة مزمنة متعددة الأبعاد بسبب السياسات المعتملة وإملاءات المؤسسات المالية و الارتجالية و العشوائية في التدبير، ويمكن أن نلمس ذلك من خلال:
- غياب استراتيجية للإصلاح وتخلف المقاربات وتعثرها .
- مراكمة التأخير والبرامج الفاشلة منذ الميثاق الوطني للتربية والتكوين. هذا التأخر حمل في حد ذاته أخطارا على دور منظومة التربية والتكوين في جعلها رافعة للارتقاء بالتنمية المجتمعية والبشرية.
- عجز المنظومة التعليمية على الصمود أثناء الأزمات، كما وقع خلال الجائحة أو الزلزال وإضرابات هيأة التدريس.
- انتشار الفساد الاقتصادي والمالي في القطاع وهشاشة آليات المراقبة وعدم نجاعتها.
- عدم الاهتمام بالجودة بشكل مطلق، والاقتصار على الرتوشات و الترقيعات المتعلقة بالبنيات والمقاربة المحاسباتية، الأمر الذي أدى إلى تغييب المناهج والبرامج و النموذج البيداغوجي.
- الفصل التعسفي بين التعليم الأولي والتعليم الابتدائي بدل دمجهما في سلك واحد.
- التعثر الذي يعيق دمج التعليم الأولي في التعليم الابتدائي، ليشكلا معا سلك التعليم الابتدائي مع ما يتطلب ذلك مراجعة شاملة للمناهج والبرامج.
- ضعف البنيات التحتية للمؤسسات التعليمية وافتقادها للتجهيزات وبعض المرافق الحيوية كالربط بشبكة الصرف الصحي، وهو ما له تأثير على التلاميذ، خاصة الفتيات،علما أن نسبة الربط بشبكة الصرف الصحي جد ضعيفة بالوسط القروي وعموما فالمؤسسات الابتدائية ذات الربط بالصرف الصحي لاتتجاوز 35,4%، ما يعني أن ثلثي الابتدائيات بدون صرف صحي، في حين تبلغ نسبة الربط في الثانويات الإعدادية 50,6% وفي الثانويات التأهيلية 59.3%..
- غياب المرافق الصحية ، يشكل إشكالا حقيقيا من حيث وقعه على المتعلمين بشكل عام، وبصفة خاصة على الفتيات، ويتجلى عموما في التأثير على الصحة بانتشار الأمراض، و التأثير العدالة المجالية في التعليم.
- بعد المؤسسات التعليمية عن التجمعات السكانية يعد من الإشكالات التي تعيق إعمال الحق في التعليم وقد يسبب تعثرات أو انقطاعات عن التمدرس و يرفع من مؤشرات الهدر المدرسي.
و لا يفوت الجمعية و هي تختتم تقريرها السنوي للدخول المدرسي 2024-2025 أن تتقدم ببعض المقترحات الإجرائية الفورية و العاجلة:
- الضرورة الملحة لاعتماد استراتيجية مضبوطة وتخطيط مسبق مبني على المؤشرات من أجل الضبط العلمي المدروس لحركية الأطر الإدارية وأطر هيئة التدريس، تفاديا لأوضاع الفائض و الخصاص والتصريف و إعادة الانتشار.
- توفير الشروط المناسبة لعمل هيئة الإدارة التربوية في جميع المؤسسات، وتوفير الأطر الإدارية والمختصة الكافية في كل مؤسسة. ذلك أنه لم يعد مقبولا تسيير مؤسسة تضم ما بين 1600 تلميذ إلى 2000 تلميذ بطاقم إداري جد مقلص.
- اعتماد مقاييس محددة ومؤشرات مضبوطة تحدد نسبة تأطير الحراس العامين من التلاميذ احتراما لمهام الاطر الإدارية والتربوية.
- تعميم التعويضات العائلية على جميع المتمدرسين و الرفع من قيمتها.
- اعتبار النقل المدرسي إجراء مؤقتا وليس دائما. و العمل في مقابل ذلك على توسيع العرض المدرسي وتقريبه بجميع مستوياته من التجمعات السكنية.
- تدارك الخصاص في بنيات الاستقبال و البنية التحتية و التجهيز على مستوى عمالة مراكش من خلال عملية التصرف في المؤسسات المغلقة في المدينة العتيقة وتحويل المستخلص لبناء مؤسسات جديدة.
- الإسراع في بناء الثانويات التأهيلية المبرمجة بكل من دوار ازكي ، السويهلة، سيد الزوين، وبناء ثانويات إعدادية و تأهيلية جديدة بكل من المحاميد و أحياء المسيرة وعين ايطي و دوار الكدية وحي الآفاق بجماعة اسعادة وجماعة اكفاي.
- العمل على تدارك الخصاص في المؤسسات الإعدادية بكل من جماعة السويهلة، مدينة تمنصورت، جماعة اكفاي، وبعض أحياء المحاميد و جليز التي تعرف طفرة عمرانية.
- وعموما فإننا نوصي بتدارك العجز في عدد المؤسسات خاصة الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي والذي نقدر حجمه في حوالي 18 مؤسسة ،هذا الخصاص ناتج أساسا عن تخلي الدولة عن بناء مؤسسات مبرمجة ضمن برنامج مراكش حاضرة متجددة، وأخرى تم التخلي عن بناءها أو التقاعس أو التغاضي عن ذلك.
- محاسبة ومساءلة المسؤولين عن تعثر أو اقبار مشاريع إحداث مؤسسات تعليمية كانت مبرمجة ولم يتم بناءها لحد الموسم الدراسي الحالي.
- إخراج بعض المناطق بالمدينة من العزلة في مجال التعليم كحي الزرايب والفخارة ببناء مؤسسة للتعليم الابتدائي والأولي، و بناء مدارس ابتدائية ببعض الدواوير بجماعة حربيل خاصة تلك التي تعرف ارتفاعا في الكثافة السكانية.
- تفادي استعارة الأقسام من مؤسسات ابتدائية لفائدة مؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي.
- وقف عبث إحداث أقسام للجذع المشترك و الأوليات بكالوريا بثانويات إعدادية.
- احترام وضمان الغلاف الزمني لكل المتمدرسين عبر وقف صيغة العمل بالتوقيت الثلاثي.
- إعادة العمل بالمكتبات المدرسية وإغنائها بالكتب والمقررات ىالدراسية وتوزيعها على التلاميذ المستحقين لها.
- وقف أية عملية تجعل من مالية جمعيات الآباء و الأمهات و الأولياء موارد مالية للترميم و التجهيز والإصلاح والبناء، التي تبقى مسؤولية الوزارة الوصية على القطاع، و جعل مداخيلها في خدمة أنشطة التلميذ فقط.
- الفصل في عمليتي التسجيل و إعادة التسجيل بين الانخراط في جمعية الآباء و آداء رسوم التسجيل.
- توظيف كل الإمكانيات المالية والتربوية والأطر للقضاء على الاكتظاظ والعمل بقوة على رفع جاذبية المدرسة العمومية باعتبارها الرافعة الأساسية لإعمال الحق في تعليم متكافىء وجيد ومجاني للعموم.”
التعليقات مغلقة.