يوجد في كل مدينة تقريباً مكان في شارع ما أو مكان تقف فيه مجموعة من النساء ينتظرن حظهن من عمل عابر ولو لنصف يوم، إنهن «خادمات الموقف» كما يصطلح عليه في المغرب. هن محط شكوك ونظرة غير لائقة، لكن هناك من يستعين بعضلاتهن في بعض الأشغال المنزلية الكبرى. في «الموقف» حكايات لوضعيات صعبة تكشف عنها «سيدتي نت» في هذا التحقيق.
الزمان الساعة السادسة صباحاً، المكان قرب إحدى إشارات المرور في الشوارع الرئيسة للعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، حيث تتجمع عشرات النساء من الأرامل والمطلقات والأمهات العازبات من الطبقة الفقيرة في المغرب، يعرضن خدماتهن للراغبين في خادمة تتقن كل مشاق التنظيف والغسيل بأجرة يومية، لا تتعدى غالباً 100 درهم في اليوم، بهذا المبلغ الزهيد قد يقعن ضحية كل أنواع الاستغلال.
لكل واحدة قصة
تقول سعاد، 33 سنة، وهي عاملة كخادمة موقف منذ 5 سنوات: نلتحق بالموقف مع بزوغ الشمس، لكل واحدة منا قصة تختلف عن غيرها، ولكل منا ظروف أسوأ من غيرها، لهذا نتسابق كلما لمحنا سيارة تقترب. أعيل 4 أطفال، محيطي ينتمي إلى الطبقة الفقيرة، أي ليس لي أحد يساعدني أو يساعد أطفالي. في البداية كنت أعمل لدى عائلة بشكل مستمر، لكنهم كانوا يطلبون مني البقاء ليلاً؛ يتعارض هذ مع واجبي كأم خاصة أنهم من دون أب يراقبهم، فرفضت. هنا في الموقف أبحث عن لقمة عيش حلال، ولا تهمني نظرات الناس أو تعليقاتهم، ماداموا لم يقدموا لي يوماً مساعدة. ورفضت، وكلما سمعت إهانة أتحملها؛ فلا شيء أقسى من أن أعود مساء إلى منزلي فارغة اليدين.
صبر ومصاريف قليلة
تتميز خادمات الموقف بصبرهن وتحملهن لكل أنواع الأعمال المنزلية، كتنظيف الملابس والأواني والحيطان والأغطية والفرش والطبخ…» زيادة على أنهن غير مكلفات من حيث الإقامة، ومصاريف الأكل، والأجرة جد بسيطة مقارنة مع الخادمات الدائمات.
عوامل كلها قد تجعل المستخدم يجردهن من إنسانيتهن ويعاملهن بقسوة وتعالٍ.
تحكي فاطمة لـ«سيدتي نت» طليقي رماني في الشارع أنا وطفلتي حين كان عمرها سنة وثلاثة أشهر، من هذا المكان الذي يسخر منه جل الناس أعلت ابنتي التي هي الآن طالبة في البكالوريا، ومن تستمر في الالتحاق بالموقف لسنين عديدة فأعلم أنها أمينة وشريفة، تريد كسب رزقها من عرق جبينها، حتى ولو كانت هذه المهن جد بخيلة معنا وقاسية علينا، تجبرنا على أن نترك كرامتنا في البيت قبل الخروج لعرض خدمات تنظيف لمنازل نساء أمثالنا.
جدار التحرش
العديد من خادمات الموقف يصطدمن بجدار التحرش في أغلب البيوت التي يدخلنها. وهذا ما حصل مع سميرة، 21 سنة، التي حكت لـ«سيدتي نت» عن تجربتها: «أنا أم عزبة، أنجبت طفلاً من علاقة غير شرعية فغادرت مدينة أغادير، جنوبي المغرب، إلى الدار البيضاء خوفاً من كلام الناس، فامتهنت هذه المهنة، لكن في أغلب الأحيان أتعرض للتحرش من طرف المشغل، الذي يعاملني كمومس، ويحاول التطاول علي إما لفظياً أو جسدياً لا أجيد عمل أي شيء غير الأعمال المنزلية، لهذا أنا هنا».
ضحايا
يقول محسن بناني، أستاذ علم الاجتماع، إن هذه الفئة هي ناتجة عن المشاكل الاقتصادية، داخل المجتمع، كما أنها ضحية الدول التي لا تسن قوانين تحمي الشغيلة، أما فيما يخص ما تتعرض له النساء العاملات في هذا المجال من معاملات لا إنسانية فهذا راجع إلى الذهنية، التي تربط كل من يقدم لنا خدمة معينة مقابل المال، أن لديه الاستعداد لتقديم كل الخدمات الأخرى، أي بشكل آخر هو اغتنام حاجة الخادمة للمال للتحرش بها واستغلالها جنسياً.
التعليقات مغلقة.