الانتفاضة // مصطفى الفن
عندما أطاح السيد عزيز أخنوش بالفاعل السياسي رقم واحد في المغرب وتصدر انتخابات 8 شتنبر 2021، فقد حصل عند الملياردير ما يشبه هذا “الاقتناع”:
“الزعامة السياسية سهلة ولا تتطلب تقريبا أي شيء”..
وأقول هذا ولو أن الذي أطاح، حقيقة، بالفاعل السياسي رقم واحد في المغرب هم أهله وهم أبناؤه قبل خصومه..
وطبيعي أن تكبر مثل هذه “الأساطير المؤسسة للزعامة” في وجدان رجل مثل أخنوش الذي وفد على السياسة من نافذة التجارة..
وهذا ما فهمته من السيد إدريس جطو وأنا أحاوره ذات يوم بمنزله هنا بالدار البيضاء:
“نعم أنا الذي جئت بأخنوش وبساجد وبرجال أعمال آخرين إلى السياسة بتعليمات ملكية من الراحل الحسن الثاني”..
وكيف لا تكبر هذه الأساطير عند أخنوش وقد استطاع أن “يحنت” “الحزب الإسلامي” في قضية دخول الاتحاديين إلى حكومة العثماني ضدا على إرادة العثماني نفسه.
بل ضدا أيضا على إرادة عبد الإله بنكبران الذي قال في تجمع خطابي بالواليدية:
“إيلا دخل فلان إلى الحكومة راني أنا ماشي أنا”..
وبالطبع، فقد شعر أخنوش بالإنتشاء وهو يرى كيف أن “الحزب الإسلامي”، الذي كانت أطراف كثيرة في الداخل والخارج تحسب له ألف حساب، انهار في بضع ثوان كما لو أنه بيت عنكبوت..
أخنوش فعل ما فعل، وهو، تقريبا، بلا حزب سياسي وبلا ماض سياسي وبلا مشروع سياسي لكنه تمكن من “هزم” حزب بمسار سياسي طويل فاق 40 سنة.
وكم أخطأ أخنوش أيضا عندما فهم السياسة وصراعاتها ودسائسها وتناقضاتها بلون واحد هو لون “مخطط المغرب الأخضر”.
وأقصد أن أخنوش توهم أن المغرب “أرض قاحلة” وأن السماء اختارته ليحرثها طولا وعرضا فقط..
حصل كل هذا فقط لأنه أطاح ب”الوحش” وشكل حكومة ونخبة على مقاسه وعلى مزاجه.
لكن أخنوش نسي الأهم، ونسي حقيقة سوسيولوجية، وهو أنه مجرد “بديل عرضي” في سياق سياسي خاص قد تتغير معطياته بين عشية وضحاها وفي أي وقت.
بل إن أخنوش نسي ربما أيضا أن المخزن، كفاعل مركزي في النسق السياسي، قد يتغذى حتى من معارضيه..
وإذا كان الأمر كذلك، فكيف لا يأكل واحدا من أبنائه في “أوقات الشدة”؟..
كما توهم أخنوش أيضا أن ربح الانتخابات وتسيير حكومة وتسيير الجماعات الترابية وتدبير شؤون المغاربة لن يكلفه أي شيء..
والسبب هو أن “الكل” معه..
وفي مقدمة هذا “الكل” عقل السلطة وقلبها..
وفات زعيم الأحرار أن ينتبه إلى حقيقة أخرى، وربما بعمق سوسيولوجي أيضا، وهي أن السلطة بلا قلب وبلا مشاعر وتكره الحب وتعادي الرومانسية.
وكم أخطأ أخنوش أيضا عندما توهم بأن “الزعامة السياسية” ليست مسارا طويلا وشاقا يبنى “حجرة بحجرة”..
الزعامة السياسية، بالنسبة إلى أخنوش، هي مجرد “ميساج” قد ينزل من “الفوق” لا أقل ولا أكثر..
أما الذين يوجدون “التحت”، ومعهم كل الأصوات المشوشة على سياسته وعلى برامجه فيمكن، ربما، إسكاتهم بدفاتر الشيكات وبإعلانات بنزين إفريقيا..
والباقي تفاصيل صغيرة لا تهم..
التعليقات مغلقة.