الانتفاضة// ابن الحوز
لا زالت الخيام تزين كل الامكنة والازمنة باقليم الحوز و الذي شهد زلزالا عنيفا اتى على الاخضر واليابس وحول الاقليم برمته الى خراب ودمار ويباب وذلك خلال الثامن من شتنبر من السنة الماضية (2023).
لقد حول الزلزال الاليم الاقليم برمته الى مجموعة من الخيام، والتي كانت تاوي اليها عددا من المواطنين المنكوبين والمجروحين والمعطوبين والحاملين لاهات الخروج من مغرب الهامش والمغرب العميق الى مغرب الكرامة والعزة والانفة وهو ما لم يتحق الى حدود كتابة هذه السطور.
لقد عاش مواطنو الجبل على الام عدة وجراحات متكررة ساهمت فيها الاجهزة الوصية والحكومة التي كانت تراهن على قضاء مصالحها الخاصة، والبحث عن مراكمة الاموال، وترك سكان الحوز وسكان الجبل يقضون العيد الثاني على التولي (عيد الفطر وعيد الاضحى للسنة الماضية وهذه السنة) وسط الانقاض، وبين احضان الدور المهدمة وصرخات الاطفال، وعجز الكهول ودموع التكالى والمقهورين والمنبوذين والمهمشين والمقصيين في مملكة لها من الخيرات ما لا تعد ولا تحصى، ولكن تستفيد منها طغمة قليلة ولها ركيزة في الرباط.
لقد عاش ولا زال يعيش المواطنون باقليم الحوز على الام الفقد والوجع والالام التي لا زالت مستمرة الى يوم الناس هذا، وذلك وسط الاهمال الفضيع لحكومة كان من الاجدر ان تنخرط ذات اليمين وذات الشمال من اجل ان تحفظ لهؤلاء الكرامة وعزة النفس، لكن لا شيء من ذلك تحقق للاسف الشديد، وبقي المواطنون هناك بين الجبال والتلال والفيافي يواجهون مصيرهم بانفسهم، وسط وعود ببناء المنازل وترميمها واعادة اعمار اقليم الحوز، لكن بقيت كل تلك الوعود مجرد شعارات رفعت حينها من اجل دغدغة المشاعر لا اقل ولا اكثر للاسف الشديد.
وفي نفس السياق برز اتجاه اخر يحاول كل مرة ان يكون الى جانب الجهات الرسمية بدون ان يكلفه احد بذلك، وادعاء ان الحكومة تقوم بواجبها تجاه سكان الجبل وضحايا زلزال الحوز من قبيل بعض المسؤولين وبعض الحكوميين وبعض المنتسبين للاعلام والصحافة، لكن الواقع يكشفه الواقع نفسه، والذي يوحي ومن غير رتوشات ولا اصباغ ولا مساحيق تجميل ان الوضع باقليم الحوز لا زال عصيا على الحل، وان الساكنة لا زالت تعيش اوضاعا ماساوية منذ سنة تقريبا، وان كل الوعود التي اعطيت بقيت حبرا على ورق، ولم يتم انجازها كما تم التصريح بذلك ابان وقوع كارثة الزلزال.
وكابن الحوز ولي عائلات واهالي واصدقاء يسكنون في مختلف مناطق الاقليم، واصابتهم كذلك اثار الزلزال وهدمت لهم منازل، واصيبوا في ممتلكاتهم واغراضهم وارواحهم، ولازالت اوضاعهم كما كانت لم تتبدل ولم تتغير، ولم يتم الاستجابة لابسط حقوق هؤلاء المواطنين الذين يعتبرون كونهم ابناء المغرب العميق الذي لا حق لهم في الطرق المعبدة والماء والكهرباء والتنمية الشاملة والبنية التحتية وغيرها من عناصر التنمية.
والغريب في الامر ان الحكومة تعرف وتدرك ان اثار الزلزال الاليم والذي اصاب اقليم الحوز لم تلتأم جراحه منذ مدة ليست بالقليلة، لكنها في الان نفسه لم تستطع ان تتحرك قيد انملة ولم تعط النموذج الحي في البذل والعطاء ولم شمل الاسر المتضررة والمنكوبة، والتي فقدت ارواحها وممتلكاتها، بل ومن الاسر والعائلات من فقدوا كل وشيء، ولم يبق لهم الا رحمة الله تبارك وتعالى.
حري بالجهاز الحكومي والذي يظل طوال الوقت يبشر بالتنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والانصاف وضمان حقوق الانسان في المنتديات وفي اللقاءات الصحفية وفي النشرات الاخبارية وعلى شاشات التلفاز، حري به ان يسارع الخطى من اجل انقاذ ما يمكن انقاذه، حتى لا تستفحل الاوضاع ويتم ارجاع الكرامة المهدورة لمغاربة الجبل وسكان اقليم الحوز الذين لا زالوا يعانون الويلات مع تبعات هذا الزلزال الاليم.
كما انه وجب على المسؤولين الحكوميين والمسؤولين الاقليميين والجهويين والمحليين ان يبادروا الى تنزيل الخطابات الرسمية لجلالة الملك محمد السادس، والذي حرص بنفسه على اعطاء النموذج في التنقل الى عين المكان من اجل الاطمئنان على رعاياه، واعطاء دمه الشريف من اجل انقاذ المصابين والمعطوبين، كما اعطى جلالته اوامره الصارمة من اجل اعادة البناء واعادة الاعمار لفائدة المنكوبين.
بقي ان نشير الى ان زلزال الحوز كان علامة فارقة على ابراز التمايز الطبقي بين مغاربة يسكنون المدن، ولهم من الامكانيات ما الله به عليم، وبين طبقة فقيرة تسكن الجبل ومعرضة لكل انواع التعرية من برد قارس وحرارة مفرطة، اضافة الى صعوبة ظروف العيش في الخيام، رغم الوعود التي اعطيت للمتضررين باعادة البناء واعادة الاعمار، الا ان ذلك لا زال حبيس رفوف الاجهزة الوصية و المسؤولين سواء في الرباط او غيره.
التعليقات مغلقة.