عقب الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، يوم الخميس 24 أكتوبر، برئاسة الأمين العام، الأستاذ عبد الإله ابن كيران، أصدرت البلاغ التالي:
بلاغ
عقدت، بحمد الله وحسن توفيقه، الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، يوم الخميس 20 ربيع الثاني 1446هـ الموافق لـ 24 أكتوبر 2024م، اجتماعا استثنائيا، برئاسة الأخ الأمين العام الأستاذ عبد الإله ابن كيران، خصص للتعديل الحكومي الأخير وردود الفعل السلبية الكبيرة التي خلفها لدى الرأي العام، لا سيما وأن هذا التعديل جاء بعد ترقب طويل، وفي خضم استفحال مجموعة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ومن بينها استمرار توقف الدراسة والتداريب في كليات الطب والصيدلة لما يزيد عن 10 أشهر في غياب تام لتفاعل حقيقي وجاد من طرف رئيس الحكومة ووزيره في التعليم العالي الذي أصر على إدامة هذه الأزمة وعطَّل الإصلاح والتشاور بهذا القطاع الحيوي وتعامل بمنطق إقصائي وحزبي ضيق في التعيينات التي تخصه.
وبعد مناقشة مستفيضة ومسؤولة لسياق وتوقيت ومضمون هذا التعديل، تُعبِّرُ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عن المواقف التالية:
1) تَعْتَبِرُ الأمانة العامة أن التعديل الحكومي، وبعض التعيينات التي سبقته، ما هو إلى استمرار للتراجع عن المد الديمقراطي الذي عرفته بلادنا بعد دستور 2011 وتبخيس للعمل الحزبي والسياسي والسياسيين، وهو ما تجلى في محطات متعددة يشكل رئيس الحكومة الحالي أحد خُدَّامِهَا، سواء خلال “البلوكاج” الشهير بعد انتخابات 2016 أو في انتخابات 08 شتنبر 2021، من خلال تكريس نموذج تحكمي جديد بوصفة جديدة مبنية على استغلال الجمع بين المال والسلطة للتحكم في السياسة وفي الانتخابات وفي الإعلام…و”صباغة” الإدارة والمؤسسات بلون حزبي واحد ومن شركات رئيس الحكومة، وهو نموذج غير مستدام لا يليق بالمغرب وتاريخه، ويشكل خطرا على المسار الديمقراطي والتنموي والاستقرار الاجتماعي ببلادنا.
2) تُؤَكِّدُ الأمانة العامة أن مخرجات التعديل الحكومي والتعيينات الأخيرة في بعض المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية تُشَكِّلُ إساءةً للعمل الحزبي والسياسي وللسياسيين، واستغلالا غير مسؤول وتبخيسا لسلطة الاقتراح التي خولها دستور 2011 لرئيس الحكومة، سواء تعلق الأمر باقتراح أعضاء الحكومة أو باقتراح المسؤولين عن المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية، وهي للتذكير وللتاريخ سلطة واختصاصات جاءت نتيجة نضالات كبيرة خاضتها الأحزاب الوطنية والديمقراطية ببلادنا لتكريس مكانة الأحزاب والسياسة والسياسيين في التعبير عن إرادة المواطنين والمواطنات، ولتعزيز أدوار رئاسة الحكومة والحكومة في البناء المؤسساتي لبلادنا، ولتجسد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
3) تَعْتَبِرُ الأمانة العامة أن هذا التعديل المستفز والمخيب للآمال ، وبالإضافة لما سبق، تم خارج أي سياق أو منطق سياسي وتدبيري، إذ أن تعديلا وتغييرا بهذا الحجم يبقى غير مناسب وغير مُجدي في الوقت الذي شرع فيه مجلس النواب في مناقشة مشروع قانون المالية السنوي، وفي الوقت الذي شرع فيه مجموعة من الوزراء -الذين تم تغييرهم- في تطبيق ما قدمته الحكومة على أنه استراتيجيات وبرامج وأولويات مستعجلة. كما تعتبر أن هذا التغيير جاء متأخرا جدا فيما يرتبط بأزمة توقف الدراسة بكليات الطب والصيدلة لمدة غير مسبوقة ويَنِمُّ عن عدم المسؤولية وغياب الاستباقية، إذ كان الأحرى برئيس الحكومة أن يبادر إلى طلب إعفاء وزير التعليم العالي منذ مدة وبمجرد ما تبين للجميع أن هذا الوزير يفتقد للمسؤولية ويشكل حجر عثرة أمام أي حل لهذه الأزمة الخطيرة.
4) تَسْتَغْرِبُ الأمانة العامة بشدة احتفاظ رئيس الحكومة بوزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي ضمن التشكيلة الحكومية المعدلة، بالرغم من تصريحاته المستفزة لشعور المواطنين والمنافية لثوابت الأمة ودفاعه المستميت عن العلاقات الرضائية، واستهزائه بحديث نبوي شريف، واحتقاره للمواطنين، وتبخيسه لعمل مؤسسات دستورية من مثل الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وفي تجاهل تام لما أثاره هذا الوزير من غضب واحتجاجات لدى عموم مهنيي وموظفي قطاع العدل من المحامين والموثقين وكتاب الضبط والمتبارين لولوج مهنة المحاماة وغيرهم…
5) تُؤَكِّدُ الأمانة العامة أن “البروفايلات” التي اقترحها رئيس الحكومة، بوصفه رئيسا لحزبه، وفضلا عن كونها تكذب شعار “حزب الكفاءات” ووعود “تستاهلو أحسن”، فإنها تشكل كذلك استخفافا كبيرا بأولويات كبيرة وقطاعات استراتيجية وحيوية من مثل قطاعات التربية والتكوين؛ والصحة والحماية الاجتماعية؛ والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي؛ وتكرس توجها نحو مزيد من خوصصة وتسليع الخدمات العمومية الأساسية كالتعليم والصحة، كما أنها تؤكد من جهة أخرى مخاطر وصفة الجمع بين المال والسلطة، إذ أن رئيس الحكومة يتصرف كرئيس شركة ولا يجد أي حرج في اقتراح من هم شركاء تجاريون له أو مستخدمون لديه، كما أن اقتراحه يدور كل مرة في فلك مساعدين له في الوزارة التي كان يرأسها سابقا أو في رئاسة الحكومة حاليا.
وتنبه الأمانة العامة في هذا الصدد إلى خطورة سيطرة رئيس الحكومة وحزبه من خلال هذه التعيينات على مؤسسات اجتماعية وطنية على تَمَاسٍّ مباشر بمواطنين ومواطنات في وضعية هشاشة، وتحذر مما سيترتب عن ذلك من استغلال حزبي وانتخابي لهذه المؤسسات الوطنية، كما هو الحال بالوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي ووكالة تنمية الأطلس الكبير…
وبخصوص برنامج الأنشطة السياسية والتنظيمية المقبلة، سينظم بحول الله حزب العدالة والتنمية:
• مهرجانا خطابيا وطنيا إحياءً للذِّكرى الأولى لطوفان الأقصى، يوم غد السبت 26 أكتوبر بمدينة الدار البيضاء ؛
• ندوة حول مستجدات ملف الصحراء المغربية، يوم الخميس 31 أكتوبر بالرباط ؛
• ندوة خارجية حول حصيلة تجربة الحزب وآفاق عمله، من تنظيم اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع للحزب يوم السبت 02 نونبر بالرباط ؛
• الاجتماع النصف سنوي للجنة الوطنية للحزب، مساء يوم السبت 02 نونبر ويوم الأحد 03 نونبر.
• كما قررت الأمانة العامة عقد ندوة صحفية خلال الأيام المقبلة لتقديم قراءتها وملاحظاتها بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2025.
الجمعة 21 ربيع الثاني 1446هـ الموافق لـ 25 أكتوبر 2024م
إمضاء:
الأمين العام
ذ. عبد الاله ابن كيران
بلاغ الأمانة العامة: التعديل الحكومي مستفز ومخيب للآمال ويعكس تراجعا ديمقراطيا
السابق بوست
التعليقات مغلقة.