الانتفاضة/ محمد خلوقي
في ما مضى كانت الاسرة هي المسؤولة الاولى عن التربية ، اما المدرسة على اختلاف فضاءاتها ومسمياتها ( لمسيد – الكتَّاب ..)فقد أوكلت لها بالدرجة الثانية مهمة التعليم والتكوين ، واحيانا تساعد الاسرة في بعض الجوانب التربوية ، لكن الذي حدث – في الزمن المعاصر -ان الاسرة قد تراجعت عن مسؤوليتها الاساسية في التربية والتنشئة ، فاكتفت فقط (بالتغدية) وتوفير الحاجيات بدل (التربية )وحسن التسيير ، فانهكت نفسها فقط في توفير مستلزمات العيش من: سكن عذاء وكساء وسفر ، وتركت الابناء في هرج ومرج ، تتلاطمهم امواج العبثية والحداثة المزيفة. والواقع يؤكد ان بعض الامهات صِرن خبيرات بالاسواق ، وأماكن التبضع ، ويعرفن كل صغيرة وكبيرة عن سوق الخضر والملابس والمطبخ ، ولا يعرفن عن حاجيات ابنائهن من التربية والتوجيه ، وحسن والإنصات الا النزر القليل .. وكذلك هو واقع حال الآباء، فخبرتهم بتفاصيل الدروب الموصلة الى مقر العمل ، وطرق الترقي والكسب صارت اكبر من البحث والتنقيب عن طرق فعالة لتربية سليمة ، وكذالك نجد ان معرفتهم بتشكيلات ، وحياة لاعبي كرة القدم ، او عدد المقاهي والنوادي ومنتجعات الصيف وحالة الطقس ، تفوق معرفتهم بالاحوال النفسية لابنائهم .
لهذا لاسبيل الى صلاح أي مجتمع ، واستمرارية وجوده وبقائه وفق القيم الاصيلة والصحيحة ، إلا بحسن إعداد نواة الاسرة ، ( الزوج والزوجة )وتوعيتهما بمسؤولياتهما التربوية والانسانية والحضارية..
وهكذا فبصلاح الزوجين سيصلُح حال الابناء تربويا وتعليميا وسلوكيا وقيميا ، وبهذه النتيجة سيتحقق الهدف الاعلى وهو صلاح المجتمع ، ونهضته ، وتطور ه في جميع النواحي .
أما إن اقتصرَ الامر على مجال التغدية، والتسْمين ،والتزيين والترفيه والتسْفيه، وما شابه ذلك ، فالاكيد ان المجتمع سيفقد الكثير من خصوصياته الانسانية.وسيجد بين ظهرانه اجيالا وأجسادا ضعيفة و هشَّة ومنبطحة ومتَّدمرة ، او عنيفة ومتطرفة ومُدمِّرة ،
التعليقات مغلقة.