الانتفاضة // كوتر الداوودي // صحفية متدربة
سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير لها يوم الأربعاء 15 ماي 2024، الضوء على ثورة صناعة السيارات و استعداد المغرب للدخول في عصر السيارات الكهربائية.
الصحيفة وصفت التجربة المغربية في مجال صناعة السيارات ب”الناجحة”، فالمغرب نجح في تنمية صناعة السيارات، و حتى وقت قريب، “لم يصدر المغرب و لو سيارة واحدة” ليصبح الان الأكبر في أفريقيا في أقل من عقدين في هذه الصناعة، وأصبح يوزد أوروبا بعدد من السيارات “أكبر مما تزود به الصين أو الهند أو اليابان، ولديه القدرة على إنتاج 700 ألف سيارة سنويا”.
و استعرضت الصحيفة العوامل التي ساهمت في هذه الثورة في صناعة السيارات بالمغرب، و أهمها الضوابط و التوازنات الديمقراطية، و كذلك الحوافز التي تعرضها الحكومات لجذب الاستثمارات كاليد العاملة الرخيصة و تبسيط المساطر الادارية فالشركات “يمكنها الحصول على الموافقة لإنشاء مصانع جديدة وإكمال البناء في أقل من خمسة أشهر”.
كما أن تطوير البنية التحتية في المغرب ساهم في هذه القفزة الاستثنائية، و منها توسيع الموانئ ومناطق التجارة الحرة والطرق السريعة، تقول واشنطن بوسط. كما عرضت الحكومة المغربية دعما يصل إلى 35% على الشركات المصنعة لإنشاء مصانع في المناطق الريفية النائية خارج طنجة، حيث تنتج رينو الآن كليوس وكذلك “داسيا سانديروس”، سيارة الركاب الأكثر شعبية في أوروبا، وتخطط قريبا لبدء تصنيع سيارات “داسيا جوجرز”.
و تنشط حاليا في المغرب أكثر من 250 شركة تصنع السيارات أو مكوناتها، حيث تمثل صناعة السيارات الآن 22% من الناتج المحلي الإجمالي و14 مليار دولار من الصادرات. كالشركات الصينية واليابانية والأمريكية والكورية التي تنشط في صناعة المقاعد و المحركات و ممتصات الصدمات والعجلات في مدينة طنجة للسيارات، وهو مجمع كبير لمصنعي قطع غيار السيارات، كما تعتبر شركة “رونو” الفرنسية أكبر هذه الشركات، وهي أكبر جهة توظيف في القطاع الخاص في البلاد.
كما تطرقت “واشنطن بوست” إلى إحدى النقط المهمة ألا و هي “اليد العاملة الرخيصة”، و نقلت عن رياض مزور ،وزير الصناعة، أن المغرب سعى منذ البداية إلى “تقديم ما هو أكثر من العمالة الرخيصة لشركات صناعة السيارات الأجنبية التي تبحث عن أماكن جديدة لبناء السيارات وإنتاج قطع الغيار”، فخلق فرص عمل و توظيف قوة عاملة شابة ومتنامية كان جزءا من خطة التصنيع لعام 2014.
و توظف صناعة السيارات 220 ألف شخص، كما تدفع شركات صناعة السيارات الكبرى لعمال المصانع في المغرب أقل مما تدفعه في أوروبا. و لكن حتى مع الرواتب التي تعادل ربع الحد الأدنى للأجور الشهري في فرنسا البالغ 1766.92 يورو (1911.97 دولار)، فإن الوظائف تدفع أكثر من متوسط الدخل في المغرب، يقول نفس المصدر.
و مع التحول التدريجي في قطاع صناعة السيارات، و الاتجاه العالمي نحو السيارات الكهربائية، نقلت الصحيفة عن مسؤول مغربي أن المملكة قادرة على التعايش مع أوروبا وأفريقيا والولايات المتحدة، و في وقت تعمل فيه أوروبا على التخلص التدريجي من محركات الاحتراق خلال العقد المقبل، تستعد شركات صناعة السيارات مثل رونو للتكيف في المغرب، كما أن سجل نجاح الشركة في المغرب يجعلها وجهة جذابة للآخرين للاستثمار، خاصة في السيارات الكهربائية.
كما تعمل الشركات في المغرب على تصنيع السيارات الكهربائية للعملاء حسب الحاجة، و مع تشجع الولايات المتحدة والدول الأوروبية شركات صناعة السيارات على إنتاج السيارات الكهربائية “على الأرض”، يجد المغرب نفسه مضغوطا مع قيام الدول التي تتنافس على مزايا إنتاج السيارات الكهربائية بسن سياسات لحماية صناعات السيارات المحلية لديها، خاصة مع كون المغرب سوقا حرة تتجنب التعريفات الجمركية والحواجز التجارية.
و أوردت الصحيفة اتجاه الحكومات الغربية إلى سن سياسات لتعزيز إنتاجها من السيارات الكهربائية. كإقرار فرنسا والولايات المتحدة إعفاءات ضريبية وحوافز العام الماضي للمستهلكين الذين يشترون السيارات الكهربائية المصنعة في أوروبا أو أمريكا الشمالية، و هو ما يثير تخوفات لدى المغرب، حيث صرح رياض مزور قائلا: “إننا نعيش في عصر جديد من الحمائية”، “نحن نعيش في حالة من عدم الاستقرار فيما يتعلق بقواعد التجارة التي تجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لدول مثل المغرب التي استثمرت بكثافة في التجارة المفتوحة والحرة والعادلة”.
التعليقات مغلقة.