الانتفاضة ــ طيب محمد
كشفت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في تقريرها السنوي الأخير لسنة 2023، أن الفساد يعتبر من أبرز المعقيات والتحديات التي تواجه التنمية في المغرب، وخاصة في جهة مراكش آسفي التي تصدرت قائمة الجهات فيما يتعلق بعمليات ضبط الرشوة والفساد خلال السنوات الأخيرة.
لذا، فإن مكافحة الفساد في جهة مراكش آسفي تعتبر من أبرز التحديات التي تواجه التنمية المستدامة داخل الجهة على كافة المستويات والصعد، حيث أظهرت التقارير القضائية الأخيرة تصدر هذه الجهة على مستوى حالات التلبس بالرشوة.
فوفقا لتقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2022، فإن الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة، الذي تم إطلاقه عام 2018، تلقى أكثر من 69,850 مكالمة، بمعدل 100 مكالمة يومياً، مما يعكس استجابة بعض المواطنين ورغبتهم في محاربة هذه الظاهرة؛ لكن الاستجابة تظل ناقصة بالنظر إلى خطورة الظاهرة والحاجة الملحة إلى استئصالها واجتثاتها قصد تنزيل أوراش التنمية، ولخطورتها أيضا على كافة المؤشرات الماكرواقتصادية وعلى السلم الاجتماعي برمته محليا وجهويا ووطنيا.
جهة مراكش آسفي تتصدر المشهد
جهة مراكش آسفي تصدرت قائمة الجهات التي شهدت أكبر عدد من حالات التلبس بالرشوة، حيث تم تسجيل 51 حالة في هذه الجهة، متفوقة (ويا ليتها تفوقت في التنمية أو في المؤشرات الاقتصادية أو…)؛ متفوقة بذلك على جهات أخرى مثل الدار البيضاء سطات (41 حالة) والرباط-سلا-القنيطرة (39 حالة). هذه الأرقام تؤكد حجم التحديات التي تواجهها جهة مراكش آسفي في مجال مكافحة الفساد.
الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة: أداة فعالة لمكافحة الفساد يقتضي انخراط المواطنين والمواطنات
منذ انطلاق الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة، تلقى ما مجموعه 69,850 مكالمة، بمعدل 100 مكالمة يوميا، ما يعكس الوعي المتزايد لدى المواطنين بأهمية الإبلاغ عن جرائم الفساد. ساعد هذا الخط في ضبط 243 عملية رشوة، حيث تم توقيف المشتبه فيهم متلبسين، بمعدل حالتين أسبوعيا.
لكن وبالنظر للقضايا الرائجة امام المحاكم على مستوى المملكة المغربية من طنجة إلى لكويرة، فإن أغلب قضايا الفساد الرائجة كانت بناء على شكاوى مباشرة، لذا يظل تفاعل المواطنين مع الخط المباشر لرئاسة النيابة العامة للتبليغ عن الفساد،في حاجة إلى اهتمام أكثر وتفاعل مستدام نظرا لفاعليته، في سبيل ترسيخ مبدأ تملك المواطن المغربي للتنمية المستدامة بكافة تجلياتها عبر استئصال مرض الرشوة العضال.
متابعات قضائية وأحكام بالإدانة
بالنسبة لمصير القضايا المتعلقة بالفساد، أوضح تقرير النيابة العامة أن غالبية الحالات التي تم ضبطها انتهت بأحكام قضائية تدين المتورطين. حيث تم إصدار 25 حكما ابتدائيا بالإدانة، بينما تم الحكم بالبراءة في 16 حالة. وما تزال بعض القضايا الأخرى في مراحل التحقيق والمحاكمة، مع وجود 11 قضية قيد البحث و 5 قضايا قيد التحقيق.
الفساد المالي وضرورة الإصلاحات
رغم الإنجازات القضائية في ملاحقة الفساد وطنيا وعلى مستوى جهة مراكش آسفي، لا تزال التحديات قائمة، خاصة فيما يتعلق بالجرائم المالية. تحتاج الجهود إلى تعزيز الرقابة والمتابعة المالية بشكل أفضل لضمان الحد من انتشار الفساد في المؤسسات الحكومية والخاصة والمصالح اللاممركزة جهويا.
كما يعد التنسيق بين مختلف المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد وتطبيق الإجراءات القانونية بشكل صارم جزءا أساسيا لضمان نجاح هذه الجهود.
نحو بيئة خالية من الفساد
في ظل هذه المعطيات، يتضح أن جهة مراكش آسفي تحتاج إلى مواصلة الجهود لمكافحة الفساد على جميع المستويات، سواء من خلال تعزيز آليات التبليغ أو من خلال تطبيق العقوبات الرادعة.
ويبقى تعزيز الشفافية والرقابة الفعالة من الركائز الأساسية لتحقيق بيئة أكثر نزاهة وعدالة في المغرب على المستوى الوطني والجهوي. دون أن ننسى دور الإعلام الكبير في الرقابة المستقلة والمستدامة لتنزيل ورش المواطنة الحقيقي المتمثل في وطن ينعم فيه المواطن بالفرص وكل الحقوق دون أن يؤدي عليها المقابل المجرّم شرعا وقانونا؛ خلسة أو من وراء حجاب.
للتذكير، فإنه بتاريخ 14 ماي 2018، جرى إطلاق الخط المباشر للتبليغ عن الفساد والرشوة، استرشادا بتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس التي ما فتئت تحث على تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة ومكافحة الفساد، حيث قامت رئاسة النيابة العامة بإحداث آلية لتلقي شكايات وتبليغات المواطنين بشأن الرشوة ومختلف صور الفساد، باعتبار ذلك من أولويات السياسة الجنائية وفق ما جاء في منشور رئيس النيابة العامة رقم 1 المؤرخ في 07 أكتوبر 2017.
ويتعلق الأمر بخط مباشر موضوع رهن إشارة المواطنين طيلة أيام العمل من الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى الرابعة والنصف بعد الزوال، بحيث بإمكان المواطنين التبليغ عما يتعرضون له من ابتزاز أو رشوة أو ما يقفون عليه من جرائم الفساد وذلك بالاتصال بالرقم (0537718888).
التعليقات مغلقة.