المحاكم اصبحت خاوية على عروشها

بقلم محمد السعيد مازغ

الانتفاضة

نفَّذ المحامون تحذيرهم بمقاطعة جلسات المحكمة بعدما تأكد لهم ان باب الحوار بات مسدودا، وأن محاولاتهم خلال حوالي خمسة أشهر لم تأت بنتائج تذكر، وبالتالي فلم يعد أمامهم خيار سوى الالتزام بمكاتبهم بعيداً عن ردهات المحاكم وقضايا المواطنين في انتظار أي مستجد يعيد للعمل طبيعته، ويقطع مع سياسة الاستعلاء والتجبر، قانون يليق بانتظارات المتقاضين   ….     ويظهر من خلال اليوم الأول لمقاطعة المحامين للجلسات  أنها كانت ناجحة بكل المقاييس ، وكان لها الأثر الفعال على الحركية داخل المحاكم المغربية التي لم تستقبل كعادتها الأعداد الهائلة من الزوار.،          وحسب المتتبعين تمثل المقاطعة سيفا ذو حدين ،  فهي رسالة تحذيرية لمن يهمهم الأمر ، و رسالة واضحة للمتقاضين والعاملين تفيد بأن المحامي لا يدافع عن حقوقه الشخصية في معزل عن حقوق موكليه وتمكينهم من محاكمة عادلة تراعي مصالحهم وتعلي شأن العدالة، ومن زلات هذا المشروع ، منع المتقاضين من الطعن بالاستئناف في القضايا التي تقل عن 30.000 درهم. أو منع المتقاضين من الطعن بالنقض في القضايا التي تقل عن 80.000 درهم وغيرها من القرارات المجحفة في حق المواطن ، وبالنسبة للمحامين فهم يطالبون بتحسين الوضع المهني للمحامي المغربي، وضمان ممارسة سليمة وقانون سليم ومتطور وحداثي لمهنة المحاماة يواكب تطورات البلاد، إضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الاجتماعية للمحامي وما يتعلق بالتزاماته المالية تجاه الخزينة العامة للدولة. وغيرها من المطالب الموضوعية التي تتطلب الجلوس إلى طاولة الحوار  وطرح كافة القضايا و الإشكاليات الخلافية التي اعتبرت انتكاسة دستورية تطال مشروعي قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية،       

         يقول الأستاذ عبد الصمد الطعارجي حقوقي ومحام بهيئة مراكش إضافة إلى ما سبق ، هناك القانون المنظم لمهنة المحاماة الذي تسعى الحكومة إلى إفراغه من جانبه الحقوقي، وأيضا من جانبه النضالي، وحتى من جانب الدفاع عن حقوق المتقاضين ، فالمشروع يسعى إلى حرمان المواطن المتقاضي من حقه في حجز أموال الدولة والجماعات ، دون تحديد أجل معقول لذلك ، وفرملة التنفيذ ضد الدولة وإفراغ الأحكام القضائية من قوتها التنفيذية،..كما أن المشروع الذي جاء به وزير العدل “وهبي” يسعى إلى تأسيس جهاز عدالة طبقي، يراعي فقط وضعية أصحاب الجاه والأموال، ويقمع المواطن البسيط الذي لا مال له ولا سلطة ، ويلاحظ انه في حالة ما إذا كان هناك دين قدره 30 ألف درهم فمشروع القانون ينص على أن هذا النوع من القضايا التي لا تتجاوز هذا المبلغ يتم طيها في المرحلة الابتدائية ، على اعتبار أن الاستيناف ينظر فقط لما فوق 30 ألف درهم، وهذا حسب ما يبدو، له خلفيات مقصودة ، تهم الدفاع عن مصالح شركات القروض الصغرى وشركات التأمين والابناك.. لان هذه المؤسسات تسلم قروضا في هذه الحدود فاذا صدر حكم ابتدائي لصالحها بناء على امر بالاداء فلا يمكن للمواطن الاستئناف ولو انه يتوفر على الوسائل للدفاع عن نفسه وبذلك يحرم منها ، وأشار ذ عبد الصمد الطعارجي:” بالنسبة لمسألة النقض فقد حَدّدوه في المبلغ المالي المشار إليه أعلاه، علما ان النقض هو محكمة القانون التي لا تنظر إلى القيمة بقدر ما تنظر هل تم حسن تطبيق القانون او تمت الإساءة في تطبيقه، وهنا يظهر نوع من التحريف، فهم يحدّون بذلك من التطور التشريعي الذي يمكن أن يتحقق في المغرب .
وختم الأستاذ الطعارجي قوله:” هذه مجرد بداية تتحمل مسؤوليتها الحكومة وعلى رأسها وزير العدل الانسان الذي يهين المحامين.. مُنَبِّها إلى اهم الشعارات الحالية المرفوعة : “كرامة المحاماة وكرامة المحامين”, لان في كرامة المحاماة وكرامة المحامين تندرج ضمن كرامة المتقاضين وكرامة الشعب المغربي بكامله….    ارتباطا بالموضوع قال أحدهم: المحامون إذا غضبوا فهم يسلكون المساطر القانونية ويطرقون كل الأبواب المتاحة..، المحامون لا يستسلمون بمجرد هبوب ريح “الشركٓٓيالتي تكون في الغالب حارة وجافة , هم درسوا القانون وعلى علم بما لهم من واجبات وما عليهم من مسؤوليات.. هم يمارسون حقهم في التعبير وفقا للقانون ، والمعايير المعترف بها وأخلاقية مهنة المحاماة ، وبالتالي فلا يمكن لهم السكوت عن خرق مقتضيات الدستور، الشيء الذي دفع بالجمعية إلى  تحديد تاريخ فاتح نونبر كموعد لتنفيذ المقاطعة ، وسيكون بداية مسلسل تصعيدي ينخرط فيه أغلب المحامين إن لم تعجل الوزارة المعنية بفتح حوار حقيقي مع ممثلي هيئة المحامين، والدخول في مفاوضات تفضي إلى حلول ترضي كافة الأطراف المعنية وتزيل الاحتقان الذي يعيشه قطاع العدالة والذي إن طال سيكون له عواقب وخيمة وسيضر بمصالح المواطنيين وبصورة المغرب ” الديمقراطي”.، بسبب المقتضيات التي تضمنها كل من مشروع قانون المسطرة المدنية، ومشروع قانون المسطرة الجنائية، والتي اعتبرها المحامون

ردة تشريعية وخرقا للمقتضيات الدستورية”. ….                

كانت محاكم مراكش كباقي محاكم المغرب خاوية على عروشها لا طيرا يطير ولا وحشا يسير ولا حتى ثعبانا يزحف، وحدها قطة تجوب المكاتب وتتفقد قاعات المحكمة وكأنها تتساءل عن سر مقاطعة الجلسات المدنية والجنائية وصناديق الأداء، ومن يتحمل مسؤولية وضع العصا في العجلة  ، وتعطيل مؤسسات الدولة، وخلق الفتنة تلو الأخرى .                                                                                                            جمعية هيئات المحامين بالمغرب أشادت بوحدة صف المحاميات والمحامين بالمغرب وراء مؤسساتهم المهنية، وتنزيلهم بوعي ومسؤولية جميع الخطوات النضالية المقررة منذ بداية هذه المعركة ، والتي لن تخرج من النفق المسدود الا بالحوار الجاد والمسؤول الذي يراعي مصلحة المحامين دون تجاهل مصلحة المتقاضين والمهنيين وتجنب أي إرباك للمشهد العام للعدالة”.وحسب مصادر مهنية ، فإن هذه المقاطعة المفتوحة ستبتدئ من يوم الجمعة فاتح نونبر 2024 إلى غاية تحقيق المطالب في شموليتها ولن يقبلوا بالحلول الترقيعية أو بتجزيء ملفهم المطلبي.                                              محمد السعيد مازغ

التعليقات مغلقة.